وثيقة إسرائيلية تكشف ترحيل مائة فلسطيني خلال "حرب يونيو"

15 مارس 2017
ادعى الاحتلال تسترهم على زرع لغم (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
في سياق تحرير وثائق من الأرشيف الإسرائيلي العسكري والدبلوماسي، بمناسبة مرور 50 عاما على "حرب يونيو"، جرى الكشف عن وثيقة سرية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تؤكد قيام قوات الاحتلال بطرد وترحيل نحو مائة فلسطيني من قطاع غزة، وتركهم يسيرون باتجاه سيناء كعقاب جماعي بفعل تستر سكان من القطاع على هوية من زرع لغما أرضيا ضد قوات الاحتلال.

وقالت صحيفة "هآرتس" إن الوثيقة وضعت في 15 يونيو/ حزيران 1967، بعد أيام قليلة من الحرب، وتؤكد طرد وترحيل عشرات الفلسطينيين من غزة باتجاه صحراء سيناء

ووضع الوثيقة السرية موظف وزارة الخارجية الإسرائيلي آنذاك، أفنير إيرزي، الذي شغل لاحقا منصب قنصل إسرائيل في إسطنبول وميلانو.

وبحسب الوثيقة التي صيغت بناء على لقاء مع حاكم غزة العسكري، فقد انفجر، بين يومي 12 و13 يونيو/ حزيران، لغم أرضي كان موجها ضد القوات الإسرائيلية في محيط مدينة غزة. 

وبينت تحقيقات الجيش أن اللغم زرع قبل انفجاره بساعات، وتم التوصل إلى عدة بيوت في مخيم للاجئين تسميه الوثيقة بأنه "مخيم الطرابشي"، لكن الأهالي رفضوا التعاون مع قوات الاحتلال والكشف عن هوية واضعي اللغم، و"بعد ذلك قدم 110 فلسطينيين أنفسهم على أنهم جنود في جيش التحرير الفلسطيني، وأعلنوا عن مسؤوليتهم الجماعية عن العملية".

وتؤكد الوثيقة الإسرائيلية أنهم "رفضوا رغم التوجه لهم مرارا وتسليم الشخص الذي قام بزرع اللغم، رغم إمهالهم ثلاث ساعات لذلك، وإلا سيفرض عليهم عقاب جماعي. وبعد أن رفضوا بعد انقضاء المهلة المحددة، تقرر نقلهم إلى صحراء سيناء وتركهم هناك. ويبدو أنه تم تنفيذ هذا الأمر، كما قام الجيش بنسف 8 بيوت "قادت إليها آثار واضعي اللغم".

وبحسب صحيفة "هآرتس"، تصف الوثيقة الإسرائيلية محاولات إضافية من الجيش للضغط على الفلسطينيين في غزة لتسليم قوات الاحتلال السلاح والجنود، إذ توجه الحكم العسكري الإسرائيلي للسكان في مخيمات اللاجئين وطالبهم بتسليم السلاح الموجود بحوزتهم، لكن هذا الطلب لم يتم التجاوب معه، لذلك توجه الجيش لوكالة الإغاثة الدولية وطلب الإعلان عن إقامة مخزن يمكن تسليم السلاح فيه دون الكشف عن حامليه، وبدون أن يخضع صاحبه للتحقيق، على أمل أن تؤدي هذه الطريقة إلى نتائج أفضل. 

وبحسب الصحيفة، فقد كان الاعتقاد أن عددا من الجنود المصريين يختبئون في البيوت والمخيمات، وقد طالب الاحتلال السكان بالتبليغ عن هؤلاء الجنود وتسليمهم، ولكن دون جدوى.

ولفتت "هآرتس" إلى أن "الأبحاث التاريخية تبين أن هذه لم تكن المرة الوحيدة التي قامت فيها إسرائيل بترحيل وطرد سكان مدنيين، إذ سبق للبروفيسور دافيد كريمنتسر وغرشون غورنبريغ أن نشرا، في مجلة كلية القانون لجامعة حيفا، دراسة استعرضت عملية الطرد التي تمت للفلسطينيين من رفح، حيث تم خلال هذه العملية ترحيل وطرد آلاف الفلسطينيين البدو من أراضيهم الواسعة قرب قطاع غزة". 

ووفقا للمقالة المذكورة، ففي عام 1972 تم طرد تسع عشائر بدوية من مساحات واسعة من الأراضي قرب قطاع غزة.

وتنقل الصحيفة عن الدكتور غاي ليرون قوله إنه وإن كان لم يسمع عن هذه الحادثة، إلا أنه وقعت بلا شك بعد الحرب "عمليات طرد ومذابح، وهي ليست جزءا من التاريخ الرسمي إلا أنها حدثت". 

كما أشار ليرون إلى حالات طرد لأعداد كبيرة من الفلسطينيين، بعد الحرب من مناطق في الضفة الغربية، مضيفا: "كانت هناك على ما يبدو خطة معدة مسبقا لم تنشر الوثائق المتعلقة بها لغاية الآن، ولكن هناك شهادات وإفادات عن جنود وصلوا مع سيارات نقل كبيرة كانوا يشجعون السكان على المغادرة ويساعدونهم في الوصول إلى الجسور (مع الأردن)". 

وبحسب "هآرتس"، فقد تم العثور على الوثيقة المذكورة في أرشيف الدولة من قبل باحثين في معهد دراسات "عقبوت" المحسوب على اليسار.

وقال مدير المعهد ليئور يفني للصحيفة، في هذا السياق، إن "الأمر الاستثنائي في هذه الحالة هو قيام موظفي وزارة الخارجية بتسجيل مذكرات فورية، مع أن هذه لم تكن وظيفتهم، بل سافروا إلى غزة للتوقيع على اتفاق مع وكالة الغوث (الأونروا). ويبدو أنهم كانوا متأثرين مما شاهدوه". 

ويخلص يفني إلى القول إن "الوثيقة تؤكد أن الهدم والطرد كان أداة في يد الجيش منذ أيام الاحتلال الأولى، علما بأن المستشارين القانونيين لدولة الاحتلال كانوا ينفون وجود سياسة العقوبات الجماعية التي تمس بالأبرياء". 






المساهمون