الحوار الاستراتيجي القطري - الأميركي... معركة دول الحصار لكسب عقل واشنطن فشلت

30 يناير 2018
أجرت البحرية القطرية والأميركية مناورات مشتركة (الأناضول)
+ الخط -

يعقد في واشنطن، اليوم الثلاثاء، بمشاركة قطرية وأميركية رفيعة المستوى، الحوار الاستراتيجي القطري - الأميركي، الأول من نوعه بين البلدين على المستوى "الوزاري"، إذ سبق أن خاض البلدان، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حواراً في واشنطن لمكافحة الإرهاب، بهدف تعزيز التعاون الثنائي في هذا المجال، في خطوة تلت توقيع قطر والولايات المتحدة في 11 يوليو/ تموز الماضي في الدوحة، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، تشمل التعاون بين الجانبين في مجالات الأمن والاستخبارات والمالية.

ويعكس الحوار الاستراتيجي الزخم الشديد الذي شهدته العلاقات بين البلدين، والتي تعززت بعقد العديد من الاتفاقيات السياسية والأمنية والعسكرية، والمناورات والتدريبات العسكرية المشتركة التي قامت بها قوات البلدين، خلال الأشهر القليلة الماضية، خصوصاً بعد اندلاع الأزمة الخليجية. وفي الوقت الذي ستكون فيه الأزمة الخليجية على أجندة الحوار الاستراتيجي، وفق إعلان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، فإن الحوار سيناقش أيضاً مجالات التجارة والاستثمار والدفاع والأمن والقانون ومكافحة الإرهاب وتنظيم حركة الطيران، وهزيمة تنظيم "داعش"، وملفات سورية وإيران والعراق وأفغانستان.

وفي إعلانها عن موعد الحوار الاستراتيجي، الذي سبق للكويت أن أجرته مع الإدارة الأميركية السابقة، في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وصفت نويرت "قطر بأنها شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية". وسبق الإعلان عن موعد إطلاق الحوار الاستراتيجي بين الدوحة وواشنطن، اتصال هاتفي تلقاه أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل نحو أسبوعين، من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، استعرضا خلاله العلاقات الثنائية وسبل تعزيز مجالات التعاون المشترك بين البلدين، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب. وأشاد ترامب بالدور الذي تؤديه الدوحة في مكافحة الإرهاب.

ورأى الإعلامي القطري، جابر الحرمي، أن انعقاد الحوار الاستراتيجي في مثل هذا التوقيت، وبعد نحو 8 أشهر من اندلاع الأزمة الخليجية، يبعث برسالة أميركية واضحة إلى دول الحصار أن لا علاقة لقطر بكل الاتهامات التي كالتها هذه الدول للدوحة، وأن واشنطن ماضية في تعزيز علاقاتها مع الدوحة بصورة أكبر وأعمق. وأشار إلى أنه بات واضحاً أن مزاعم دول الحصار بدعم قطر للإرهاب لم تلق رواجاً لدى دول العالم ومنظماته، رغم الإنفاق السخي على الإعلام الغربي ومحاولة شيطنة قطر بكل الأساليب، بما فيها تحول سفراء دول الحصار إلى "تجار شنطة"، على حد وصفه. وأكد أن قطر نجحت في تعزيز علاقاتها مع دول العالم بصورة أكبر مما كانت عليه قبل يونيو/ حزيران 2017، بما فيها تعزيز علاقاتها مع أميركا، التي راهنت دول الحصار، في بداية الأزمة، على اصطفافها إلى صفها، خصوصاً ترامب الذي حاول تمرير أجندته الخاصة. وأعرب الحرمي عن اعتقاده بأن هذا الحوار يعني تأكيداً على مضي العلاقات بين الجانبين إلى آفاق أرحب، معتبراً أن المشاركة القطرية والأميركية رفيعة المستوى فيه تدلل على أن البلدين يخطوان نحو تعاون أوثق في العديد من المجالات والملفات مستقبلاً.


