تقرير إسرائيلي يكشف "مكامن فشل" الاحتلال بالعدوان على غزة

06 مايو 2016
يتوقع أن يحدث التقرير زلزالاً سياسياً (Getty)
+ الخط -
لم تكد تمر 48 ساعة على محاولات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الادعاء بأن العامين الأخيرين يشهدان هدوءا لم يسبق له مثيل، بـ"فضل" نشاط جيش الاحتلال وكسر حركة "حماس"، حتى كشفت المواقع الإسرائيلية، ليلة أمس، والصحف الإسرائيلية، صباح اليوم، عن مسودة تقرير رسمي وضعه مراقب الدولة الإسرائيلي، يوسيف شبيرا، يرصد مكامن الفشل بالعدوان الأخير على غزة، ويحذر من "زلزال أرضي" في السياسة الإسرائيلية.

ووجه تقرير شبيرا انتقادات شديدة لحكومة نتنياهو بخصوص الحرب الأخيرة على قطاع غزة، خصوصاً فشلها في "الاستعداد لمواجهة خطر الأنفاق الهجومية"، والتستر على تحذيرات كان رفعها جهاز "الشاباك" من احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية مع قطاع غزة في صيف 2014.

وقالت الصحف الإسرائيلية إن مسودة التقرير المذكور، التي تم تعميمها على أعضاء مجلس الكابينيت للحكومة الإسرائيلية إبان الحرب على غزة، وبينهم كل من وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، ووزير المالية السابق، يئير لبيد، أشد لهجة ووقعاً من تقرير لجنة "فينوغراد"، الذي صدر بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو/ تموز 2006، وكان وراء استقالة وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، عمير بيرتس.

وبحسب ما سربته الصحف الإسرائيلية، اعتمادا على مصادرها المختلفة، والتي يرجح أنهم بالأساس أعضاء سابقون وحاليون في مجلس الكابينيت، فقد أخفى نتنياهو ووزير أمنه، موشيه يعالون، عن أعضاء مجلس الكابينيت التحذيرات التي رفعها جهاز الشاباك، بشأن اندلاع المواجهة في غزة، ولم يعرف الوزراء بأمر هذه التحذيرات إلا بعد بدء العدوان. 


ويتضح، أيضاً، أنه في الوقت الذي كان يعالون ونتنياهو يناقشان مسألة خطر الأنفاق الهجومية كخطر استراتيجي مع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية في إسرائيل، فإن الموضوع لم يعرض بشكل واضح وبإسهاب أمام الكابينيت الإسرائيلي، باستثناء التطرق إليه في إيجاز عام قدمه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية آنذاك، يئير كوخافي.

وتشير مسودة التقرير المذكورة إلى وجود فشل حقيقي في إدارة رئيس أركان جيش الاحتلال أثناء العدوان على غزة، وعدم إداركه لحقيقة نوايا حركة "حماس" أو قدرتها القتالية، وهو ما تمثل في إعلانه أمام الوزراء، في مطلع يوليو/ تموز، بعد اكتشاف أحد الأنفاق الهجومية قرب كرم أبو سالم، إذ أبلغ غانتس الوزراء في الكابينيت أن "حماس" لا تملك لا القدرة ولا النية لتنفيذ عمليات هجومية إضافية عبر الأنفاق، ولكن بعد ذلك بشهر واحد نفذت الحركة أربعة هجمات من داخل هذه الأنفاق، ما جعل مراقب الدولة الإسرائيلي يكتب أنه اتضح أنه لا علاقة بين تقديرات غانتس وبين ما يحدث على أرض الواقع، بحسب ما نشرت "يديعوت أحرونوت".

وبحسب ما نشر في "يديعوت أحرونوت" و"معاريف"، فقد أدت إدارة الحرب والأخطاء التي رافقتها إلى إطالة أمد العدوان إلى 51 يوماً، ناهيك عن أن نتنياهو ويعالون وغانتس أداروا الحرب وأقروا خطواتها عبر إقصاء أعضاء مجلس الكابينيت، وأنهم، وعلى الرغم من  تصنيف الأنفاق كخطر استراتيجي، لم يقوموا باتخاذ خطوات أو إعداد خطوات عملياتية كافية لمواجهة خطر الأنفاق الهجومية.

يشار إلى أن موضوع الأنفاق الهجومية شكل خلال العدوان على غزة، نقطة خلاف كبيرة بين نتنياهو وعدد من أعضاء الكابينيت، كان أبرزهم في حينه الوزير نفتالي بينت، الذي اتهم نتنياهو بإخفاء المعلومات عن أعضاء المجلس الوزاري المصغر، والتهاون في مواجهة خطر الأنفاق، معتمداً في ذلك على المعلومات التي جمعها عبر زياراته الميدانية التي قام بها لمواقع تمركز جنود الاحتلال. ثم تبيّن لاحقاً، أنه حصل على معلومات سرية من الحاخام العسكري لجيش الاحتلال، ومن عدد من قادة الألوية، وكبار الضباط من معتمري "القبعات المنسوجة" المحسوبين على التيار الديني الصهيوني، الذي يمثله نفتالي بينت عبر حزب "البيت اليهودي".


كما يوضح التقرير، الذي لم ينشر بعد، سبب الصراع الذي دار بعد انتهاء العدوان بين جهاز الشاباك الإسرائيلي، وبين شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال "أمان"، بشأن تقديم الشاباك تحذيرات رسمية من خطر الأنفاق، وهو ما حاولت شعبة الاستخبارات العسكرية نفيه والادعاء بأن مثل هذا الأمر لم يحدث. ويأتي تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي ليحسم عمليا لصالح موقف الشاباك.

وتوقعت الصحف الإسرائيلية أن يُحدِث التقرير عند نشره زلزالاً سياسياً في دولة الاحتلال، خصوصاً بفعل الانتقادات الشديدة لأداء الثلاثي نتنياهو ويعالون وغانتس، ولا سيما أنهم لا يزالون يتبوّأون مناصب رسمية في حالة نتنياهو ويعالون، بينما يستعد غانتس لخوض المعترك السياسي في إسرائيل.

ومن شأن نشر التقرير أن يضرب، في ظل الوضع الحزبي الداخلي في إسرائيل، مكانة كل من موشيه يعالون، الذي يواجه أخيراً هجوماً متواصلاً عليه من أوساط المستوطنين والجناح المناصر لهم في "الليكود"، والذين يطالبون بعزله من منصبه، وعدم انتخابه مرة أخرى في موقع متقدم. كما من شأن توصيات سلبية بحق غانتس أن تضعف فرصه في تبوّء موقع رفيع في أحد الأحزاب الإسرائيلية في الانتخابات المقبلة.

وأثارت المعلومات التي تم تسريبها عن التقرير حفيظة ديوان نتنياهو، ورد مقربون منه عليه بادعاء أنه غير جدي، وأنه استمرار لمحاولات تصفية نتنياهو سياسياً. 

وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فقد اتهم المقربون من نتنياهو مراقب الدولة نفسه بأنه هو المسؤول عن تسريب مضامين المسودة، حتى قبل الانتهاء من وضع النسخة النهائية للتقرير. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو يبذل، في الأسابيع الأخيرة، جهودا كبيرة لتخفيف لهجة التقرير، خوفاً من تداعياته. 

أما المقربون من يعالون، فاعتبروا أن الحديث يدور عن مسودة غير دقيقة للغاية، وهي بمثابة فضيحة لديوان مراقب الدولة.​