هذا ما أكدته عضو حزب "الحل" (بزعامة جمال الكربولي)، المنضوي ضمن تحالف "البناء"، محاسن حمدون، التي قالت إنّ "زعماء الأحزاب الكبيرة هم الأولى بتولي مناصب نواب رئيس الجمهورية"، موضحةً أنّ حزبها "يؤيد ترشيح قادة الكتل والأحزاب لهذه المناصب المهمة". وأضافت حمدون، في حديث مع "العربي الجديد"، "أنا مع الرأي الداعم لتولي رؤساء الأحزاب الذين لم يخوضوا الانتخابات مناصب نواب رئيس الجمهورية، فإسناد هذه المناصب لرؤساء وزراء سابقين لن يكون مجدياً، لأن هؤلاء أخذوا فرصتهم ولم ينجحوا".
وتابعت "أنا ضد منح المناصب لأشخاص ليس لديهم أحزاب، ولم يفوزوا بالانتخابات، فمن غير المعقول أن نمنح المنصب لشخص لم يتمكن من الحصول على ثقة الناخبين"، خاتمةً بالقول إنّ "التوافقات السياسية هي التي ستحسم الأمر، وحظوظ رؤساء الحكومات السابقين ستكون أقلّ، بسبب كثرة الاعتراضات عليهم".
يشار إلى أنّ العرف السائد في العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، جرى على منح رؤساء الحكومة والبرلمان ومسؤولين سابقين، مناصب نواب الرئيس الثلاثة. وقد تولى رئيسا الوزراء الأسبقان نوري المالكي وإياد علاوي، وكذلك رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، المناصب الثلاثة للفترة الرئاسية المنصرمة (2014-2018).
إلا أنّ المهمة لن تكون سهلة هذه المرة، بسبب وجود فيتو على رؤساء الوزراء السابقين، وخصوصاً المالكي والعبادي، وفقاً لما أفاد به عضو في تحالف "البناء"، قائلاً إنّ تحالفه "يرفض بشكل قاطع ترشيح العبادي للمنصب، وكذلك الحال مع تحالف الإصلاح الذي وضع خطاً أحمر على ترشيح المالكي لمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية".
وأشار المتحدّث نفسه الذي رفض الكشف عن هويته، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى "وجود ضغوط من قبل بعض القوى الكبيرة تدفع باتجاه منح فرصة لوجوه لم تتولَ مناصب مهمة سابقاً"، لافتاً إلى بروز طروحات "تدفع باتجاه تولّي بعض الشخصيات البارزة المنصب، كرئيس حزب الحلّ جمال الكربولي من المكوّن السني، وكذلك وجوه جديدة أخرى لم تتول منصباً مهماً من المكوّن الشيعي". وأضاف: "كما يوجد جدل داخل البرلمان بشأن عدد نواب الرئيس، فمنهم من يريدهم ثلاثة، فيما يطالب آخرون بتقليصهم إلى أثنين أو واحد".
وكان عضو البرلمان العراقي، عبد الله الخربيط، قال في وقت سابق إنّ "شخصيات جديدة سيتم ترشيحها لمناصب نواب الرئيس، من بينها الكربولي، ووزير الدفاع الأسبق سعدون الدليمي". فيما أكد رئيس ائتلاف "دولة القانون"، رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي أنه لا يعارض ترشيحه لمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.
إلى ذلك، رأى علي السنيد، القيادي في تحالف "النصر" الذي يترأسه العبادي، أنّ مسألة ترشيح واختيار نواب رئيس الجمهورية "غير مرتبطة بالرغبات الشخصية"، مؤكداً في حديث مع "العربي الجديد" أنّ هذا الأمر "خاضع لتوافقات الكتل السياسية". وأوضح السنيد أنّ تحالف العبادي "لن يرفض أي تكليف يخدم الدولة العراقية، سواء كان في الحكومة، أو في رئاسة الجمهورية"، مشدداً على "ضرورة اقتناع رئيس الجمهورية بالشخصيات التي يتم ترشيحها".
من جهته، قال عضو مجلس النواب السابق، نديم الجابري، إنّ "حظوظ قادة الأحزاب ستكون حاضرة هذه المرة في عملية اختيار نواب الرئيس، لاسيما في الوسط السياسي السني الذي برزت فيه قيادات ترغب بذلك"، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، "لا أستبعد ظفر شخصيات مثل جمال الكربولي أو آخرين بالمنصب". لكنه أوضح أنّ "الأمر مختلف في المنظومة الشيعية التي تبدو فيها حظوظ المالكي كبيرة لسببين؛ الأول انتماؤه لتحالف برلماني كبير (البناء)، والآخر هو قدرته على عقد التحالفات السريعة مع الأطراف الأخرى".
وتابع الجابري "لقد ساد العرف بأن يكون التوافق هو الذي يحسم منصب رئيس الجمهورية، وهذا الأمر انعكس على نوابه الذين لا بدّ أن يأتوا بالتوافق أيضاً"، موضحاً أنّ "منح مناصب نواب الرئيس لشخصيات بارزة أصبح من المسلمات".
في غضون ذلك، يشهد مجلس النواب العراقي حراكاً لتقليص عدد نواب رئيس الجمهورية. وفي السياق، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان، فائق الشيخ علي، إنّ "عدداً من النواب قدموا اقترحاً لتقليص عدد نواب رئيس الجمهورية إلى نائب واحد فقط"، موضحاً في تغريدة على حسابه على "تويتر" أنّ "هذا الأمر مخالف للدستور الذي نصّ على أن يكون لرئيس الجمهورية نائب واحد أو أكثر".
وأياً كان عدد نواب الرئيس، فإنّ هذه المناصب "لن تمرّر من دون حدوث أزمة"، بحسب السياسي المستقل، عضو البرلمان السابق محمود عثمان، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "أي استحقاق عراقي لا يتم من دون مشاكل وخلافات". وأشار عثمان إلى أنّ "الخلافات التي ستحدث على هذه المناصب لن تختلف عن سابقاتها، التي أصبحت صفة تلازم المسؤولين العراقيين الذين أصبحوا يمتلكون خبرة بالأزمات، أكثر من الخبرة بالحلول".
أمّا نائب الرئيس العراقي السابق إياد علاوي، فدعا إلى تحسين التمثيل في المناصب المهمة بالدولة العراقية، بعيداً عن المحاصصة، مشدداً في مقابلة مع صحيفة محلية على "ضرورة تلافي الأخطاء السابقة". كما دعا علاوي إلى "القضاء على الأمراض التي أصابت العملية السياسية في المرحلة السابقة، كالطائفية السياسية، والاجتثاث العشوائي القائم على قدم وساق، والمحاصصة"، واصفاً ما حدث أثناء انتخاب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في سبتمبر/أيلول من العام الماضي بـ"المهزلة".
وأثارت عملية انتخاب رئيس البرلمان لغطاً سياسياً في حينها، بسبب اتهامات وجهها بعض النواب بالتلاعب وشراء الأصوات. يشار إلى أنّ الدستور العراقي حدّد انتخاب رئيس الجمهورية في أول جلسة للبرلمان المنتخب بأغلبية الثلثين، في وقت اشترط الدستور وجود نائب للرئيس أو أكثر يحصلون على الأغلبية البسيطة لأعضاء مجلس النواب.