مؤتمر المعارضة الجزائرية يستفز أحزاب الموالاة: تبادل اتهامات وتخوين

03 مارس 2016
تركز المعارضة على انتقاد الوضع الاقتصادي (فاروق بطيشي/فرانس برس)
+ الخط -
تكثّف المعارضة السياسية في الجزائر التحضيرات لعقد ثاني أكبر مؤتمراتها السياسية، بعد المؤتمر الأول الذي عقد في يونيو/حزيران 2015 وانتهى إلى صياغة ما يعرف بـ"أرضية مزفران"، والتي تحدد المطالبات السياسية للمعارضة. أما أحزاب الموالاة فلم تتأخر في بدء التصويب على المؤتمر حتى قبل انعقاده مركزة على انتقاد المعارضة ومهاجمتها.
ويؤكد المسؤول في هيئة التشاور والمتابعة التابعة لتكتل قوى المعارضة السياسية في الجزائر، فاروق طيفور أن التكتل قرر عقد المؤتمر العام الثاني للمعارضة في 30 مارس/آذار الجاري في العاصمة الجزائرية. ويوضح طيفور لـ"العربي الجديد" أن المؤتمر سيكون يوم 30 مارس الجاري حيث سيتم تقديم طلب إلى السلطات للحصول على ترخيص لعقد المؤتمر. ووفقاً لطيفور فإنه من المقرر أن "يدرس المؤتمر أوراقا عدة يجري تحضيرها من فريق خبراء وهيئة المتابعة، أبرزها ورقة الإعلان السياسي، وورقة الرؤية المستقبلية لجزائر الغد، وورقة ميثاق الالتزامات بين الأعضاء". كما يلفت إلى أن المؤتمر يخطط لإصدار "كتاب فكري يضم آراء المعارضة بخصوص قضايا عدة سيعمل على ترتيبها".


اقرأ أيضاً حين تثير الجزائر رعب أوروبا... تحقيق صحافي بخلفيات سياسية 

ويضم تكتل المعارضة، الذي يتبنى المؤتمر، أبرز القوى السياسية المعروفة في الجزائر كجبهة القوى الاشتراكية، وحركة مجتمع السلم (أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر)، فضلاً عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحركتي النهضة والإصلاح، وحزب طلائع الحريات بقيادة رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس. كما ينضوي في التكتل كل من حزب جيل جديد، وحزب فجر جديد، وجبهة النضال الوطني، وقيادات من الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، فضلاً عن رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور. كذلك تشارك في هذا المؤتمر مجموعة من القوى السياسية والنقابية والمدنية والشخصيات المستقلة المعارضة لسياسات الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة والخيارات السياسية والاقتصادية للسلطة. وتعتبر المعارضة أن هذه الخيارات تقود البلاد إلى مأزق الانسداد والأزمات والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
كما تشير المعارضة، في مجمل بياناتها الأخيرة، إلى أن السلطة فوتت على الجزائر فرصة تحقيق نهوض اقتصادي جدّي بفعل انفرادها بالقرار ورفضها توسيع التشاور مع القوى السياسية، ولا سيما في ما يتعلق بالخيارات الاقتصادية. وترى المعارضة أن السلطة أخفقت في استغلال الوفرة المالية التي توفرت للجزائر خلال العقد الماضي، والتي بلغ احتياطي الصرف فيها 198 مليار دولار أميركي، في إعادة إحياء القطاع الصناعي وتحسين أداء الزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال المنتجات الزراعية والغذاء والأدوية، وهو ما يُبقي الجزائر ضمن أكبر الدول المستوردة. وتعد الجزائر خامس أكبر دولة مستوردة للقمح. كما غرق الاقتصاد الجزائري، من وجهة نظر المعارضة، في وحل النفط وظل يعتمد في حركته بنسبة 98 في المئة على عائدات النفط.

وبينما تبني قوى المعارضة موقفها على أساس هذه الإخفاقات وتفاقم مشكلات البطالة والسكن ودخول البلاد نفق الأزمة النفطية وتدابير التقشف، فإن قوى الموالاة المتحمسة لما تعتبره إنجازات بوتفليقة خلال 15 من حكمه ولا سيما بعد المصادقة على مسودة الدستور في فبراير/شباط الماضي، تعتقد أن المعارضة تسعى إلى جرّ البلاد إلى الفتنة. ولم يتردد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، في القول قبل أيام، إن المعارضة تسعى "لجر الجزائر إلى حالة الربيع العربي"، فضلاً عن اتهامها بـ"الخيانة السياسية". أما رد المعارضة فلم يتأخر، إذ أكد المتحدث باسم حركة مجتمع السلم، عبد الله بن عجايمية، أنّ المعارضة لا تزال مصرة على مطلبها في الانتقال الديمقراطي والتوافق على إخراج البلد من أزمتها "وفق رؤية واعية وراشدة عنوانها الوحيد هو المصلحة العليا للبلد بعيداً عن الحساسيات السياسية والأيديولوجية والحزبية الضيقة". وأضاف "عندما يتحدث الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عن الخيانة والانتهازية فهذا دليل على تدني وانحدار الخطاب السياسي، والذي يعكس تخبط السلطة وأحزاب الموالاة التي تدور في فلكها".

ومما يؤكد عزم المعارضة على عقد مؤتمرها نهاية الشهر الجاري، حسمها موقفها من الدستور الأخير، والذي اعتبرته "دستوراً لنظام حكم فاقد للشرعية وليس للشعب الجزائري". وترى المعارضة، في بيان سابق أصدرته هيئة التنسيق والمتابعة، أن "النظام الحاكم يتخبط في تسييره للشأن العام وعودته إلى أساليبه التقليدية في مصادرة الحريات الفردية والجماعية، والإدانة المطلقة لرفض اعتماد الأحزاب السياسية والجمعيات، ورفض منح تراخيص لتنظيم أنشطة الأحزاب المعتمدة، والتضييق على وسائل الإعلام".
لكن يعتقد مراقبون أن تزايد تحامل قوى الموالاة على أحزاب المعارضة ومساعيها السياسية، لا يمكن فهمه سوى في نطاق الارتباك الداخلي الذي تعيشه السلطة نتيجة عجزها عن فهم أدوات الخروج من تداعيات أزمة النفط والتخوف من ردات فعل اجتماعية، تزامناً مع تزايد ضغوط المعارضة.

اقرأ أيضاً: أطفال الجبل".. مأساة خلفتها الأزمة الأمنية في الجزائر