نتائج أولية
وتشير التقديرات الأولى لنتائج الانتخابات البلدية الفرنسية، بعد إغلاق آخر صناديق الاقتراع عند الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي وبدء فرز الأصوات، إلى إحراز عمدة باريس الحالية، آن إيدالغو، من الحزب الاشتراكي، انتصاراً ساحقاً (30.2%) على مرشحة "الجمهوريين" اليميني، رشيدة داتي (22%) ومرشحة حزب "الجمهورية إلى الأمام" الحاكم، أنييس بوزان ( 17.6%).
كما أشارت التقديرات إلى تصدر رئيس الوزراء الفرنسي الحالي، إدوار فيليب، النتائج في مدينة لوهافر التي قرر الترشح لرئاسة بلديتها، متقدماً بـ9 نقاط (43%) على منافسه، من الحزب الشيوعي، جان بول لوكوك (34%).
وتصدر حزب "أوروبا إيكولوجيا الخضر" النتائج في بوزانسون (نحو 70 ألف ناخب)، في حين تصدرها مرشح الحزب الاشتراكي في روان (نحو 57 ألف ناخب). وفي توركوان (نحو 100 ألف ناخب)، نجح وزير العمل والحسابات العامة، جيرالد دارمانان، من حزب "الجمهورية إلى الأمام" الحاكم، بحسم المعركة الانتخابية من الجولة الأولى، بحصوله على ما يزيد عن 50% من الأصوات بحسب التقديرات الأولى.
ويبدو أن حزب "أوروبا إيكولوجيا الخضر" في طريقه لإحراز عدد من المفاجآت الكبرى، إذ تضع التقديرات للانتخابات في مدينة ليون، ثالث المدن الفرنسية، مرشحه، غريغوري دوسيه، بعيداً (29%) أمام مرشح الحزب الرئاسي، "الجمهورية إلى الأمام" (16.7%).
كما فجر "الخضر" مفاجأة أخرى، بتقدم مرشحهم بيار هورميك (35.9%)، المدعوم من قبل الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي، في مدينة بوردو (140 ألف ناخب)، على العمدة الحالي، من حزب "الجمهوريين" اليميني، نيكولا فلوريان (33.4%)
وتصدرت نتائج الانتخابات في ليل (120 ألف ناخب) مرشحة الحزب الاشتراكي، والوزيرة السابقة، مارتين أوبري (28%)، في حين تقدم مرشح "التجمع الوطني" اليميني المتطرف في بيربينيان (120 ألف ناخب).
كذلك تصدرت العمدة الحالية لمدينة رن (115 ألف ناخب)، ناتالي أبيريه، المدعومة من قبل الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي، النتائج في المدينة، وتقدر النسبة التي حصلت عليها من الأصوات بـ32%.
وتظهر التقديرات تقدم العمدة الحالية لمدينة كاليه (100 ألف ناخب)، ناتاشا بوشار، من حزب "الجمهوريين" اليميني، نتائج الانتخابات فيها. وفي لومون (92 ألف ناخب)، يتقدم النتائج عمدة المدينة الاشتراكي، والوزير السابق، ستيفان لوفول، بنحو 42% من الأصوات.
عزوف بنسب تاريخية
وبلغت المشاركة في العاصمة، حتى عصر اليوم، 32.96%، في حين وصلت هذه النسبة، عند الساعة نفسها من انتخابات 2014، إلى 39.57%، أما منطقة "إيل-دو-فرانس"، التي تقع فيها العاصمة، فبلغت نسبة التصويت فيها، حتى الظهيرة، 13.82 في المائة، في حين كانت هذه النسبة 16.87% في انتخابات 2014.
وقال معهد "إبسوس" للإحصاءات، في تقدير أولي، إن نسبة الامتناع عن التصويت في هذه الجولة الأولى من الانتخابات البلدية الفرنسية قد تصل إلى 54.5%، وهو رقم قياسي في تاريخ الانتخابات البلدية في فرنسا. وكانت نسبة الامتناع في انتخابات 2014 قد بلغت 36.4%.
وبدت شوارع العاصمة أقل ازدحاماً وحركةً من المعتاد، إذ كانت شوارعها وساحاتها ستمتلئ تماماً في يوم أحد مشمس كهذا، لولا أزمة كورونا التي تعصف بالبلد.
