إطباق حصار حلب يهدّد 300 ألف مدني بالموت جوعاً

27 يوليو 2016
يواصل النظام تدمير المباني وقتل المدنيين بحلب(براء الحلبي/فرانس برس)
+ الخط -
باتت مناطق سيطرة المعارضة السورية في مدينة حلب محاصرة كلياً، بعد تمكن قوات النظام السوري، بمساندة المليشيات، وبغطاء جوي روسي، فجر أمس الثلاثاء، من السيطرة على مناطق استراتيجية ومهمة شمالي مدينة حلب على طريق الكاستلو، خط إمداد المعارضة الوحيد. وجاء ذلك بعد تسعة عشر يوماً من تمكن قوات النظام السوري من رصد طريق الكاستلو الذي يعد طريقاً إنسانياً وحيداً لإمداد سكان مناطق سيطرة المعارضة بالمواد الغذائية والاستهلاكية والطبية، وفي الوقت عينه، طريقاً وحيداً لإمداد فصائل المعارضة التي تتمركز في النصف الشرقي من مدينة حلب.

ويقول الناشط حسن الحلبي الموجود في حلب لـ"العربي الجديد" إن قوات النظام السوري ومليشيا "لواء القدس" المكوّنة في معظمها من مقاتلين فلسطينيين موالين للنظام السوري، فضلاً عن مليشيات "عصائب الحق"، و"أبو الفضل العباس" العراقية، و"لواء فاطميون" المكوّن من مقاتلين أفغان، ولواء "زينبيون" المكوّن من مقاتلين باكستانيين، تمكّنوا، فجر الثلاثاء، من اقتحام مجمّع ومطعم الكاستلو، شمالي طريق الكاستلو إلى الشمال من مدينة حلب، والذي يطل مباشرة على الطريق، لتسيطر عليه بعد اشتباكات استمرت ساعات. وبذلك، وضعت قوات النظام السوري كامل سيطرتها على طريق الكاستلو الذي كان يعد المتنفس الوحيد لأكثر من 300 ألف نسمة يقطنون مناطق سيطرة المعارضة بمدينة حلب.

بدوره، يقول الناشط الإعلامي المقيم في الجزء المحاصر من حلب، ماجد عبد النور، لـ"العربي الجديد"، إن قوات النظام ومليشياته سيطرت، فجر أمس، على آخر طرق الإمداد البرية (الكاستلو) للمعارضة بعد هجوم واسع شنته بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وبعد تمهيد جوي بالصواريخ العنقودية والفراغية والبراميل المتفجرة. ويوضح عبد النور أن قوات المعارضة تصدت للهجوم على محيط طريق الكاستلو ومعامل الليرمون وحي بني زيد، شمالي مدينة حلب، موقعة عشرات القتلى والجرحى في صفوف النظام وحلفائه، إلا أن الضغط العسكري الكبير عليها أجبر مقاتليها على الانسحاب لمحيط الطريق.

ولم يقتصر تقدم قوات النظام السوري شمال حلب على منطقة مجمّع ومطعم الكاستلو، إذ هاجمت قوات النظام مناطق سيطرة المعارضة في الخالدية، والليرمون، والبني زيد شمالي حلب، بشكل متزامن مع هجومها على الكاستلو، الأمر الذي أربك المعارضة وشتتها وجعلها غير قادرة على التصدي للهجومَين المتزامنَين، فخسرت مناطق مهمة في أحياء حلب الشمالية التي تسيطر عليها.

وتمكنت قوات النظام السوري، بحسب مصادر المعارضة السورية، من السيطرة على أجزاء من منطقة المعامل في الليرمون وصولاً إلى مجمّع "ماركتنا" الكبير قرب كراج الليرمون المطل مباشرة على دوار الليرمون. كما سيطرت قوات النظام على أجزاء من حي البني زيد شمالي حلب لتقترب أكثر من وصل مناطق سيطرتها في أحياء حلب الشمالية بمناطق سيطرتها في الكاستلو شمالي حلب.





ويشير ذلك إلى أن قوات النظام السوري على الرغم من تمكنها من إحكام الحصار على مناطق سيطرة المعارضة بحلب، بشكل كامل، لا تزال تسعى إلى وصل الأحياء الشمالية التي تسيطر عليها في حلب بطريق الكاستلو ومنطقة الملاح التي سيطرت عليها في الأيام الماضية، بهدف قطع أي فرصة أمام المعارضة لاستعادة زمام المبادرة بهجوم معاكس لفتح طريق إمداد إلى مناطق سيطرتها في حلب. هذا الأمر يجعل فصائل المعارضة في وضع معقد جداً لن تنفع معه كل مساعيها الرامية إلى الصمود أكبر وقت ممكن في حلب.

ولهذه التطورات الميدانية آثار كارثية على 64 ألف عائلة تقطن مناطق سيطرة المعارضة بحلب، بحسب إحصاءات المجلس المحلي في المدينة الذي قدّر عدد أفراد هذه العائلات بنحو 320 ألف مدني. وبعد أكثر من أسبوعين على انقطاع المواد الغذائية عن مناطق سيطرة المعارضة في حلب، والذي رافقه ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات والمواد الاستهلاكية الأخرى، بدأت تنفد بعض هذه المواد من الأسواق. وعلمت "العربي الجديد" من مصادر ميدانية بمناطق سيطرة المعارضة في حلب أن مواد أساسية كالسكر والزيت والبنزين نفدت فعلاً من أسواق حلب بشكل شبه كلي، في الوقت الذي تشهد فيه الأفران ازدحاماً كبيراً، إذ يضطر السكان للانتظار ساعات طويلة للحصول على كميات قليلة من الخبز وبأسعار مرتفعة.

ويدل هذا الوضع إلى قرب تفاقم المأساة الإنسانية في أحياء حلب التي تسيطر عليها المعارضة، ذلك أن حاجة هذه المناطق من الطحين يومياً تبلغ ثمانين طناً، بحسب مصادر المجلس المحلي بمدينة حلب، وهو ما يشير إلى كميات المواد الغذائية الكبيرة التي يستهلكها سكان مدينة حلب، الأمر الذي يجعل نفاد هذه المواد خلال شهر أو شهر ونصف الشهر بأعلى التقديرات أمراً حتمياً، بحسب تقديرات المجلس. وتضع هذه الكارثة الوشيكة منظمات الأمم المتحدة الإنسانية أمام مسؤولياتها في التدخل لإنقاذ أكثر من 300 ألف مدني محاصر بحلب من خطر الموت جوعاً خلال الأشهر المقبلة التي ينتظر فيها استمرار حصار النظام السوري لمناطق سيطرة المعارضة.

ويرافق كل ذلك استمرار قصف قوات النظام السوري لمناطق سيطرة المعارضة بصواريخ الطائرات الحربية والبراميل المتفجرة التي تلقيها المروحيات، إذ ارتفعت حصيلة المجزرة التي سببها سقوط برميلين متفجرين على مبنيين سكنيين في حي المشهد بمدينة حلب، أول من أمس الإثنين، إلى 32 قتيلاً وأكثر من 40 جريحاً بعد انتهاء فرق الدفاع المدني والإنقاذ من رفع الأنقاض، أمس الثلاثاء. وواصلت طائرات النظام السوري، أمس، قصف مناطق الشعار، والصالحين، والمشهد، والأنصاري، والصاخور بمدينة حلب، لتخلف مزيداً من القتلى والجرحى والدمار في المباني السكنية والبنى التحتية.


المساهمون