"حماس" و"الجهاد" في القاهرة: شرط التهدئة بأن تكون متبادلة

05 فبراير 2019
تواصل إسرائيل استهداف المشاركين في مسيرات العودة (Getty)
+ الخط -
يقود رئيس جهاز الاستخبارات المصري، اللواء عباس كامل، جولة جديدة من المشاورات مع قيادة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في القاهرة، في إطار الوساطة المصرية لتثبيت الهدنة بين الاحتلال الإسرائيلي وقطاع غزة، على ضوء مجموعة من المتغيّرات التي تنذر بمواجهة عسكرية جديدة. ووصل مساء أول من أمس الأحد، كل من رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، ووفد قيادي مرافق له، والأمين العام لـ"الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، ووفد من قيادة المكتب السياسي للحركة في الداخل والخارج، إلى القاهرة.

وبحسب قيادي بارز في المكتب السياسي لحركة "حماس" تحدّث لـ"العربي الجديد"، فإنّ وفد الحركة جاء إلى القاهرة "ليؤكد أن إرادة استمرار التهدئة لا بدّ أن تكون متبادلة"، مضيفاً "الحركة لن تكون ملتزمة بالتهدئة طالما أنّ الطرف الآخر لن يفي بالتزاماته". وقال "لن يكون طبيعياً أن تتم مهاجمة مسيرات العودة، ومنْع الدواء والمستلزمات الحياتية عن سكان غزة، وإمعان الحصار، وقصْف مواقع المقاومة بالطيران الحربي، والتحكّم بشكل مهين في إدخال المساعدات والمنح، في إطار المعادلة الانتخابية الداخلية في إسرائيل، ومقابل كل ذلك أن نصمت، سيكون هناك رد حتماً"، مشدداً "دمنا لن يكون ثمناً لفوز حزب أو آخر في الانتخابات الإسرائيلية".

وأوضح القيادي أنّ مفاوضات هذه الجولة تعدّ ثلاثية؛ إذ من المقرّر أن يطّلع على تفاصيلها المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف، لافتاً إلى أنّ "الضمانات هذه المرة لا بدّ أن تكون كافية بشكل لا يسمح للاحتلال بالتملّص منها". وأوضح أنّ حماس "متمسّكة باستمرار فتح معبر رفح على ضوء التطورات الراهنة، طالما أنّه ليست هناك أسباب أمنية تخصّ الجانب المصري في سيناء، تمنع فتح المعبر حالياً"، كاشفاً عن أنّ "هناك تصوراً مصرياً بتحويل المعبر إلى تجاري، بحيث يستخدم في إقامة علاقات تجارية بين القطاع ومصر، بما يسهم في تحقيق استفادة للجانبين من جهة، ومن جهة أخرى يسمح بتلبية احتياجات القطاع ومنْع انفجار الأوضاع" نتيجة الحصار المفروض وتوجيه الغضب نحو الاحتلال.

وفيما يخصّ الحديث بشأن تطرّق المناقشات إلى صفقة الأسرى بين "حماس" والاحتلال برعاية مصرية، قال القيادي الحمساوي إنّه "من الوارد فتح ملف الصفقة"، مضيفاً أنّ "الجانب المصري يعرف موقفنا من هذا الأمر بوضوح، وهو أنّ حماس لن تدفع ثمن أي صفقة مرتين"، بمعنى أنّ الحديث لن يبدأ قبل إطلاق من أعادت إسرائيل اعتقالهم من المحررين في صفقة "وفاء الأحرار" التي تمّ بموجبها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011.



وحول ما إذا كان رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، سيتوجّه إلى العاصمة الروسية موسكو لتلبية دعوة الحوار الموجهة من الخارجية الروسية، قال القيادي إنّ "الأمر ما زال غير محسوم، وسيتم حسمه خلال المناقشات مع الجانب المصري"، مشدداً على أنّ حماس "ستقدّم طلباً يحظى بدعم الفصائل كافة في غزة، بشأن ضرورة تأكيد أنه لا بدّ أن تكون هناك حرية حركة لوفود الفصائل في القيام بجولات خارجية، لعرض قضيتنا".

ويأتي هذا في الوقت الذي قال فيه مصدر مصري إنّ "هناك مخاوف مصرية من توجهات جديدة تتبنّاها حركة الجهاد بشأن المواجهة مع الاحتلال في الوقت الراهن"، مشدداً على أنّ "مقطع الفيديو الخاص بقنص الجندي الإسرائيلي على حدود غزة، الأسبوع الماضي، تسبب في أزمة كبيرة لحكومة الاحتلال".

وبحسب المصدر، فإنّ الجهاد "تؤكد أنّ الهدوء التام مقابل الهدوء التام"، بمعنى أنّ أيّ تعدٍّ من قوات الاحتلال بأي شكل من الأشكال، سيواجه بردّ عنيف. وقد أكّدت قيادة الحركة في غزة للوفد الأمني الذي زار القطاع أخيراً، أنّ "الكتائب العسكرية تملك ما يمكّنها من الرد ومعادلة القوة، إلا أنّ حرْص الحركة على الدور المصري هو ما يحدّ من تحركها في هذا السياق". لكنّ "الجهاد الإسلامي" أكّدت في الوقت ذاته أنّ الأمين العام للحركة، "سيقدّم ورقة في القاهرة يتحلل فيها من أي تعهّد، طالما أنّ الاحتلال لا يقدر قيمة وأهمية التهدئة".

وكانت مصادر مصرية كشفت، في وقت سابق لوصول الوفدين الفلسطينيين إلى القاهرة، أنّ هناك حالة من الاستنفار من الجانب المصري، بسبب معلومات استخباراتية وصلت إلى الجانب الإسرائيلي حول وصول نوعيات متطورة من الصواريخ الإيرانية إلى فصائل فلسطينية، وهو ما تسبب في غضب عارم في الدوائر الأمنية الإسرائيلية، بشكل قد ينسف الجهود كافة المتعلقة بالمحافظة على التهدئة بين غزة والاحتلال.

وكان وفد أمني مصري رفيع المستوى زار غزة، الخميس الماضي، بقيادة اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول ملف فلسطين في جهاز الاستخبارات العامة. وقالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، إنّ الزيارة المفاجئة جاءت بعد وصول معلومات استخباراتية إلى المسؤولين في القاهرة حول تصعيد مرتقب خلال مسيرات العودة يوم الجمعة، من الجانب الفلسطيني.

وأضافت المصادر "هناك أطراف خارجية تسعى إلى إشعال الموقف على الحدود الشرقية للقطاع خلال مسيرات الجمعة، وهو أمر غير مأمون العواقب في هذه المرحلة الدقيقة"، كاشفةً أنّ "الوفد يحمل رسائل إسرائيلية تحذيرية من التصعيد، سواء بالاقتراب من السياج الفاصل، أو بتكثيف إطلاق البالونات الحارقة".

وأوضحت المصادر أنّ "الجانب الإسرائيلي أبلغ المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة المصري، بأنّ قواته ستكون على أهبة الاستعداد، وإطلاق النيران سيكون بشكل مباشر بدون أي تحذيرات مسبقة لكل من سيقترب من السياج"، مشيرةً إلى أنّ "الوفد سيجتمع مع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، ومسؤول مكتب الحركة في غزة يحيى السنوار، لمطالبتهما بالتهدئة، وتفويت الفرصة على محاولات إشعال المنطقة من جانب أطراف إقليمية"، في إشارة إلى إيران. وهي الرسالة ذاتها، بحسب المصادر، التي سينقلها الوفد لقيادة حركة "الجهاد" التي تربطها علاقات وطيدة بطهران.