عندما نام نتنياهو في غرفة جاريد كوشنر

13 فبراير 2017
إسرائيل كانت بمثابة العائلة لجاريد كوشنر (سول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

عندما كان جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وعراب علاقته بإسرائيل في السابعة عشرة من عمره، وقف إلى جانب آلاف الطلاب اليهود الآخرين في مقبرة "أوشفيتز" في بولندا عام 1998 ملوحاً بعلم الدولة العبرية، وهو يستمع إلى خطاب لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتحدث فيه عن "مجزرة الهولوكوست" وتاريخ الحركة الصهيونية ودورها في بناء دولة إسرائيل. لكن على خلاف الطلاب اليهود الآخرين، الذين رافقهم في رحلة من الولايات المتحدة انتهت في الأراضي المحتلة في فلسطين، تعرف كوشنر إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية قبل ذلك التاريخ، عندما زار نتنياهو، وهو صديق والده رجل الأعمال الثري، منزل عائلة كوشنر في ولاية نيوجرسي، ونام في غرفة جاريد، الذي اضطر في تلك الليلة إلى النوم في الطابق السفلي. حينها كان جاريد لا يزال لاعب كرة سلة في المدرسة الثانوية، ولم يكن ليخطر في ذهنه أنه قد يلتقي نتنياهو في البيت الأبيض، بصفته المستشار الأول للرئيس الأميركي في قضايا الشرق الأوسط. والأرجح أن كوشنر، الذي أصبح في السادسة والثلاثين من عمره، ونتنياهو، الذي أصبح رئيس حكومة، سيستعيدان، غداً الأربعاء، تلك الذاكرة المشتركة.

ويراهن الرئيس الأميركي على أنه يمكن لصهره الشاب تحقيق الإنجاز الأكبر، الذي فشل كبار رجال السياسة الأميركيين في تحقيقه، والتوصل إلى اتفاق سلام تاريخي في الشرق الأوسط، رغم محدودية خبرته في السياسة الخارجية واقتصارها على عدد من اللقاءات والاتصالات التي أجراها في الأسابيع القليلة الماضية مع عدد من القادة العرب، وزياراته كرجل أعمال إلى عدد من دول الخليج العربي والأردن.

ورغم العلاقة الخاصة التي تربط كوشنر بنتنياهو، وزياراته المتكررة إلى إسرائيل منذ طفولته، وقيامه بعدد من المشاريع، وتقديمه التبرعات لعدد من منظمات الاستيطان، إلا أنه غير معروف كثيراً في الأوساط السياسية. وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" عن هارتزي زارتشي، وهو حاخام يهودي في جامعة هارفرد حيث درس كوشنر، قوله إن "إسرائيل لم تكن يوماً بالنسبة إلى جاريد مسألة سياسية، بل كانت دوماً بمثابة عائلته وحياته وشعبه". وفي مقابل محدودية خبرته السياسية، تقوم علاقة كوشنر بإسرائيل على العلاقات الشخصية والأواصر الدينية. وزيارته إلى "أوشفيتز" في مطلع شبابه ليست معزولة عن تاريخ عائلته، فجدته، البولندية الأصل، إحدى الناجيات من "المجزرة"، وجده أيضاً تخفّى لسنوات عديدة ليبقى على قيد الحياة. وحسب المقربين منه، فإنه كيهودي أرثوذكسي تربى على حماية إسرائيل وتذكر "الهولوكوست". وقد تتلمذ في مدارس يهودية، علمته منذ كان في الصف الثاني ابتدائي، رسم خريطة إسرائيل بدل فلسطين، وتسمية الضفة الغربية المحتلة يهودا والسامرة، أي اسمها الوارد في التوراة. كما تبرعت عائلة كوشنر الثرية بملايين الدولارات إلى مدارس ومستشفيات ومنشآت أخرى في إسرائيل، خصوصاً في المستوطنات اليهودية، ومنها مستوطنة "بيت إيل"، في الضفة الغربية المحتلة.

وعندما أعلن دونالد ترامب ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية، نشّط الصهر علاقاته الإسرائيلية، والتقى سراً مساعدي نتنياهو. وعندما جمع ترامب ونتنياهو كان والده شارل كوشنر حاضراً في الاجتماع. وتنقل "نيويورك تايمز" عن إيلي وينستوك، وهو حاخام كنيس في مانهاتن كان كوشنر يتردد عليه، إن جميع المؤسسات الدينية والتربوية والعائلية في حياة جاريد كانت تشدد على العلاقة الوطيدة بين التدين والصهيونية، مضيفاً "بالنسبة لليهود الأرثوذكس الجدد، فان لإسرائيل مكانة هامة في الهوية، كنموذج ديني، وليس فقط كواقع سياسي".

في المدرسة العبرية الابتدائية التي تعلم فيها كوشنر في ليفينغستون في ولاية نيوجرسي، كانت الأعلام الإسرائيلية ترفرف، وكان التلامذة يحيون المناسبات التاريخية الإسرائيلية، ويأخذون العطل وفق التقويم الإسرائيلي التوراتي. وفي المدرسة الثانوية كان كوشنر يلتزم بالصلوات اليومية في الصباح والمساء، حسب ما ذكر زملاء له على مقاعد الدراسة. وسادت أجواء الحزن والحداد بين الطلاب والمعلمين عند اغتيال رئيس الحكومة السابق، إسحاق رابين، في 1995. وفي العام 1997، قام كوشنر بزيارة إلى إسرائيل استمرت لأسابيع، وشهد وقوع عدد من العمليات استهدفت إسرائيليين. وفي العام 1999 غادر كوشنر نيوجرسي ليلتحق بجامعة هارفرد، وتخلى عن القلنسوة اليهودية، إلا أنه استمر بالالتزام بالقواعد الدينية اليهودية الأرثوذكسية. وخلال دراسته في هارفرد، قام نتنياهو بزيارة ثانية إلى عائلة كوشنر في نيوجرسي، كما لعب كرة القدم مع تلامذة مدرسة تحمل اسم العائلة. وتلقى نتنياهو تبرعات بمئات آلاف الدولارات من تشارلز كوشنر، والد جاريد، لدعم حملته الانتخابية في إسرائيل. بعدها تعرض الوالد للمحاكمة إثر خلافات مالية مع شقيقه موروي كوشنر، أسفرت لاحقاً عن سجنه لسنتين، بعد حكم أصدره كريس كريستي، مدعي عام نيوجرسي في ذلك الوقت وحاكم الولاية، الذي انتقم منه جاريد كوشنر باستبعاده عن الفريق الحكومي لترامب. واستمرت العلاقة الوطيدة بين عائلة كوشنر ونتنياهو لسنوات لاحقة، إذ نشرت الصحف الإسرائيلية لائحة بالمتبرعين الأميركيين لحملته الانتخابية التمهيدية، تصدرها اسم تشارلز كوشنر.




المساهمون