السلطات المصرية تستبق عصيان 11 يونيو بالقمع

04 يونيو 2015
ناشطو حركة "6 أبريل" في إحدى التظاهرات (أحمد إسماعيل/الأناضول)
+ الخط -

في خطوة تصعيدية متوقعة من النظام المصري، بدأت أجهزة الأمن بشن حملة اعتقالات متتالية لشباب وناشطين من حركة 6 أبريل، خلال اليومين الماضيين، استباقاً لموعد دعوة الحركة إلى العصيان المدني يوم 11 يونيو/حزيران الحالي.

وقالت حركة "شباب 6 أبريل"، على صفحتها على موقع "فيسبوك"، إن قوات الأمن المصرية نفذت حملة اعتقالات ضد أعضائها في القاهرة والإسكندرية، مساء الإثنين، من دون أن تكشف عن أسمائهم.

وتتعرض الحركة لقمع أمني ما ينفك يتصاعد من قبل السلطات الأمنية المصرية، بسبب معارضتها لسياسات النظام القمعية ضد معارضيه، فيما يرزح بعض قياداتها في السجون.

اقرأ أيضاً: "الحوت الأبيض" يمنع دخول أوراق لأحمد ماهر بمحبسه

إضراب 11 يونيو

وكانت حركة "شباب 6 أبريل" قد دعت إلى العصيان المدني في 11 يونيو/حزيران الجاري، احتجاجاً على تدنّي مستوى المعيشة المصري اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا في ظل النظام الحالي.

ولقيت دعوة العصيان ترحيباً واسعاً من قبل عدد من الحركات السياسية، في مقدمتها جماعة "الإخوان المسلمين"، و"شباب القوى الثورية"، و"الاشتراكيون الثوريون"، وتجمع الشباب الثوري المناهض لحكم السيسي "حراك".

اقرأ أيضاً: صحافيون مصريون ينضمون إلى العصيان المدني في 2 يونيو

وتتواصل الحركة مع عدد من القوى السياسية، للمشاركة في الإضراب العام، وفق ما أكده خالد إسماعيل، عضو المكتب السياسي لـ"6 أبريل"، في تصريحات صحافية سابقة.

حقّي فين؟

وفي سياق متصل، أعلنت حركة "حقّي فين" تضامنها مع دعوات العصيان المدني والإضراب العام. وقالت في بيان "حقّي فين في العدالة الاجتماعية.. عدم المساواة بين فئات الشعب، فالمعلم هو الذي علم رجال القضاء والشرطة والجيش، ولكن للأسف أصبح ملطشة من الجميع، كما أن أبناء المعلمين لا يتساوون بأبناء القضاة ولا أبناء الشرطة والجيش، مع العلم أن المعلمين هم ورثة الأنبياء".

من جهتها، أعلنت حركة "نساء ضد الانقلاب" مشاركتها في العصيان المدني ابتداء من الغد وحتى نهاية شهر يوليو/تموز المقبل، لإسقاط الانقلاب العسكري. وقالت منسقة الحركة، سمية محفوظ، على صفحتها: "نشارك بهدف وقف الانتهاكات التي تتعرض لها حرائر مصر، والمطالبة بالإفراج الفوري عنهن، والقصاص للشهيدات، حيث ما زالت هناك العشرات في سجون الانقلاب يتعرضن للتعذيب، فضلا عن حالات الاغتصاب والخطف القسري لهن".

بدوره، قدم حزب "الاستقلال" مبادرة تدعو إلى تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، تتضمن تصعيد الحركات الاحتجاجية بانتظام، على أن تبدأ بعصيان مدني من خلال الدعوة إلى إضرابٍ عام ليوم واحد، ثم لأيام متتالية، حتى يصل إلى العصيان المدني الكامل.

وأشار نائب رئيس حزب "الاستقلال"، عبدالحميد بركات، إلى أن الهدف من المبادرة التي أطلقها الحزب أخيراً، والتي جاءت تحت شعار "العصيان المدني طريقنا لتحقيق أهداف الثورة"؛ هو التحذير من أن يصل الوضع في مصر إلى ما وصلت إليه سورية من خلال الأعمال التي يقودها النظام الحاكم، للضغط على الشباب حتى يصل إلى العنف، بحسب تصريحاته لقناة "الثورة".

