قوات "الوفاق" الليبية تواصل محاصرة ترهونة وتدمر عدة مواقع لحفتر

25 ابريل 2020
سلاح الجو يدمر مواقع لحفتر بالقرب من ترهونة(الأناضول)
+ الخط -
لا تزال قوات "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق الليبية تحاصر مدينة ترهونة، آخر معاقل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في غرب ليبيا، فيما لجأ الأخير إلى "الشعب الليبي" لتفويضه بحكم ليبيا بعد فشله عسكريا.

وفي آخر مستجدات ميدان المعركة، أكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية بركان الغضب، عبد المالك المدني، أن المدفعية دمرت، فجر اليوم السبت، عدة مواقع لمليشيات حفتر داخل ترهونة، من بينها "سرية الجحيم" ومقر لـ"صيانة وتركيب الأسلحة والضربات"، واصفاً الضربات بــ "الدقيقة والموجعة".

وقال المدني لـ "العربي الجديد" إن "سلاح الجو نفذ عدة ضربات في محيط المدينة" ليل الجمعة، دون أن يوضح حجم الأضرار البشرية الناجمة عن هذه الضربات.

وبينما أكد المدني أن محاور القتال في محيط طرابلس وترهونة لا تزال تعيش هدوءاً حذراً، أوضح أن إحدى تلك الضربات الجوية استهدفت شاحنة وقود في محيط مدينة بني وليد، غرب ترهونة، كانت متجهة لدعم مليشيات حفتر في جنوب طرابلس.

حفتر يستجدي الليبيين تفويضه للحكم

في الأثناء، لا تزال وسائل موالية لحفتر تنقل على شاشاتها برقيات لما وصفتها بــ"الفعاليات المدنية والشعبية"، على شكل فيديوهات تظهر شخصيات قبلية ومدنية موالية لحفتر "تفوض حفتر بقيادة البلاد"، بعد ساعات من دعوته لـ" تفويض مؤسسة مؤهلة لقيادة المرحلة القادمة"، خلال خطاب متلفز ليل الخميس الماضي.

ورغم أن حفتر لم يُطالب بتفويض قواته صراحة، إلا إن الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، لفت إلى أن "المفوضين الذين ظهروا على شاشات تلفزيونات حفتر لم يُشاهد منهم أحد اتجه لتفويض المحكمة العليا، على سبيل المثال"، ما اعتبره دليلاً على أن حفتر يدعو لتفويض نفسه.

وقال الأطرش، في حديثه لــ "العربي الجديد" إن "حفتر طالب الليبيين بالخروج، لكننا لم نر مسيرات تفوض حفتر لتكون تعبيرا حقيقيا عن الشعب، وكل ما نراه كلمات مكتوبة يتلوها عدد من الأشخاص يتحدثون باسم هذه القبيلة أو تلك".

وخلال خطابه، الخميس الماضي، دعا حفتر "الشعب الليبي" إلى إسقاط المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، مطالباً "الشعب" بتفويض مؤسسة مؤهلة لقيادة المرحلة القادمة"، كما طالب حفتر بـ"إصدار إعلان دستوري جديد يمهد لبناء الدولة المدنية"، معتبراً أن ما وصفه بـ"تصرفات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق كانت سبباً في انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي".

واتهم حفتر المجلس الرئاسي بمسؤولية انحدار المشهد السياسي وتدمير اقتصاد البلاد، و"استثمار موارد النفط لتمويل المليشيات".

وأشار الأطرش إلى أن حفتر لم يتحدث عن سقوط مدن غرب طرابلس ولا ترهونة، لافتاً إلى أن ذلك يُعد اعترافا ضمنيا بفشله العسكري وقرب سقوط آخر معاقله. وأوضح أن حفتر استخدم عبارات مثل "الغزو التركي"، و"المرتزقة" بديلاً عن مسميات الإرهاب التي كان يستخدمها.

لكن الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، لفت، من جانبه، إلى أن خطاب حفتر الاستجدائي تزامن مع إطلاق رئيس مجلس النواب الموالي لحفتر عقيلة صالح لمبادرة سياسية تحاول الرجوع خطوات إلى الوراء للحلول السياسية.

ونصت مبادرة صالح التي أعلن عنها، في خطاب تلفزيوني سبق خطاب حفتر بساعات قليلة، على إعادة تكوين المجلس الرئاسي من رئيس وثلاثة أعضاء ممثلين لأقاليم ليبيا الثلاثة، وحكومة خدمية منفصلة، وإعادة كتابة دستور مؤقت مع استمرار مجلس النواب إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة".

ويُعلق الحداد في حديثه لــ "العربي الجديد" بالقول "من دون شك هو اعتراف ضمني من قبل حفتر وحلفائه بالفشل العسكري بشكل نهائي ومحاولة لإنقاذ من يمكن إنقاذه"، معتبراً أن مبادرة صالح مناورة جديدة لوقف تقدم قوات الحكومة نحو معاقل جديدة لحفتر.

ويؤكد الحداد أن مبادرة صالح قد مر عليها أكثر من يوم دون أن تلقى آذاناً صاغية حتى من قبل حلفاء حفتر الذين لم يعد يُسمع لهم أي تعليق أو موقف، كما أن الدعوات الدولية باتت تدور في فلك وقف إطلاق النار من أجل مواجهة وباء كورونا، لكنه يرى أن خطاب حفتر الاستجدائي يهدف إلى أمرين:

الأول باتجاه القاعدة الشعبية، وخصوصا القبائل القلقة من تزايد سقوط ضحايا من أبنائها في حروب حفتر، مخافة تفتتها ومشاركتها في أي حراك داخلي في حال تتابعت خسائر حفتر وسقوط المزيد من معاقله خارج غرب ليبيا، كما أن التفويض يعني تنصل حفتر من كل جرائمه أمام تلك القبائل لأنها ستتحمل مسؤولية جرائمه إذا ما فوضته.

والهدف الثاني، بحسب الحداد، خلخلة البناء القانوني والسياسي للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق من خلال الدعوة لإسقاط الاتفاق السياسي، خصوصاً وأن الدعم العسكري التركي لقوات الوفاق قائم على شرعية حكومة الوفاق.

ويُحذر الأكاديمي الليبي، من جانب آخر، من إمكانية لجوء حفتر إلى خيارات جديدة على أساس تلك التفويضات لفرض خيار التقسيم أو على الأقل الخيار الفيدرالي في البلاد الذي هيأ له بشكل كبير من خلال دعوات القبائل، التي مكنها من غلق منابع النفط، بالعدالة في تقاسم الثروة.​

دلالات