دعم بوتفليقة للأسد... ردّ جميل على سنوات المنفى الدمشقي؟

28 مايو 2016
الأسد وبوتفليقة في القمة العربية بسورية 2008 (فرانس برس)
+ الخط -
يثير الموقف الرسمي الجزائري الداعم بوضوح لرئيس النظام السوري بشار الأسد، التساؤلات في الداخل قبل الخارج. ويرى كثيرون أن هذا الموقف مرتبط في الحقيقة أساساً بالموقف الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الداعم لبشار الأسد، وذلك من منطلق رد جميل شخصي من بوتفليقة للأسد، على خلفية دعم ومساندة حافظ الأسد لبوتفليقة، أثناء لجوء الأخير إلى دمشق، في بداية ثمانينات القرن الماضي، بعد إبعاد بوتفليقة، الذي كان وزيراً للخارجية، من السلطة في الجزائر، إثر وفاة الرئيس الأسبق هواري بومدين في27 ديسمبر/كانون الأول 1978.

حينها كان بوتفليقة من أقرب مقرّبي بومدين، وهو الذي أبّنه خلال جنازته، وكان مرشحاً حتى لخلافته، قبل أن يقع اختيار الجيش على أحد قادته، الراحل الشاذلي بن جديد لخلافة بومدين. وقد اضطر بوتفليقة لمغادرة الجزائر في 1981 بعد إبعاده من الحكومة واتهامه حتى باختلاس أموال، خلال سنوات إشرافه على وزارة الخارجية، قبل أن يعفو عنه بن جديد في عام 1986. وقد كانت دمشق محطة بوتفليقة الأولى لما سُمي "سنوات عبور الصحراء"، التي قضى الجزء الأكبر منها في أبو ظبي، عاصمة الإمارات، في ضيافة رئيس الدولة في حينها الشيخ زايد بن سلطان.

لا تتوفر معلومات كثيرة عن "المنفى الدمشقي" لبوتفليقة، لكن بحسب موقع "آخر أخبار الجزائر"، الناطق بالفرنسية، والذي توقف عن الصدور قبل نحو 3 سنوات، فإن بوتفليقة كان في ضيافة الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد، والذي خصص له شقة في دمشق، وراتباً شهرياً بالدولار.

في هذا السياق، كشفت مذيعة قناة "الجزيرة" الإعلامية الجزائرية خديجة بن قنة، قبل عامين، على صفحتها على موقع "فيسبوك"، أنها "استضافت الكاتب والسياسي العراقي حسن علوي، في برنامج تلفزيوني، وأنه روى لها كيف كان بوتفليقة لاجئاً معه في سورية، في بداية الثمانينات. كما أراها صورة قديمة تجمعها، التقطها لهما الفنزويلي كارلوس.

وكان موقف بوتفليقة واضحاً منذ بداية الثورة السورية، فوسائل الإعلام الرسمية الجزائرية، وحتى الخاصة الموالية للسلطة، كانت منحازة بوضوح لنظام الأسد، حين لم يكن الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، بذلك التدهور الواضح.

وحتى بعد الجلطة الدماغية التي ألمّت به، في عام 2013، والتي تلتها فترة علاج طويلة في فرنسا، فإن بوتفليقة حافظ حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي، على بعض الحضور الذهني والإطلاع على أحداث المنطقة بما فيها ما يجري في سورية، وفقاً لما ذكر في الشهادة التي قدمها رئيس المجلس الدستوري الفرنسي المنتهية ولايته في مارس/آذار الماضي جان لوي دوبري، في كتاب بعنوان "ما لم أكن أستطيع قوله".

وقد كشف دوبري في كتابه أن "بوتفليقة استقبله لمدة ساعة، حينها، وأنه إن كان بدا متعباً جداً، وبالكاد يسمع صوته برغم وضع ميكروفون صغير قرب فمه، إلا أنه بدا مطلعاً على أحداث المنطقة، بما فيها سورية". وكشف دوبري أن "بوتفليقة حذّر فرنسا من التدخل العسكري في سورية والتورط في الصراع هناك وإرسال قوات برية، فالحلّ في سورية لا يمكن أن يكون عسكرياً، ولا يوجد حل آخر غير الحل السياسي، الذي يجب إشراك بشار الأسد فيه وبالطبع إيران" على حد تعبير بوتفليقة.

وإن كان يبدو الموقف الذي نقله رئيس المجلس الدستوري الفرنسي عن بوتفليقة في الشأن السوري منطقياً بالنسبة للبعض، حتى فيما يخصّ إشراك الأسد في الحل السياسي، فإن تأكيد بوتفليقة على ضرورة "إشراك إيران بالطبع (كما يكتب دوبري)"، يثير التساؤلات. ذلك لأن الجزائر قطعت العلاقات الديبلوماسية مع إيران، بعد انقلاب 1992، وإلغاء الجيش لأول انتخابات تشريعية حرة تعرفها البلاد، التي كان حزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، يتجه لتحقيق فوز كاسح فيها. وقد اتهمت الجزائر حينها طهران، بـ"دعم الجماعات المسلحة"، التي تقول الجزائر الرسمية إن "نظام الأسد يحاربها الآن في سورية".
المساهمون