ورأت مصادر خليجية في توقيت الحوار الاستراتيجي القطري - الأميركي، أنه يمثل إعلاناً بفشل تحويل الحصار على قطر إلى عزلة دولية، وأن معركة دول الحصار لكسب عقل وقلب واشنطن قد فشلت أيضاً، وأن قطر تمكنت من الالتفاف على خطة دول الحصار. وأضافت هذه المصادر، في تعليق لـ"العربي الجديد"، على انطلاق الحوار الاستراتيجي، أن إحدى الرسائل التي يحملها هذا الحوار متعلقة بالولايات المتحدة الأميركية نفسها، وهي أن مخطط البيت الأبيض للاصطفاف مع دول الحصار لم ينجح، وأن مؤسسات الدولة الأميركية الأخرى، وتحديداً الخارجية والبنتاغون، تمكنت من فرض وجهة نظرها بأن قطر تظل حليفاً، وحليفاً مهماً في عدة ملفات، وأن أميركا، بهذا الحوار، ترفض ضمنياً وتلقائياً رواية دول الحصار بأن قطر تدعم الاٍرهاب.

وقال القائم بأعمال السفارة الأميركية في الدوحة، رايان كليها، في وقت سابق من يناير/ كانون الثاني الحالي، إن "العام 2018 سيكون رمزاً حقيقياً لقوة العلاقات القطرية ـ الأميركية"، مشيداً بتوقيع قطر والولايات المتحدة صفقة طائرات "أف-15" التي سيتم تسليم أول طائرة منها في العام 2021، كما وافقت وزارة الخارجية الأميركية، في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، على مبيعات عسكرية لقطر بقيمة 1.1 مليار دولار، تشمل توفير خدمات دعم لبرنامج مقاتلاتها من طراز "أف 15 كيو إيه". وقد أشادت وزارة الخارجية الأميركية، في تقريرها السنوي في العام 2016، بالشراكة الأميركية - القطرية في مجال مكافحة الإرهاب. ونوهت بالعلاقات القوية التي تربط الوكالات الأمنية الأميركية والقطرية، مشددة على أن قطر شريك كامل وعضو فاعل في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، ومؤكدة أن قطر تعاونت وعملت على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي ضد الإرهاب.

ويتمركز 11 ألف عسكري أميركي، غالبيتهم من سلاح الجو، في قاعدة العديد العسكرية الجوية، على بعد 30 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة القطرية الدوحة، حيث تستخدم أميركا القاعدة، التي تضم أكبر تواجد عسكري لها في منطقة الشرق الأوسط، في حربها على تنظيم "داعش" في سورية والعراق. وافتتحت وزارة الدفاع القطرية، في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، المقر الجديد لمكتب الملحقية العسكرية لدولة قطر في واشنطن، بهدف تعزز التعاون والتكامل بين القوات المسلحة القطرية ونظيرتها الأميركية. وأجرت القوات الخاصة في القوات المسلحة القطرية مناورات مشتركة مع العمليات الخاصة المركزية في القوات الأميركية في منطقة سيلين. وأجريت مناورات في المياه البحرية القطرية، بمشاركة سفينتين أميركيتين وقطع بحرية من القوات الأميرية القطرية. كما أعلنت قطر توقيع اتفاقية لشراء طائرات مقاتلة من طراز "أف 15" من الولايات المتحدة الأميركية، بكلفة مبدئية تبلغ 12 مليار دولار. وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6.3 مليارات دولار، فيما بلغت الاستثمارات القطرية في أميركا 35 مليار دولار، وبلغت نسبة الواردات القطرية 14 في المائة خلال تسعة أشهر من العام الماضي.

وكانت وزارة الخارجية القطرية أعلنت، في بيان صدر الجمعة الماضي، أن وفداً قطرياً رفيع المستوى، يضم وزراء الخارجية، والدولة لشؤون الدفاع، والاقتصاد والتجارة، والطاقة والصناعة، والمالية، سيرأس الجانب القطري في الحوار الاستراتيجي، اليوم الثلاثاء. وسيرافق الوفد ممثلون عن وزارات الداخلية، والبلدية والبيئة، والتنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، والمواصلات والاتصالات، والهيئة العامة للطيران المدني، والخطوط الجوية القطرية، ومصرف قطر المركزي، وجهاز قطر للاستثمار، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع. ووفق بيان الخارجية القطرية "سيشهد ختام الحوار، توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وخطابات النوايا بين البلدين، منها مذكرة تفاهم في مجال الطاقة، ومذكرة تفاهم بين الشركة القطرية لإدارة الموانئ والجانب الأميركي، وخطاب نوايا بين وزارة الطاقة الأميركية ووزارة المواصلات والاتصالات القطرية في مجال الأمن السيبراني للبنية الحيوية التحتية للطاقة".