العبادي يجمّد الحرب على الفساد لأسباب انتخابية

26 يناير 2018
الانتخابات النيابية مقررة في 12 مايو (سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
يعود ملف الفساد إلى الواجهة في العراق، عقب كشف قاضٍ بهيئة النزاهة العراقية في بغداد، أمس الخميس، عن "نية حكومية لتجميد عدد من ملفات الفساد الكبيرة التي وعد رئيس الوزراء حيدر العبادي في وقت سابق بفتحها وإحالة المتورطين فيها للقضاء لما بعد الانتخابات البرلمانية. ومن بينها ملفات الكهرباء وصفقة السلاح الروسية والمدارس الإيرانية الجاهزة ومجمعات كربلاء والبصرة السكنية، فضلاً عن ملف البطاقة الغذائية الشهرية للمواطنين، ومزاد الدولار في البنك المركزي وعدّادات نفط البصرة وما يتعلق به من عمليات تهريب النفط الخام خارج البلاد وعلاج عناصر الجيش العراقي في لبنان وإيران وتركيا". وأكد القاضي أن "نحو 80 في المائة من المتهمين بملفات الفساد الكبيرة بالبلاد، ينتمون لأحزاب إسلامية شيعية وسنية فضلاً عن أحزاب كردية". وجاء ذلك مع استمرار الكتل السياسية بما فيها كتلة العبادي "النصر"، مشاوراتها لعقد تحالفات سياسية تسمح لها بتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، بغية تشكيل الحكومة الجديدة منتصف العام الحالي. 

وكان العبادي قد أعلن مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عما وصفه "بدء الحرب على الفساد عقب إنجاز مرحلة القضاء على تنظيم داعش الإرهابي عسكرياً". وذكرت الحكومة أن "الفساد تسبّب بضياع أكثر من 450 مليار دولار خلال حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية بين عامي 2006 ولغاية 2014 وفاقم معدلات الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق في العراق".

ووفقاً لقاض أول في هيئة النزاهة العراقية، فإن "الهيئة تمكنت خلال العام الماضي من إيقاف هدر أكثر من 800 مليار دينار عراقي (نحو 680 مليون دولار)، فضلاً عن إنجاز أكثر من مئات الملفات المتعلقة بالفساد لكن هناك ملفات لا يمكن للهيئة فتحها أو المساس بها، منها الملفات التي تتعلق بالمالكي وعدد من الوزراء وزعماء الأحزاب".

وأضاف القاضي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ملفات الفساد الكبيرة تعادل قيمة أموال كل ملف منها جميع الملفات الصغيرة التي تم التحقيق بها خلال العام الماضي 2017. ومنها على سبيل المثال صفقة السلاح الروسية والطائرات الإيرانية وكذلك ملف الكهرباء والنفط والتلاعب بعدادات التصدير في البصرة". وأشار إلى أن "غالبية المتهمين بملفات الفساد والثراء الفاحش هم من الأحزاب الإسلامية سواء سنية أو شيعية".

وأشار القاضي نفسه إلى أنه "على سبيل المثال هناك سياسي عراقي كان يقيم في منزل بمساحة 150 متراً في الكرادة ببغداد مستأجر من سيدة بعد وصوله العراق مع القوات الأميركية، والآن بات مالكاً لمجمّع تجاري ومنزل فخم في الكاظمية شمالي بغداد وبستان بأكثر من 4 هكتارات ببغداد، فضلاً عن أملاك أخرى سجلها باسم زوجته وأختها ببغداد وبابل وكربلاء، لكن ملفه مجمّد لكونه مدعوما من دولة إقليمية جارة". وأكد أن "80 في المائة من ملفات الفساد يقف وراءها إسلاميون من أحزاب مختلفة وكذلك من مختلف الطوائف".



وكشف القاضي أن "الحكومة أوقفت ملاحقة ملفات الفساد وجمّدت العمل بالتحقيق فيها، لحين انتهاء السباق الجديد للوصول إلى البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة". واتهم البرلمان بـ"المماطلة في تشريع قانون يمنح هيئة النزاهة صلاحيات أوسع بسبب تورط البرلمانيين أنفسهم بملفات فساد".

من جهته، ذكر النائب في البرلمان العراقي جوزيف صليوة، لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب الإسلامية تتخذ من الدين غطاء ولا يمكن تعميم عبارة الإسلامية على أنها وصف حقيقي لها". وأضاف أن "أغلب الأحزاب التي تعرّف عن نفسها على أنها إسلامية، كانت تقول إن المدنيين والعلمانيين هم سبب التفسخ الأخلاقي بالمجتمع، وعلى أرض الواقع هم من يتبنّون ويحمون المتفسخين بالمجتمع وهذه حقيقة. هناك تجارة بالمخدرات والحشيش ويمتلكون السلاح فيقتلون الناس ويستولون على بيوتهم، ولهم ولاءات خارجية وإقليمية، وعلى تلك الأحزاب الدينية أن تراجع نفسها لأنها أوصلت البلد لحالة مزرية". وأضاف أن "عليهم أن يتركوا الهجوم على المدنيين والعلمانيين لأن الإنسان العراقي صار يعرف جيداً من سرقه ومن تسبب بتدميره هو وبلاده"، خاتماً بالقول: "لا يمكن اعتبارهم إسلاميين بل هم مجموعة لصوص اتخذوا من الدين غطاء لسرقة العراق والعراقيين".

أما عضو حزب الدعوة، الحاكم باسم الدراجي، فاعتبر أن "هناك حملة لتشويه سمعة الأحزاب الإسلامية بالعراق من قبل إسرائيل وأميركا"، موضحاً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الكيان الصهيوني وأميركا وفلول حزب البعث والشيوعيين والعلمانيين بالعراق يقفون سوياً وراء هذه الادعاءات لإسقاط الحكم الإسلامي بالعراق، وهذا ما يجب أن ينتبه له العراقيون". وحذّر من "مخطط لعودة حزب البعث من خلال تلك الاتهامات".



المساهمون