ووصل أمير الكويت إلى الرياض لمناقشة موضوع الأزمة الخليجية مع القيادة السعودية، خصوصاً مع اقتراب موعد قمة دول مجلس التعاون الخليجي المزمع عقدها في الكويت أواخر ديسمبر/ كانون الأول القادم.
ويحمل أمير الكويت معه اقتراحين بخصوص القمة، في مقابل 3 طروحات لدول الحصار.
وتصر دول الحصار على عدم حضورها، إلا في حال استثناء دولة قطر من الحضور وهو ما ترفضه القيادة الكويتية، كونه يؤدي إلى تفكك دول منظومة مجلس التعاون الخليجي التي ساهمت الكويت في تأسيسها مطلع ثمانينيات القرن الماضي كحائط صد في وجه الثورة الإيرانية.
وبرغم التصريحات الدبلوماسية المتفائلة التي خرجت من كبار الدبلوماسيين الكويتيين وعلى رأسهم السفير الكويتي في البحرين، الشيخ عزام الصباح، ونائب وزير الخارجية، خالد الجار الله، بأن القمة ستعقد في موعدها وأن التأخر في توجيه الدعوات للدول عائد إلى إجراءات اعتيادية، يسري اعتقاد كبير داخل أروقة الخارجية الكويتية بأن الأزمة ستطول لما بعد ديسمبر/ كانون الأول، خصوصاً وأن وساطة أمير الكويت ومساعيه نحو التهدئة الإعلامية كأول شرط للحل لم تلق أي صدى إيجابي.
وسيطرح أمير الكويت على السعوديين سيناريوهين؛ الأول يكمن في تسريع الحوار والتنازل عن بعض الشروط الـ13 التي تمس السيادة ويرفضها هو شخصياً كما قال في مؤتمره الصحافي الأخير داخل البيت الأبيض رفقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. والثاني يكمن في تأجيل عقد المؤتمر مع إبقائه في الكويت وعدم عقد أي مؤتمر موازٍ له مع عودة الاجتماعات التنسيقية فيما يخص المشاريع الخليجية القائمة وعلى رأسها ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الوقود وسياسات السوق المفتوحة برعاية أميركية.
وبحسب تصريحات الجار الله، فإن اللجان العاملة في منظومة دول مجلس التعاون الخليجية غير فاعلة وشبه متوقفة بعد بدء الأزمة نظراً لانشغال الفرق الدبلوماسية لدى كل الدول حتى المحايدة منها بمواضيع الأزمة الخليجية والبحث عن مخرج منها.
من جانبه، قال موظف رفيع المستوى في الخارجية الكويتية لـ"العربي الجديد" إن موظفي الوزارة لم يتلقوا أي أوامر، حتى الآن، بالاستعداد للقمة الخليجية التي لم يتبق عليها سوى شهرين حسب موعدها المحدد سلفاً.
في المقابل، طرحت القيادة السعودية أمام الدول الخليجية ثلاثة سيناريوهات لحل مأزق القمة الخليجية التي وإن لم تعقد في الكويت بموعدها الاعتيادي، فإن فرص تفكك مجلس التعاون قد تصبح وشيكة.
وتأتي صورة السيناريو الأول في أن تعقد القمة في الكويت بدون حضور قطري وهو ما ترفضه الكويت وعمان؛ بينما يتمثل السيناريو الثاني في أن تعقد القمة في كامب ديفيد برعاية أميركية وهو ما ترفضه الكويت أيضاً. ويأتي السيناريو الأكثر تطرفاً وهو أن تُعقد قمة خليجية مصغرة بين الدول الخليجية المحاصرة الثلاث، الإمارات والسعودية والبحرين في الرياض، ينتج عنها تأسيس مجلس تعاون خليجي جديد أو اتحاد كونفدرالي بين الدول الثلاث.
لكن هذا الرأي الذي يتبناه المستشارون المقربون من ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في البلاط السعودي يبدو متطرفاً إلى الحد الذي لا توافق عليه القيادة السعودية كونه سيؤدي إلى تهديد للسيادة السعودية وقطع العلاقات مع أهم بلدين دبلوماسياً وسياسياً في الخليج ويغضب الأميركيين الذين يأملون توحيد الجبهة الخليجية كاملة لمواجهة إيران ضمن سياسة ترامب الجديدة.
وبحسب مراقبين سياسيين، فإن الخطوة الإماراتية الأخيرة التي تهدد بإنشاء مجلس تعاون خليجي ثلاثي هي إحدى الأوراق التي تلوح بها أبو ظبي في وجه الكويت لإجبارها على الاستجابة لمطالبها غير العقلانية، بنقل القمة للرياض أو إبقائها في الكويت مع عزل قطر عنها، خصوصاً وأن هذه المطالب تخرج من مراكز دراسات استراتيجية وصحف سعودية في لندن ممولة بالكامل من الإمارات العربية المتحدة.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي عبد الرحمن المطيري لـ"العربي الجديد" إن "مسألة القمة الخليجية هي معركة من المعارك الكثيرة والطويلة في هذه الأزمة لكنها ستكون المعركة الأهم لأنها ستشكل علامة فارقة في هذا الملف الشائك".
واستطرد "إن سُحبت القمة من الكويت وعقدت في مكان آخر فهذا يعني أن الرياض لا تريد حل الأزمة وستواصل التصعيد إلى ما لا نهاية وستفقد كل حلفائها في المنطقة واحداً تلو الآخر، وإذا ما وافقت الرياض على سيناريوهات سمو أمير الكويت فإن ذلك يعني أن هناك حلاً يلوح بالأفق وإن طالت مدته".