وتطبق فرنسا، منذ اليوم، قراراً أصدره مساء أمس رئيس الوزراء إدوار فيليب، بإغلاق المحال التجارية "غير الضرورية". ويشمل القرار المطاعم والمقاهي وصالات السينما والملاهي وغيرها من الأماكن التجارية. أما المحال والمتاجر الغذائية والصيدليات ومحطات الوقود، فلا تزال وستبقى مفتوحة.
لكنّ باريس لم تبدُ مدينة أشباح، رغم كل ذلك. فأسواق الخضر في الساحات الكثيرة يوم الأحد، اكتظت بالذين جاؤوا للتبضّع. والشوارع لا تخلو ممن يجوبونها، وإن كانوا أقل من المعتاد، من المارة، ومن الناخبين الذاهبين نحو مراكز الاقتراع، أو الذين يمارسون الرياضة، أو الأشخاص الذين ينتظرون دورهم أمام المخابز وأولئك الذين يتبضعون في الدكاكين والمحال الغذائية الصغيرة، التي تجذب الكثير من الزبائن في يوم عطلة كهذا تغلق فيه أكثر المتاجر الكبرى.
وبعدما بدت هادئة، صباح اليوم، عادت شوارع الدائرة العاشرة في العاصمة لتستعيد جزءاً من حيويتها بدءاً من الظهيرة. ويعدّ هذا الحيّ من أكثر أحياء المدينة شعبيةً وحركةً، خصوصاً في محيط شارع فوبور سان دني، الذي يعد عصبه، والذي يضم عدداً كبيراً من المطاعم والمحال التجارية التي يديرها أتراك وعرب وأكراد.
وتستضيف مدرسة ابتدائية، واقعة في شارع مارتل، القريب من شارع فوبور سان دني، مركزاً للاقتراع يستقبل الناخبين منذ الساعة الثامنة صباحاً، وحتى الثامنة مساءً. وعلى خلاف العادة، لا ينتظر الناخبون في طابور، واحداً وراء الآخر، أمام المركز، بل يأخذ كل منهم، أو كل اثنين منهم، مكاناً بعيداً نسبياً عن الآخرين، في انتظار دور الدخول والتصويت.
ويحاول القائمون على مركز الاقتراع الفصل زمنياً ومكانياً بين المرشحين، تجنباً للاحتكاك. كما قامت السلطات بإعادة هندسة المكاتب الانتخابية بما يتيح عدم تلامس الناخبين مع الموظفين، ولا مع أيّ غرض من أغراض المكتب أو أثاثه. وكانت السلطات قد أرسلت إلى كل واحد من الناخبين ظرفاً بريدياً فيه الاستمارات الانتخابية الخاصة بدائرته، ودعت كل ناخب إلى إحضار قلمٍ معه، سعياً لتخفيف مخاطر العدوى بالفيروس. كما وُضعت عبوات مطهر للأيدي على مداخل مراكز الاقتراع.
لكن أحد الناخبين، وهو شاب أربعيني، قال لـ"العربي الجديد"، عند خروجه من مكتب الاقتراع، إن "الإجراءات الوقائية" التي أعلنت عنها الحكومة لم تكن مطبقةً كما قيل، "لا سيّما المسافة اللازمة بين ناخب وآخر".
وشاركت ناخبة تجربتها بالاقتراع مع "العربي الجديد"، قائلة "طُلب مني تنظيف يدي بالمطهر عند دخولي إلى المكتب، وكانت ستارة حجرة التصويت مثبتة بحيث لم أضطر إلى لمسها عند دخولي وخروجي منها، ثم وضعت مظروف استمارتي الانتخابية في الصندوق، ووقّعت بقلمي الخاص، ثم أبرزت بطاقتَي الشخصية والانتخابية للموظفة التي كانت ترتدي قفازين مطاطيين".
وعلى بعد عشرات الأمتار من المدرسة التي يوجد فيها مركز الاقتراع، يقول شاب وصديقته، وهما من الذين لم يشاركوا ولا ينوون المشاركة بالتصويت، إنهما يفضلان "الخروج للتبضع" بدلاً من الذهاب للاقتراع، الذي "لن يقدّم أو يؤخر شيئاً" في حياتهما "فوراً"، كما يقولان.