"هيومن رايتس ووتش": إيران تجنّد أطفالاً أفغانيين للقتال بسورية والدلائل شواهد القبور

03 أكتوبر 2017
+ الخط -
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إنّ الحرس الثوري الإيراني، قد جنّد أطفال مهاجرين أفغانيين يعيشون في إيران، للقتال في سورية، مستندة إلى دلائل منها شواهد قبور هؤلاء الأطفال.

وأشارت المنظمة ومقرّها نيويورك، في تقرير، الأحد، إلى أنّ أطفالاً أفغانيين، تبدأ أعمارهم من 14 عاماً، قاتلوا في مليشيا "لواء فاطميون"، وهي جماعة مسلحة أفغانية حصراً، مدعومة من إيران، وحاربت إلى جانب قوات النظام في سورية.

وبموجب القانون الدولي، يُعتبر تجنيد الأطفال، الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً، للمشاركة فعلياً في أعمال حربية، "جريمة حرب".

وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" أنّ باحثيها راجعوا صور شواهد القبور في المقابر الإيرانية، حيث دفنت السلطات مقاتلين قتلوا في سورية، وتعرّفت على 8 أطفال أفغانيين حاربوا وماتوا على ما يبدو هناك.

وبحسب المنظمة، فقد أيّدت تقارير وسائل الإعلام الإيرانية أيضاً بعض هذه الحالات، وعرضت على الأقل 6 حالات أخرى لجنود أطفال أفغانيين لقوا حتفهم في سورية.

وكشفت المنظمة عن أنّه في اثنتين من الحالات الـ6، راجع الباحثون صور شواهد القبور التي أشارت إلى أنّ الشخص يفوق عمره 18 عاماً، بينما قال أفراد أسر هؤلاء المقاتلين المتوفين لوسائل إعلام إيرانية إنّ أطفالهم غيّروا أعمارهم للانضمام إلى لواء "فاطميون".

وهذا يشير، بحسب "هيومن رايتس ووتش"، إلى أنّه من المرجّح أن تكون حالات تجنيد إيران لأطفال، للقتال في سورية، أكثر انتشاراً.

ودعت المنظمة، إيران، إلى وقف تجنيد الأطفال فوراً، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن ذلك.

وقالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، إنّ "على إيران أن توقف تجنيد الأطفال فوراً، وتعيد أي طفل أفغاني أرسلته للقتال في سورية. بدلاً من الاحتيال على أطفال ضعفاء مهاجرين ولاجئين، على السلطات الإيرانية حماية جميع الأطفال ومحاسبة المسؤولين عن تجنيد الأطفال الأفغانيين".

ويشير تقرير المنظمة إلى أنّه في عام 2015، قدّرت وزارة الداخلية وجود 2.5 مليون أفغاني في إيران، كثير منهم دون تصاريح إقامة.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنّها وثّقت، في السابق، حالات للاجئين أفغانيين في إيران "تطوعوا" للقتال في سورية، أملاً في تصويب وضع أسرهم القانوني.

ومنذ عام 2013، وفق التقرير، دعمت إيران ودربت آلاف الأفغانيين، بعضهم مهاجرون غير شرعيين، للانضمام إلى لواء "فاطميون"، وهي مليشيا وصفتها وسائل إعلام مقرّبة من الحكومة بأنّها قوات أفغانيين "متطوعين" للقتال في سورية.

في مايو/أيار 2015، أورد موقع "دفا برس"، المقرّب من القوات المسلحة الإيرانية، أنّ مليشيا "فاطميون" قد ارتقت من كتيبة إلى لواء.

وبحسب المنظمة، لا توجد إحصاءات رسمية عن حجم هذا اللواء، لكن وفقاً لمقابلة نُشرت على موقع "وكالة تسنيم الإخبارية" التابعة للحرس الثوري الإيراني، فهو يضم حوالى 14 ألف مقاتل.

من خلال مراجعة صور شواهد القبور، وثّقت "هيومن رايتس ووتش"، حالات لثمانية أطفال أفغانيين حاربوا وماتوا في سورية، 5 منهم، دفنوا في قسم الشهداء في مقبرة "بهشت الزهراء" في طهران، واحد منهم لا يتجاوز عمره 14 عاماً.

تشير الكتابة، على شواهد القبور، إلى أنّهم ربما قُتلوا جميعاً في سورية، وأنّ أعمارهم جميعاً تقل عن 18 عاماً وقت وفاتهم.

وقالت "هيومن رايتس ووتش"، إنّها استطاعت توثيق 3 حالات أخرى لأطفال، أعمارهم 17، 15، و17 عاماً، دفنوا في محافظات البرز، وطهران، وأصفهان على التوالي.

في 4 من هذه الحالات، حددت شواهد القبور أيضاً أماكن وفاة الأطفال في سورية، وفي 7 حالات من الحالات الثماني، يوصف الطفل الأفغاني بأنّه "مدافع عن الحرم"، وهو تعبير تستخدمه الحكومة الإيرانية لوصف المقاتلين الذين ترسلهم إلى سورية.

الجنازات وحفلات التأبين، وإضافة عضويتهم في مليشيا "فاطميون"، فضلاً عن مكان "الاستشهاد" في سورية، كلها ذكرتها وسائل الإعلام المحلية.

تقارير وسائل إعلام محلية

وتشير تقارير وسائل إعلام محلية أيضاً إلى أنّ ما لا يقل عن 6 "مدافعين عن الحرم" آخرين، من "فاطميون" دُفنوا في إيران، وكانوا تحت سن 18 عاماً عند وفاتهم.

