باريس: تجمع جزائري حاشد في ساحة الجمهورية ضد الولاية الخامسة لبوتفليقة

03 مارس 2019
يسعى جزائريو فرنسا لدعم حراك الداخل (العربي الجديد)
+ الخط -

تدفقت حشود ضخمة من الجزائريين وبعض المواطنين العرب والفرنسيين، اليوم الأحد، إلى ساحة الجمهورية في العاصمة الفرنسية باريس، للاعتراض على ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

وحمل المتظاهرون لافتات وأعلامهم الوطنية، ورفعوا شعارات تحاكي شعارات الجزائريين، الذين رسموا بتظاهراتهم السلمية الضخمة، التي عمّت مختلف أنحاء البلاد، صورة عن جزائر المستقبل. ولا شك في أن نجاح تظاهرات الداخل الجزائري حمّست جزائريي المهجر والشتات، ووحّدَتهم على موقف واحد، وهو استعادة الجزائر "حرّة وديمقراطية"، كما تنادي التظاهرات.

واتسمت أجواء تظاهرات باريس بالتفاؤل، وبكثير من التقارب والروح العائلية، في وقت اتفق فيه الكل على اختلاف لهجاته العربية والأمازيغية والفرنسية على كلمة سواء: "ليرحل بوتفليقة ولترحل عصابته"، و"لا للاستمرارية، الشعب يستحق ما هو أفضل".

وكان اللافت في التجمع الباريسي حضور جميع الأجيال، من شباب إلى مسنين، مع حضور نساء؛ شابّات ومسنّات، ما يؤكد أن الجيل الهرم ليس داعماً بلا شروط لبوتفليقة، كما تصور ماكينة الإعلام الجزائري الرسمي.

هذا الأمر أكده لـ"العربي الجديد" رابح، وهو متقاعد جزائري سبعيني، قائلاً: "خلاص، بوتفليقة أدى دوره، أوقف الحرب الأهلية، وعليه أن يرحل".

ولا يختلف أحد في التجمع الباريسي على ضرورة رحيل بوتفليقة، وإن كان بعضهم لا يهاجم الرئيس الجزائري بصفة مباشرة، بل يهاجم "العصابة والحاشية"، وكل من يتعلق بالنظام، مثل رئيس الحكومة أحمد أويحيي، وشقيق بوتفليقة.

وسخرت شعارات كثيرة أطلقها الشباب في ساحة الجمهورية من أويحيى الذي هدّد الجزائر، في أحد تصريحاته بمستقبلٍ مثل سورية إذا تواصَلت التظاهرات، مطالبين إياه بالرحيل، وموجهين له شتائم قاسية.

الشعارات مختلفة، وتصبّ كلها في خانة الأمل بمستقبل أفضل: "الجزائر جمهورية وليست مَلَكِّية"، ردد المحتشدون مذكرين بالفترة الطويلة التي قضاها بوتفليقة في الحكم. 

وأنشد المحتجون، خاصة من يتقن منهم العربية، النشيد الوطني الجزائري. ولأن مكان التجمع فرنسي، ولأن كثراً من الحاضرين ووسائل الإعلام لا يفهمون اللغة العربية، رفعت شعارات بالفرنسية، تقول "ضقنا ذرعاً بالنظام"، و"النظام قاتل"، "وَان تو ثري، فيف لاجيري" (واحد اثنان ثلاثة، تحيا الجزائر).

ولأن الشعب الجزائري عانى كثيراً من النظام، فقد أكدت الشعارات أنه "لا يمكن الصفح عن المسؤولين" (أولاش أولاش أولاش/ أولاش سْماح أولاش)، وأنه في حال إزاحة "العصابة" التي تتربع على الجزائر، كما يقول المتظاهرون، ستتحسن أوضاعنا: "نْحَيْدو العصابة/ نولّيوْ لَبَاسْ"، ثم يدوي شعار الربيع العربي الشهير: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وسط زغاريد النساء والأمهات، الفرحات والمستبشرات.

ولأنّ ثمة مخاوف من إصرار بوتفليقة على الترشح لعهدة خامسة، أشهر الشباب في وجه الرئيس ومؤيديه: "ما كَانْشْ لخمسة/ يا بوتفليقة"، و"الرئيس يجب أن يكون حيّا"، في إشارة إلى طول مرض بوتفليقة، قبل أن يشتد الشعار ويتحول إلى "يا سَرَّاقين، كليتو لبلاد"، في إشارة إلى نهب ثروات الجزائر الهائلة.

ولم يشارك الكثير من متظاهري ساحة الجمهورية اليوم في تظاهرات سابقة أبداً، وهذا يسري على الشباب كما كبار السنّ.



وفي هذا الصدد، قال الشاب الجزائري أحمد، الذي قدم من مدينة أورليان: "كنت أراني بعيداً عن السياسة، ولكنّ تظاهرات الداخل وسلميتها، ثم صُوَر رئيس الجمهورية على كرسيّه المتحرك، أثارتني، فقلت: لماذا لا يستحق شباب الجزائر قيادة شابّة تتفهمهم وتليق بتطلعاتهم؟".

وعاب كثيرون الموقف الفرنسي، متهمين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتأييد بوتفليقة، وهو ما ردوا عليه بدعمهم حراك "السترات الصفراء".

يعرف متظاهرو باريس وغيرها من مدن وبلدات فرنسا، أن الداخل الجزائري هو العنصر الحاسم، ولهذا يأملون أن تتراجع حاشية بوتفليقة عن ترشيحه، كما يأمَلون حياد الجيش الوطني.

وقالت إحدى المتظاهرات، وهي الحاجة فاطمة: "حشومة، يكون بلدنا في هذا المستوى الوضيع بين الأمم".

وإذا كان بعض الشباب مندفعاً في شعاراته، فهناك في التظاهرة من يذكره بالحرب الأهلية التي عاشتها الجزائر والتي كلفت 200 ألف قتيل. لكن معظم من يصدح بصوته، سواء في الجزائر أو في ساحة الجمهورية بباريس، لم يعيشوا سنوات البلاد الدامية، ولم يعرفوا رئيساً للجمهورية سوى عبد العزيز بوتفليقة.​

<!--[endif]-->
المساهمون