احتمالات حل حزب أبوالفتوح: اتصالات حكومية قضائية لإيجاد ثغرة

20 فبراير 2018
أبو الفتوح مسجون لـ15 يوماً (فنتشنزو بينتو/فرانس برس)
+ الخط -

لم تتخذ لجنة الأحزاب السياسية في مصر، برئاسة المستشار أنس عمارة، الذي استبعده رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي من رئاسة محكمة النقض، أي إجراء رسمي حتى الآن ضد حزب "مصر القوية" بقيادة المرشح الرئاسي الأسبق عبدالمنعم أبوالفتوح، المسجون حالياً بتهمة "الانضمام لتنظيم الإخوان الدولي وإشاعة أخبار كاذبة عن الأوضاع في مصر"، إلاّ أن مصادر كشفت لـ"العربي الجديد" أن "هناك تحريضاً أمنياً لبعض أعضاء اللجنة لتحريك شكاوى قديمة تلقتها اللجنة عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان، للتحقيق في صلة الحزب بالجماعة، بالتزامن مع تصعيد إعلامي وأمني ضد الحزب وتهديداً لأعضائه بحله".

في هذا السياق، على الرغم من انفصال أبو الفتوح عن جماعة الإخوان سياسياً وتنظيمياً في 2011، وتأسيس حزبه على أساس غير ديني، ثم خوضه الانتخابات الرئاسية ضد مرشح الإخوان، إلّا أن لجنة الأحزاب تلقت في الفترة بين عامي 2013 و2014 عدداً من الشكاوى المُطالبة بالتحقيق بما وصفته بـ"المرجعية الدينية للحزب المخالفة لقانون الأحزاب السياسية المصري". وكان بعض المحامين والسياسيين قد تقدموا بتلك الشكاوى لإثبات ولائهم للنظام الحاكم بعد عام 2013 ورفضهم إشراك الإسلاميين الحاليين والسابقين في العمل السياسي.

مصادر قضائية كشفت لـ"العربي الجديد"، أن "مسؤولين من وزارة العدل المعروفة بتبعيتها للدائرة الخاصة بالسيسي، تواصلوا مع ثلاثة قضاة من أعضاء لجنة الأحزاب، أبرزهم القاضي إبراهيم الهنيدي، الذي كان يتولى منصب وزير العدالة الانتقالية منذ عامين ثم عاد بصورة استثنائية إلى منصبه القضائي كنائب لرئيس محكمة النقض، وهو من أبرز المؤيدين للنظام الحاكم".

وأضافت أنه "في تلك الاتصالات استفسر المسؤولون الحكوميون عن الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، إذا ما أرادت الدولة الوصول بالتصعيد ضد أبو الفتوح إلى مرحلة التدمير السياسي، بحلّ حزبه أو حظر نشاطه باعتباره رافداً للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان. وجاءت ردود القضاة متجاوبة مع المسؤولين، وأوضحوا لهم أنه يجب على النيابة العامة ممثلة في نيابة أمن الدولة العليا أن تبادر لإجراء تحقيقات حول علاقة الحزب، كهيئة كاملة وليس أبو الفتوح كشخص، بجماعة الإخوان، ثم ترسل النيابة العامة تلك التحقيقات مدعومة بالشهادات والأدلة والمستندات إلى لجنة الأحزاب، التي لن تجد بداً في هذه الحالة من إرسال الأوراق إلى المحكمة الإدارية العليا للفصل في مدى قانونية استمرار الحزب".



وفي معرض البحث عن سند قانوني لدفع النيابة العامة للتحقيق في المخالفات المزعومة للحكم، تبيّن أن محكمة القضاء الإداري قد أصدرت في 12 سبتمبر/أيلول 2015، حكماً بإلزام لجنة الأحزاب السياسية آنذاك بإحالة أوراق الأحزاب الدينية وذات المرجعية الدينية إلى النيابة العامة للتحقيق في المخالفات المنسوبة إليها، وذلك في دعوى كان قد أقامها المحامي المعارض للسيسي حالياً عصام الإسلامبولي. وكان هذا الحكم قد أصدره المستشار يحيى دكروري، صاحب حكم بطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، الذي استبعده السيسي من رئاسة مجلس الدولة، علماً بأن دكروري يتولى حالياً عضوية لجنة الأحزاب السياسية أيضاً بصفته ممثلاً لمجلس الدولة.

