وتتواصل التظاهرات العراقية في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، وسط تصعيد غير مسبوق من قبل قوات الأمن، التي استخدمت الذخيرة الحية والقنابل الصوتية نهار أمس الجمعة، إلى جانب قنابل الغاز في تفريقها التظاهرات.
وما زالت الحشود العسكرية والأمنية في البصرة، والقادسية، وذي قار، وبابل، وميسان، وواسط، والمثنى، وكربلاء، والنجف، ومدن أخرى جنوبي العراق، إضافة إلى بغداد، هي من تتحكم بالمشهد الأمني العام، مع تصاعد عدد المحتجين في الميادين والساحات العامة.
وقالت مصادر حقوقية في البصرة، اليوم السبت، إن قوات مكافحة الشغب أحرقت خيام معتصمين قرب مبنى مجلس المحافظة وسط المدينة، من دون خسائر بشرية في صفوف المتظاهرين، وهو الأمر نفسه في كربلاء، حيث أقدمت على حرق ثلاث سرادق كبيرة للمتظاهرين في ساحة التربية وسط المدينة، وهو مركز الاحتجاجات الرئيسة في كربلاء.
وأكد شهود عيان في كربلاء لـ"العربي الجديد"، أن حرق الخيام هو الثاني من نوعه حيث استقدم المتظاهرون خياماً جديدة غير تلك التي أُحرقت ليل الجمعة، لكن جرى حرقها أيضاً من قبل جهاز مكافحة الشغب.
وفيما تستمر عمليات الاعتصام والتجمعات الليلية في المحافظات الأخرى وأبرزها ذي قار وميسان وواسط والمثنى، تتجدد معها التظاهرات صباح كل يوم، آخذة شكلاً جديداً وهو قطع بعض الطرق غير المؤثرة على الأسواق وحركة المواطنين، مع تشكيل حلقات هتاف بالعادة لا تخلو من مهاجمة إيران وتدخلها في العراق.
وفي بغداد، قال الناشط أحمد سعدي من داخل ساحة التحرير إن قوات جهاز مكافحة الشغب أقدمت على حرق مصدات وتجريف وضعها المتظاهرون قرب جسر الجمهورية، وعلى حافة نهر دجلة للتخلص من قنابل الغاز، وهي عبارة عن أخشاب وأنقاض وحديد سكراب، وضعوها لمنع وصول قنابل الغاز من الجهة الثانية للجسر إلى مكان تواجد المتظاهرين. وأضاف، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "قوات الأمن قد تهدف من الخطوة الى ما هو أكبر"، في إشارة الى مهاجمة ساحة التحرير وبناية المطعم التركي التي يتواجد بها المتظاهرون منذ أسابيع.
وأكدت مصادر أمن عراقية في بغداد وأخرى حقوقية، تنفيذ عمليات اعتقال طاولت ما لا يقل عن 20 مدنياً في أحياء شرقي العاصمة، جميعهم من المشاركين في التظاهرات أو دعمها، وهي الليلة الثالثة على التوالي التي تنفذ فيها أجهزة أمن عراقية خاصة عمليات اعتقال بحق الناشطين.
وأكد أصدقاء للناشط العراقي البارز علي هاشم تعرضه للاختطاف في بغداد على يد مجموعة مسلحة، وذلك بعد يوم من اختطاف الناشطين ضرغام الزيدي، وعلي كاظم، وسمير الربيعي من بغداد، أيضاً بعد خروجهم من ساحة التحرير، فيما يتواصل الغموض بشأن مصير الناشطة صبا المهداوي، وسجى محمد، وآخرين اختطفوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وعلى صعيد الضحايا، أكد مسؤول في وزارة الصحة العراقية ببغداد لـ"العربي الجديد"، أن "عدد الشهداء العراقيين الذين سقطوا في التظاهرات ارتفع إلى نحو 310 متظاهرين منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأكثر من 13 ألف مصاب، مؤكداً أن غالبية المصابين غادروا المستشفيات، وتتصدر بغداد والبصرة وكربلاء ذي قار عدد ضحايا التظاهرات العراقية، بحسب المسؤول ذاته.
في المقابل، قال المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، سعد الحديثي إن استقالة عبد المهدي من منصبه وتحويل الحكومة إلى تصريف أعمال "لن يرضي المتظاهرين، وسيفاقم الأزمة ويعقّد الأمور".
وذكر الحديثي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية عراقية أن "استقالة الحكومة ستحولها إلى حكومة تصريف أعمال، وبالتالي لن تغادر السلطة حتى تجرى انتخابات جديدة في حال حلّ البرلمان، أو لغاية تكليف جهة أخرى من القوى السياسية الموجودة حاليا في البرلمان".
وأضاف، أن "هذا الأمر، في حال حصوله، لن يرضي المتظاهرين السلميين"، مبيناً أنه في حال تحولت الحكومة إلى تصريف الأعمال، فإن ذلك "سيجردها من الكثير من صلاحياتها والقدرة على تحقيق الإصلاحات والوعود التي قطعتها أمام المتظاهرين".
وتابع أن الحكومة، في حال تحولها إلى حكومة تصريف أعمال "لن يكون بوسعها إرسال مشاريع قوانين إلى البرلمان"، مشيراً إلى أن "حكومة عادل عبد المهدي تعكف حالياً على إعداد مشروع قانون للانتخابات، وآخر يتعلق بعملية مكافحة الفساد تحت عنوان "من أين لك هذا؟"، الذي سيراجع جميع أموال وممتلكات وعقارات المسؤولين الحاليين والسابقين في العراق"، ورأى أن "استقالة الحكومة ستعقّد الأزمة وتفاقم الأمور".