يبدو أنّ رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ستعيد تأكيد سلطتها، من خلال إجراء تعديل وزاري وشيك، قد يشمل نقل بوريس جونسون، من منصبه في وزارة الخارجية، وفق ما ذكرت صحيفة "صنداي تايمز".
ففي أول مقابلة لها، بعد خطابها في مؤتمر حزب "المحافظين"، الأسبوع الماضي، والذي وصف بـ"الكارثي"، صرّحت ماي، اليوم الأحد، لصحيفة "صنداي تايمز"، بأنّها تستعد لإعادة النظر بفريقها، من أجل ضمان الحصول على "أفضل الناس في حكومتها"، بحسب قولها.
ورداً على سؤال بشأن مصير جونسون، قالت ماي: "لم يكن أسلوبي أبداً أن أهرب من التحدي، ولن أقوم بذلك الآن. أنا رئيسة الوزراء، وجزء من عملي هو التأكد من أنّني أحظى دائماً بأفضل الناس في مجلس الوزراء، للاستفادة القصوى من المواهب المتاحة لي في الحزب".
ويُعدّ تصريح ماي، بحسب الصحيفة، إشارة واضحة لنيتها استبدال بعض الوزراء، الذين تسببوا لها بمشاكل، لا سيما أن مصادر في حزب "المحافظين"، ذكرت لـ"صنداي تايمز"، أنّ ماي تخطط لتعديل وزاري، بعد اجتماع المجلس الأوروبي في 19 و20 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.
وفي إشارة إلى أنّ جونسون، سيُنقل من وزارة الخارجية ومكتب الكومنولث إلى منصب جديد، نقلت الصحيفة عن مصدر قالت إنّه "على دراية بتفكير رئيسة الوزراء"، قوله إنّه "ليس هناك خيار ثنائي بين إبقاء أو إقالة بوريس".
ويأتي ذلك، في وقتٍ تواجه فيه ماي صعوبات، بعد الخطاب الذي وُصف بـ"الكارثي"، والذي ألقته، الأربعاء، في ختام مؤتمر حزب "المحافظين" في مانشستر.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية، تأمل في أن يُعزز خطابها من زعامتها للحزب، وأن يُعيد إحياء شعبية حزب "المحافظين"، عبر سياسات تحدُّ من ارتفاع أسعار الطاقة وإنفاق المليارات على التعليم والسكن، لكن سلسلة من الحوادث ألقت بظلالها على محتوى الخطاب.
فقد تمكن ممثل كوميدي يُدعى سيمون بوردكين من الوصول إلى منصتها، وتسليمها وثيقة P45 الخاصة بإنهاء الخدمة، قال إنّ جونسون أمره بتسليمها، في مزحة كوميدية. كما منعها السعال المتكرر من إنهاء خطابها بسلام، قبل أن ينتهي الخطاب بتساقط الأحرف من الشعار الموضوع على المنصة خلفها.
ووسط الانتقادات التي واجهتها، تلقّت ماي دعوات بالاستقالة من قبل عدد من النواب والمسؤولين في حزبها.
وقال غرانت شابس، وهو مدير سابق لحزب "المحافظين"، إنّ ثلاثين برلمانياً عن الحزب يؤيدون مطلبه بإجبار ماي على التنحي، ومنهم خمسة وزراء سابقون، مشيراً إلى أنّ بعض وزراء الحكومة الحالية، متفقون معه في السر، ولكنهم لا يستطيعون التصريح علناً بذلك، بسبب عملهم في الحكومة.
ويوم الجمعة، دحضت الحكومة البريطانية، أي "محاولة انقلاب" بقيادة شابس، بحسب "صنداي تايمز"، والتي كشفت في الوقت عينه، عن أنّ ثلاثة وزراء على الأقل، من بينهم جونسون، ناقشوا، مساء الخميس، ضرورة استبدال ماي.
وكان جونسون، قد نفى سابقاً، صحة ما ورد في تقارير صحافية ذكرت أنّه يسعى للإطاحة بماي كي يخلفها بمنصبها.
وأرسل جونسون، الموجود في إيطاليا، خلال نهاية هذا الأسبوع، رسالة إلى مجموعة "واتساب" تضم أعضاء البرلمان عن حزب "المحافظين"، دعاهم فيها إلى "الوقوف خلف رئيسة الوزراء". والليلة الماضية، أضاف أنّ الأشخاص الذين تآمروا ضد ماي، كانوا "مجانين".
وكانت صحف البريطانية قد تناقلت، أيضاً، أخباراً عن تلويح جونسون بالاستقالة إن أعلنت ماي في خطابها، عن توجهها نحو نموذج سويسري للعلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد "بريكست".
وكان الرأي السائد في حزب "المحافظين"، أن تُمنح ماي المزيد من الوقت حتى عام 2019، كي تتمكن من إتمام إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست،" ومن ثم يتجه الحزب لانتخاب قيادة جديدة تقوده في الانتخابات العامة المتوقعة عام 2021.
غير أنّ النزاع الداخلي في صفوف الحكومة، وتعثر مفاوضات "بريكست"، فضلاً عن خطاب ماي الكارثي الأخير، دفع بالكثيرين إلى إعادة النظر في بقائها.
وفي المقابلة مع "صنداي تايمز"، اليوم الأحد، اعترفت ماي بأنّها مرّت بوقت "غير مريح"، لكنّها قالت إنّها لم تنظر أبداً في مغادرة مؤتمر "المحافظين"، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها، خاتمة بالقول: "أنا شخص عازم جداً. أنا لست شخصاً يستسلم".