وتطالب الدعوة إلى الإضراب العام، المواطنين بالتزام منازلهم، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، كاحتجاجٍ استباقي على رفع الدعم من الموازنة الجديدة للسلطة، مما سيكون له تأثير سيئ على محدودي الدخل والفقراء، خصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية المقدمة من السلطة، مثل الغاز والكهرباء والمياه والبنزين.

وشددت الحركة على ضرورة توحد القوى الثورية المختلفة نحو هدفٍ واحدٍ، وتوعية المواطنين بنشر السلبيات التي يقوم بها النظام الحالي ضد مطالب ثورة 25 من يناير التي خرج الشباب لتحقيقها.

رافضون

فيما رفضت عدة قوى مقربة من النظام الحاكم الدعوة، التي جاءت تحت شعار "وأخرتها". وقال الحزب "الدستوري الاجتماعي الحر"، إن الأحزاب السياسية ترفض الإضراب شكلاً ومضمونا في هذا التوقيت، مؤكدًا أنه لن يلقى قبولا شعبيا، ولن يجد أي صدى، لأن المصريين مشغولون بالعمل والإنتاج والإنجاز، ومحاربة الإرهاب، موضحاً أن مصر تحتفل بافتتاح قناة السويس الجديدة في 6 أغسطس.

من جهته، اعتبر منسق "ائتلاف تحيا مصر"، المقرب من النظام الحاكم، حسين أبوجاد، أن الدعوات التي أطلقتها "حركة شباب 6 أبريل" للعصيان المدني تسعى إلى الفوضى في البلاد، في إطار أجندة خارجية.

وتقدم أمين عام ائتلاف "دعم صندوق تحيا مصر"، طارق محمود، ببلاغ إلى النائب العام ضد قيادات حركة 6 أبريل، وهم "عمرو علي، إسلام طه، خالد المصري، فادي المصري، أحمد النديم، مصطفى ماهر، عماد عبدالحميد، كريم طه، زيزو عبده، محمد مصطفى، رامي سيد، رامي السويسي"، يتهمهم فيه بالدعوة إلى العنف وشلّ حركة البلد، بدعوتهم إلى العصيان المدني في 11 يونيو.

كما واجهت "6 أبريل" والداعمين للعصيان المدني والإضراب العام، اتهامات عدة بالتخوين، والبُعد عن الوطنية. واعتبر البرلماني السابق، والقيادي في حزب "المصريين الأحرار"، علاء عابد، أن "هؤلاء أقل ما نستطيع أن نصفهم على دعوتهم بأنهم خونة وليسوا وطنيين ولا يعرفون شيئًا عن معنى كلمة وطن"، متوقعا أن "الشعب لن يستجيب لدعوتهم الهدامة، التي تعني إسقاط الدولة وانهيارها بشكل تام".

رسالة للنظام

وفي الوقت الذي قلل فيه مراقبون من عدم جدوى نجاح دعوات العصيان المدني والإضراب العام، اعتبرها آخرون رسالة قوية للنظام الحاكم، قد تحقق أهدافها في أوقات لاحقة.

وقال المحلل السياسي في مركز الحضارة للدراسات السياسية، مدحت ماهر، إن "الدول تختلف في طريقة تطبيقها للعصيان المدني، فهناك شعوب تطبّقه بشكل فجائي وجذري في وقت واحد، وهناك شعوب تختار التدرج، خصوصاً في ظل وجود حالة ليس فيها إجماع شعبي".

وبالنسبة للحالة المصرية، فإن "العصيان المدني، سواء كان كليّا أو جزئيّا، سيكون له أكبر تأثير على النظام الحاكم، نظرا للحالة الاقتصادية التي يمر بها، كما يمكّن القوى السلمية المناهضة للانقلاب من ممارسة معارضتها بأقل درجة من الخسائر في الأرواح، سواء بالبقاء في المنازل أو عدم دفع فواتير استهلاك الكهرباء والماء"، على حدّ تعبيره.