قرب الإعلان عن موعد قمة برلين الليبية... والسرّاج مدعوّ إلى روما

11 يناير 2020
جهود دولية لاستئناف المفاوضات (إتيان لوران/فرانس برس)
+ الخط -
تتواصل الجهود الدولية لوقف القتال الدائر في ليبيا وإقناع الأطراف هناك باستئناف العملية السياسية، في وقت وجهّت فيه الحكومة الإيطالية دعوة رسمية لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، لزيارة روما. يأتي ذلك في وقت كشفت فيه مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أنّ التحضيرات لقمة برلين شارفت على نهايتها، والإعلان عن القمة سيكون خلال ساعات.

وأكد دبلوماسي ليبي، لـ"العربي الجديد"، أن السراج تلقى خلال الساعات الماضية دعوة رسمية من رئيس الحكومة الإيطالية، جوزيبي كونتي، لزيارة روما، مشيراً إلى أنّ وزير الداخلية الليبي، فتحي باشاغا، لا يزال في إيطاليا برفقة شخصيات ليبية رفيعة مقربة من السراج لإجراء مباحثات عدّة تعاطياً مع جهود أوروبية لوقف القتال في ليبيا.

وكانت روما قد استضافت اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الأربعاء الماضي، في وقت كانت أوساط أوروبية وأميركية تحاول إقناع السراج، الذي كان وقتها في زيارة رسمية لبروكسل، بالتوجه إلى روما وبدء مفاوضات غير مباشرة مع حفتر لمناقشة كيفية وقف القتال.

ورفض السراج التفاوض مع حفتر، متحججاً بخطأ في البروتوكول، إذ استقبلت الحكومة الإيطالية حفتر قبل استقبال رئيس الحكومة المعترف بها دولياً.

لكن الدبلوماسي الليبي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، كشف النقاب عن إصرار واشنطن على المضي في اتجاه المفاوضات، ودفع الأوروبيين إلى الانخراط في تلك الجهود تمهيداً لإرجاع الملف الليبي والتحضير لقمة برلين.

وعن إمكانية قبول السراج زيارة روما، قال الدبلوماسي إن "ذلك مرجح بشكل كبير خصوصاً أن حفتر لم يعد في روما"، لافتاً إلى أن" الحكومة أبدت استعدادها للترحيب بأي جهد دولي للسلام من شأنه إيقاف الحرب، لا سيما الجهود الألمانية".

ورجح دبلوماسي ليبي أن يتم الإعلان عن موعد انعقاد قمة برلين بشأن ليبيا خلال الساعات المقبلة، مؤكداً أن لقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم السبت، على علاقة بالأمر.

وقال الدبلوماسي، لـ"العربي الجديد" إن أوساطاً مقرّبة من مشاورات برلين أكدت انتهاء التحضير للقمة، وأن الإعلان عنها سيكون خلال الساعات القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن جهودا تبذل حالياً في روما من أجل إقناع أطراف القتال في ليبيا بوقف إطلاق النار، قبل بدء القمة التي سيحدد لها مسارين: الأول في برلين بين الأطراف الفاعلة في الملف الليبي، والثاني حوار ليبي بين لجان يشكلها مجلسا الدولة والنواب".

وأكد الدبلوماسي أن القمة ستعقد في ما تبقى من أسابيع الشهر الجاري.

ورأى الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، أن السراج واقع تحت ضغط الموازنة بين الضغوط الدولية التي تحثه على القبول بالتفاوض مع حفتر، وبين رفض قادة قوات "بركان الغضب" لمبدأ التفاوض مع حفتر أصلاً.

غير أنه أكد أن "السراج وفريقه السياسي باتوا على قناعة بأن فرض مبدأ وقف إطلاق النار بات إرادة دولية في طريقها لأن تفرض نفسها على الواقع الليبي".

وأوضح الأطرش رأيه بالقول إن "دخول تركيا على خط الأزمة، وإمكانية أن يصعد إرسال قواتها إلى ليبيا الوضع، جعل جهود المجتمع الدولي تنصب لقطع الطريق أمام أنقرة وبالتحديد في نقطة وقف القتال".

ويبدو على مواقف الحكومة التركية الأخيرة أنها في حالة تجاوب مع الضغوط الدولية في هذا الاتجاه، فقد دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في بيان مشترك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد انتهاء قمة جمعتهما في أنقرة الأربعاء الماضي، الأطراف الليبية لوقف إطلاق النار، بدءًا من مطلع هذا الأسبوع، والجلوس فوراً إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل إلى حل سياسي.

ورغم ترحيب طرفي القتال، حكومة الوفاق وقيادة حفتر، بالمبادرة، إلا أن واقع الميدان لا يظهر معطيات في هذا الاتجاه، فقوات حفتر لا تزال تكافح من أجل التقدم في أجزاء جديدة باتجاه قلب العاصمة طرابلس، كما تحاول التقدم أكثر غربي سرت في اتجاه مصراته، في المقابل دفعت المنطقة الوسطى بالمزيد من التعزيزات إلى محاور جنوبي طرابلس، وكونت جبهة قوية لوقف تمدد قوات حفتر باتجاه مصراته، وربما تعد لهجمة عسكرية لاسترداد سرت.

لكن الصحافية الليبية، نجاح الترهوني، لا ترى أن الخلاف قائم على وقف إطلاق النار، وإن كان حفتر كعادته يحاول استثمار الوقت والزمن في سبيل إحداث فرق في المواقع الاستراتيجية، وإنما برأيها يدور الخلاف حول مطالب استئناف العملية السياسية.

وكان المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، قد قال للصحافيين لدى وصوله إلى مقر انعقاد الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أمس الجمعة، إنه وجه رسالتين إلى مجلسي النواب والدولة يدعوهما إلى "بدء حوار سياسي قبل نهاية الشهر الجاري"، كما شدد على إصرار الأمم المتحدة على "أن تتقدم بالمحادثات بين الليبيين بأسرع وقت ممكن".

وهي دعوة تصفها الترهوني بأنها "من أوهام سلامة"، متسائلة، في حديثها لـ"العربي الجديد"، عن "كيف يمكن لطرفين هما في حالة حرب أن يجلسا للتفاوض وحول ماذا؟"، مؤكدة أن مسألة الحوار السياسي لا يزال الوقت بعيداً عنها كثيراً.

وعن إمكانية تجاوب مجلسي الدولة والنواب للدعوة، أكدت أنهما يرفضا، نظراً لمواقفهما وتصريحات قادتهما، التي يجرم كل طرف فيها الآخر لحد اتهامه بـ"الخيانة العظمى وتقديمه للقضاء".

وحول إمكانية نجاح الدور الأميركي في نقل الملف الليبي من حالة الحرب إلى حال الحوار السياسي، قالت إن "واشنطن تعتبر الملف الليبي ملفا أوروبيا بامتياز، وتدخلها الآن فقط لمنع انزلاق المنطقة لأتون تصعيد عسكري وحرب شاملة تشترك فيها أطراف دولية. لذا فهي تدفع بروما للواجهة من جهة، وتحاول موازنة الوضع في أوروبا المختلفة بالدفع ببرلين التي تقف على حياد لتكون الوسيط بين الأوروبيين".

ورأت أن "نهاية الجهد الأميركي لن يتجاوز حد وقف القتال فقط، وإقناع حفتر والسراج بوقف إطلاق النار، وهي مسألة على الأرجح ستقبل بها حكومة الوفاق، لكن مسألة الحوار السياسي والحل السلمي تتركها واشنطن للأوروبيين، لقطع الطريق أمام أي اقتراب روسي أو تركي من ليبيا".

المساهمون