ملامح تطبيق اتفاق موسكو: تل رفعت تحت سيطرة أنقرة؟

29 مارس 2020
قوبل تسيير دوريات روسية تركية مشتركة برفض الأهالي (Getty)
+ الخط -



سيطر الغموض، في الأيام الأخيرة، على اتفاق موسكو بين تركيا وروسيا الذي وقّع في موسكو في الخامس من شهر مارس/آذار الحالي، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وسادت تكهنات بأن اتفاقية وقف إطلاق النار في إدلب ومحيطها قد تسقط قريباً، مع صعوبة تسيير الدوريات المشتركة بين الطرفين وإنشاء منطقة عازلة على الطريق الدولي "إم 4" بعرض 12 كيلومتراً، وفق ما نص عليه الاتفاق، بسبب رفض أهالي المنطقة مرور الدوريات الروسية، باعتبارها احتلالاً من جهة، ومخاطر ذلك على مناطق سيطرة المعارضة من جهة ثانية. على الرغم من ذلك، حرص الجانبان التركي والروسي على اعتبار أن الاتفاقية لا تزال سارية مع سريان وقف إطلاق النار، على الرغم من الخروقات الحاصلة من قبل قوات النظام السوري وحلفائه.

ورافق الإعلان التركي الروسي المشترك عن ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار، مواصلة أنقرة تحشيدها العسكري، بزج عدد كبير من الآليات الثقيلة والأسلحة والذخيرة والمقاتلين، إضافة إلى إنشاء الجيش التركي المزيد من النقاط العسكرية، تجاوزت الـ45 نقطة، بهدف الرد على أي خروقات قد تحصل، خصوصاً على جبهة ريف حلب الغربي، والرد على استهداف القوات التركية من قبل التنظيمات الراديكالية. في المقابل، كانت المليشيات الإيرانية والنظام يحشدان قواتهما، لا سيما على جبهتي ريف حلب الغربي وجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.

وعن المقاربة التركية لهذا الملف وطبيعة التحركات والاتفاقيات الغامضة، كشفت مصادر تركية رفيعة لـ"العربي الجديد" أن منطقة تل رفعت قد تشهد تطورات مهمة في الفترة المقبلة نتيجة لاتفاق موسكو الأخير، مع الحديث عن تسليمها للجانب التركي، وهو ما يؤشر بالفعل إلى وجود صفقة تركية روسية حول الطريق الدولي "إم 5" (دمشق-حلب)، الذي لم يحصل أي حديث عنه في اتفاق الخامس من مارس، وأثيرت تساؤلات كبيرة حول ذلك، خصوصاً مع الإصرار التركي آنذاك على تراجع قوات النظام إلى خلف حدود اتفاقية سوتشي وفك الحصار عن نقاط مراقبتها، فيما يبدو أن الاتفاقات التركية الروسية تشمل تجميد ملف الطريق الدولي "إم 4" وتأجيله إلى وقت لاحق.


وأفادت المصادر بأن الاتفاق يشمل فتح معابر لعودة المدنيين إلى قراهم ومناطقهم. في المقابل، سيُسمح لتركيا بالقضاء على التنظيمات الراديكالية، لا سيما "حراس الدين"، ومن يرفضون من "هيئة تحرير الشام" حل الهيئة والانضمام تحت جسم واحد إلى المعارضة، ما يمهد لتحويل المنطقة إلى منطقة نفوذ تركي، على غرار منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، وهو ما كانت تهدف له أنقرة بالحوار مع موسكو منذ أشهر. ورافق كل ذلك تصريحات روسية بأن التنظيمات الراديكالية هي التي تعطل تنفيذ الاتفاقيات وتهاجم الجيش التركي.

ولفتت المصادر إلى أن "إيران هي الجهة الرافضة لهذه التوافقات التركية الروسية، إذ تجعلها تخرج من دون تحقيق شيء في المنطقة، وهي التي كانت تسعى لإدخال المليشيات الموالية لها إلى المنطقة، وهو ما تم في الحملة الأخيرة للسيطرة على بلدات ريف حلب الغربي"، مضيفة "تعمل إيران على عرقلة هذا الاتفاق، عبر افتعال خروقات واسعة تؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار، وشكلت ضمن هذا الإطار غرفة عمليات عسكرية، وزادت من الحشود العسكرية، استعدادا لعودة القتال مجددا، لكن هذه المرة جدية تركيا تفرض مواجهة على مستوى كبير، ولذلك فإن روسيا لن تسمح بحصول انهيار في المنطقة، وهو ربما السبب الرئيسي لإيفاد وزير الدفاع سيرغي شويغو إلى دمشق لحمل رسالة شديدة اللهجة للنظام ومنها للجانب الإيراني، برفض أي خروقات قد تؤدي إلى مواجهة غير محمودة"، مشيرة إلى أن روسيا مررت في الوقت نفسه رسالة للجانب التركي بأنها لن تتدخل في حال حصول خروقات من قبل هذه المليشيات، وفي حال قررت أنقرة الرد بقصف المليشيات الإيرانية.

وفي ظل هذه التطورات والحشود من قبل الأطراف المعنية، سواء على جبهة إدلب الداخلية، أو في خارجها على جبهة تل رفعت، يبدو أن الأنظار ستتجه إلى المنطقة التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، والتي بدورها نقلت المدنيين من المنطقة إلى مناطق سيطرتها شرق الفرات، بحسب تسريبات إعلامية. وقد تكون منطقة منبج على الطاولة في مرحلة لاحقة، ضمن الاتفاقات السرية. كما أن هذه التطورات تظهر أن وضع الطريق الدولي "إم 4" سيكون هادئا حاليا مع احتمال اشتعاله لاحقاً.

المساهمون