وتركزت التظاهرات في مناطق العشّار والمديّنة والزبير في البصرة، أقصى جنوبي العراق، المطلة على مياه الخليج العربي، وأغلق العشرات من المتظاهرين بوابة مقر الشركة العامة للموانئ العراقية القريبة من مبنى الحكومة المحلية في منطقة المعقل، وسط البصرة، كما احتشد مئات المتظاهرين أمام حقل مجنون النفطي في شمالي البصرة، ورددوا شعارات مناهضة للحكومة، وسط انتشار أمني كثيف.
كما خرجت تظاهرات واسعة في العمارة في ميسان، والديوانية في القادسية، إضافة إلى الناصرية والمجر وسوق الشيوخ والغراف التي فرضت السلطات حظرا للتجوال فيها عقب حرق المتظاهرين منازل ومكاتب مسؤولين محليين وسياسيين ونواب برلمان، فضلاً عن كربلاء والسماوة والكوت والنجف، إذ شهدت تظاهرات تفاوتت من حيث حدتها وعدد المشاركين فيها، وكان الجديد هو مشاركة طلاب الجامعات والمدارس في النجف وتجاوب تجار سوق النجف القديم، أبرز مركز تجاري بالمدينة، مع دعوات الإضراب، فضلا عن محال شارع الإمام الصادق، في مركز النجف أيضا، والأمر ذاته في مركز مدينة السماوة، بمحافظة المثنى.
ووفقا لمصادر طبية عراقية، فقد تم تسجيل إصابة ما لا يقل عن 100 متظاهر، بينهم سبعة بحالة حرجة، في ذي قار والبصرة خلال ساعات نهار الخميس، في الوقت الذي شهدت فيه كربلاء والبصرة اعتقالات جديدة طاولت ناشطين واستدعاء لآخرين في ميسان من قبل استخبارات الجيش، جرى التحقيق معهم ثم جرى إخلاء سبيلهم، بحسب ناشطين.
وفي بغداد، التي شهدت مقتل ثلاثة متظاهرين بمواجهات مع قوات الأمن العراقية، فجر وصباح الخميس، وإصابة العشرات من المتظاهرين بعد تقدم قوات الأمن العراقية إلى ساحة التحرير من الاتجاه الجنوبي، اندلعت مواجهات رضخت لها بالنهاية القوات العراقية وأجبرت على التراجع، فضلاً عن مواجهات قرب جسر السنك على نهر دجلة.
ووجّه ناشطون اتهامات لقوات الأمن وجهة ثالثة بالوقوف وراء حرائق المباني. وقال محمد الموسوي، وهو أحد الناشطين المتظاهرين، إن "الأمن وفي سبيل تشويه وحرف التظاهرات، صار يعمد إلى افتعال مشاكل حرق وتخريب لاتهام المتظاهرين، وهناك دوائر قريبة تعاني فسادا وتخضع للتحقيق وجدت في التظاهرات فرصة لتنظيف هذا الفساد عبر افتعال حرائق وتدمير مستندات ووثائق تدينها".
وأكد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المتظاهرين وجهوا دعوات لوسائل الإعلام ومنظمات دولية ومحلية للتواجد ومراقبة أفعال وتصرفات عناصر أمن وفرق حكومية تسعى لتشويه التظاهرات.
وتتركز التظاهرات، منذ ظهر اليوم الخميس، في ساحة التحرير وجسر الجمهورية، وساحة الخلاني وبداية شارع الرشيد.
وأكد شهود عيان ومتظاهرون أن قوات الأمن العراقي استخدمت الرصاص الحي ضد المتظاهرين الذين تقدموا باتجاه جسر السنك، كما استخدمت القنابل الصوتية وقنابل الغاز بكثافة، ما تسبب بسقوط ضحايا وعشرات المصابين.
وبحسب مصدر طبي، فإن "أغلب الإصابات سجلت بقنابل الغاز، والتي وجهت بشكل مباشر على المتظاهرين"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "العديد من الإصابات ما زالت خطرة، وهناك حالات اختناق كثيرة".
وفي الوقت الذي تتكتم فيه الجهات الحكومية على عمليات الاعتقال التي تطاول المتظاهرين، أعلنت السلطة القضائية، اليوم، إطلاق سراح أكثر من 1600 متظاهر اعتقلوا خلال التظاهرات، وأكد مجلس القضاء الأعلى في إحصائية رسمية، "إطلاق سراح 1648 متظاهراً اعتقلوا خلال التظاهرات الاحتجاجية، أثبتت التحقيقات عدم اعتدائهم على الأموال العامة والخاصة".
في الأثناء، حذر زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، ورئيس حكومة كردستان نيجيرفان البارزاني، خلال لقاء جمع بينهما، من استمرار مواجهة التظاهرات بالعنف. ووفقا لبيان أصدره مكتب علاوي، فإنهما دعوا إلى ضرورة "وقف إراقة الدماء وتقديم المسؤولين عنها إلى المحاكم المختصة"، مشددين على "أهمية الإسراع بالاستجابة لمطالب المتظاهرين".
من جهته، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها اليوم، قوات الأمن العراقي بـ"مهاجمة مسعفين قدموا العلاج للمتظاهرين، منذ بدء التظاهرات في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم"، مؤكدة أن "الأمن أطلق قنابل الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية على المسعفين وخيامهم وسيارات الإسعاف، ما تسبب بمقتل مسعف على الأقل".
ويستعد متظاهرو العراق لتظاهرات مليونية يوم غد، الجمعة، في عموم المحافظات العراقية، بعد دعوات وجهت من قبل ساحات الاعتصام.