الهروب إلى الأمام

27 يناير 2017
من التظاهرات المتضامنة مع أم الحيران (العربي الجديدة)
+ الخط -

لا يمكن للمرء أن يحسد القيادات العربية في الداخل الفلسطيني على وضعها الذي هي فيه، فهي غير قادرة على مواجهة السياسات الإسرائيلية ضد فلسطينيي الداخل، بشكل يؤدي إلى تغيير في هذه السياسات، وآخرها سياسة هدم للبيوت الفلسطينية، وقتل المربي الفلسطيني يعقوب أبو القيعان في قرية أم الحيران في النقب. ولكن مع ذلك لا يمكن أيضاً الاقتناع أو القبول بمحاولات الهروب إلى الأمام، التي مثلها الاجتماع الذي عقده وفد عن لجنة المتابعة العليا للفلسطينيين في الداخل والقول بتدويل قضايا الداخل الفلسطيني، من دون الإعلان بأن باقي الجهود والمحاولات وأشكال المواجهة أو "النضال" المتبعة قد استنفدت كلها.

إن الركون إلى لقاء أو لقاءات مع سفراء الاتحاد الأوروبي، وانتظار أن يقوم هؤلاء بنقل ما طرح عليهم إلى حكوماتهم ودراستها، ليس كافياً على الإطلاق، خصوصاً وأنه انطوى على ممارسات متناقضة في اليوم نفسه. فبعد اللقاء بساعة تقريباً، كان عدد من نواب القائمة المشتركة للأحزاب العربية، يشارك في جلسة مساءلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اضطرته إليها المعارضة الإسرائيلية، مع تخفيف في لهجة الخطاب الموجه لنتنياهو وسياسة حكومته.

إذا كانت الأحزاب والحركات السياسية العربية في الداخل متفقة فعلاً على مسار التدويل والتوجه للسفراء الأجانب ككل، فإنه لا يمكنها أن تمسك العصا من طرفيها: أن تشارك في اللعبة البرلمانية الإسرائيلية من جهة، وأن تتحدث عن التدويل من جهة ثانية.

لكن مشكلة الأحزاب العربية، وللدقة النواب في الكنيست، شعورهم في ظل ادعاءات اليمين الإسرائيلي ضدهم بأنهم لا يفعلون شيئاً للمواطن الفلسطيني (وهي تهم باطلة طبعاً)، وبحاجة لتقديم أي شيء يمكن نعته بالإنجاز، سواء كان بياناً صحافياً أو صورة، جماعية كانت أم فردية، تفيد بأنهم يفعلون شيئاً ولو كان هذا الشيء هروباً إلى الأمام. وهو هروب يتم للأسف الشديدة مع تكثيف في رفع لهجة الخطاب العربي لرجال السياسة في الداخل، من دون أن يكون مقترناً بما يترجمه على أرض الواقع، الأمر الذي يزيد من حالة الإحباط لدى الجمهور الواسع من الأداء المتراجع لهذه القيادات والأحزاب.

المساهمون