في 2 من هذه الحالات (حسن رحيمي، ومحمد زمان عطايي) تشير المعلومات المحفورة على شواهد القبور إلى أنّهما كانا يتجاوزان 18 عاماً عندما توفيا، لكن المقابلات الإعلامية مع أسرتيهما تكشف عن أنّهما كانا في الواقع طفلين، أو تحت 18 عاماً، عندما توفيا في القتال في سورية.

على سبيل المثال، قال عيسى رحيمي، والد الجندي الطفل الأفغاني، حسن رحيمي، لـ "وكالة الأنباء القرآنية" الإيرانية (إكنا)، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، " كتب على قبره أنّه ولد عام 1995، لكنّه ولد عام 1999. كذب بشأن عمره حتى يسمحوا له بالانضمام بسهولة إلى القوات. لم يطلبوا منه شهادة ميلاد، وهكذا أفلت".

وبحسب تقرير المنظمة، فقد قال مقاتلون أفغانيون أيضاً، إنّهم رأوا أطفالاً في معسكرات لتدريب القوات الأفغانية.

وتنقل "هيومن رايتس ووتش"، عن علي، (29 عاماً) وهو أفغاني، قوله، في آب/ أغسطس، إنّه تحدّث إلى أطفال جنود أعمارهم 16 و17 عاماً كانوا يتدربون للقتال في سورية.

انضم علي إلى مليشيا "فاطميون"، بعد أن تحدّث معه مُشغل، حين كان يحاول تجديد وثيقة إقامته في مكتب شؤون المهاجرين الأجانب في مدينة مجاورة لطهران. وقال له إنّه سيحصل على إقامة إذا انضم إليهم.

وحول ذلك، قال علي لـ"هيومن رايتس ووتش"، إنّه "لم يُطلب مني أبداً إظهار أي وثائق، لكنهم أرادوا التأكد من أنّنا مواطنون أفغانيون. يجب أن نكون فوق 18 ليتم تجنيدنا، لكنّهم سألونا فقط عن عمرنا، ولم يسألوا عن أي وثائق".

وحذّرت المنظمة، من أنّ شفافية إيران "قليلة" حول تجنيدها لجنود للقتال في سورية، بما في ذلك التدابير التي اتخذتها لمنع تجنيد الأطفال.

ونقلت عن محسن كاظميني، قائد فرقة "محمد رسول الله" التابعة للحرس الثوري في طهران، قوله في 27 يناير/كانون الثاني 2016، في مقابلة مع وسائل الإعلام، إنّ قوات "الباسيج" شبه العسكرية، التابعة للحرس الثوري، هي المسؤولة عن تجنيد القوات للقتال في سورية، رغم أنّ إيران تزعم رسمياً، أنّ كل الأفغانيين الذين يعيشون هناك تطوعوا للالتحاق بمليشيا "فاطميون"، إلا أنّ وضعهم القانوني الهش في إيران، والخوف من الترحيل، ربما قد يكونان وراء هذا القرار.

وذكّرت المنظمة بأنّ السلطات "حاولت" تعميم الحقوق على الأطفال الأفغانيين الذين يعيشون في إيران. ففي 2015، ذكرت التقارير أنّ إيران سمحت لجميع الأطفال الأفغانيين، بمن فيهم الذين لا يحملون وثائق، بالتسجيل في المدارس، بعد أن أصدر المرشد الأعلى علي خامنئي قراراً يشدد فيه على أنّ "أي طفل أفغاني، حتى الذين لا يحملون وثائق، لا ينبغي أن يُتركوا خارج المدرسة".
مع ذلك، أوضح تقرير المنظمة أنّ السلطات الإيرانية لم تفعل سوى القليل جداً لحماية الأطفال الأفغانيين من تجنيدهم للقتال في سورية أو في مكان آخر، لا سيما في ضوء حقيقة أنّ الحكومة اقترحت حوافز مثل طريقة للحصول على جنسية لعائلات المقاتلين الأجانب الذين توفوا، أو جرحوا، أو أسروا خلال "المهمات العسكرية".
وتحذّر "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، من أنّ "الأطفال والمراهقين اللاجئين، هم بشكل خاص عرضة للتجنيد من قبل القوات المسلحة الحكومية..."، وتدعو الحكومات إلى تنفيذ سياسات لمنع هذا الانتهاك لحقوق الإنسان.

وبموجب "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، فإنّ "تجنيد الأطفال دون الـ 15 من العمر في القوات المسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في الأعمال الحربية، جريمة حرب".

ومع أنّ إيران ليست طرفاً في نظام روما الأساسي، لكنّها ملزمة بالقانون الدولي العرفي الذي ينص أيضاً على أنّ "تجنيد الأطفال دون سن 15 جريمة حرب".

ويتطرّق "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل" عن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، أو التي دخلت حيز النفاذ في 12 فبراير/شباط 2002، على أن يكون 18 عاماً هو الحد الأدنى لسنّ المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية.

وقد وقّعت إيران على البروتوكول الاختياري، غير أنّ البرلمان لم يصوّت بعد على التصديق عليه.

يُذكر أنّ "هيومن رايتس ووتش" وثّقت، في السابق، استخدام الجنود الأطفال في سورية، من قبل مليشيات "وحدات حماية الشعب" التابعة لـ "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي.

وطالبت "هيومن رايتس ووتش" الأمم المتحدة، بالتحقيق في تجنيد الأطفال من قبل الحرس الثوري الإيراني، وقالت إنّ على الأمين العام للمنظمة الدولية النظر في إضافته إلى "القائمة السنوية لمرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال" بناء على هذه الأدلة.

وقالت ويتسن إنّ "على إيران تحسين حماية الأطفال الأفغانيين اللاجئين، بدلاً من تركهم عرضة للمجنّدين عديمي الضمير. على إيران أن تصادق فوراً على البروتوكول الاختياري، وضمان عدم تجنيد الأطفال الأفغانيين للقتال في سورية".


المساهمون