وكان الإسلامبولي قد أقام دعواه لإلزام لجنة الأحزاب السياسية آنذاك بتحريك شكوى جماعية قدمها لاتخاذ الإجراءات الممهدة لحلّ 11 حزباً زعم أنها دينية، وهي في الحقيقة أُشهرت بين عامي 2011 و2012 وهي أحزاب: مصر القوية، والنور السلفي، والبناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية، والوسط، والعمل الجديد، والفضيلة، والاستقلال، والأصالة، والوطن السلفي، والإصلاح، والحضارة.

وذكرت المحكمة في حكمها أنه "يجب على لجنة الأحزاب السياسية أن تدرس الشكوى المقدمة من الإسلامبولي، وتتخذ فيها الإجراءات المقررة في قانون الأحزاب السياسية لاعتناق الأحزاب المذكورة مرجعية دينية، وذلك لحماية الحياة السياسية والديمقراطية في مصر".

إلّا أن لجنة الأحزاب السياسية رفضت الاعتراف بذلك الحكم لدى صدوره، فاعتبرت أنها "ليست جهة إدارية يختص القضاء الإداري بفحص تصرفاتها، وأن علاقتها تقتصر مع القضاء تقتصر فقط على تكليف النيابة بالتحقيق أو تلقي التحقيقات منها ثم إحالة الأوراق للمحكمة الإدارية العليا لتفصل هي في مدى قانونية استمرار الأحزاب".



وبعد نحو عام من صدور ذلك الحكم وامتناع اللجنة عن تنفيذه، وبمناسبة رفض قيادات الجماعة الإسلامية التسوية مع النظام وانحيازهم للاستمرار في مقاومته إعلامياً وسياسياً، أوعزت الدولة إلى اللجنة بتحريك الشكاوى المجمدة لديها ضد 5 من أحزاب الإسلام السياسي، وليس من بينهم حزب النور المؤيد للنظام، إلى النيابة العامة للتحقيق في مخالفات مزعومة لها. وبالفعل أنجزت النيابة تحقيقاً أرسلته اللجنة إلى المحكمة الإدارية العليا، بشأن مخالفة حزب "البناء والتنمية" للدستور وقانون الأحزاب، تمهيداً لصدور حكم بحله.

وأوضحت المصادر القضائية أن "بعض أعضاء اللجنة المناهضين لتيار الإسلام السياسي، والمؤيدين للنظام الحاكم، يبحثون حالياً التذرع بذلك الحكم القضائي الصادر في 2015، لبدء إجراءات التنكيل القانونية بحزب مصر القوية، بتكليف النيابة العامة بالتحقيق، وضمّ تحقيقات القضية الشخصية لعبد المنعم أبوالفتوح، ومن ثم إحالة الملف للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها حالياً رئيس مجلس الدولة المعين من قبل السيسي المستشار أحمد أبوالعزم لحل الحزب".

واعتمدت تحقيقات النيابة بالدرجة الأولى على التحريات الأمنية التي زعمت تلقي أبو الفتوح تعليمات من التنظيم الدولي للإخوان خلال رحلته الأخيرة إلى لندن، لتنفيذ مخطط يستهدف إثارة البلبلة وعدم الاستقرار بالتوازي مع قيام مجموعاتها المسلحة بأعمال تخريبية ضد المنشآت الحيوية لخلق حالة من الفوضى تمكنهم من العودة لتصدر المشهد السياسى. ونسبت له عقد لقاءات سرية بالخارج والتواصل مع قيادات التنظيم الدولي للإخوان، مثل لطفي السيد علي ومحمد جمال حشمت وحسام الدين عاطف الشاذلي، وأن القيادي لطفي السيد نسق مع الكوادر الإخوانية العاملين بقناة "الجزيرة" بلندن لاستقبال أبو الفتوح بمطار هيثرو، وترتيب إجراءات إقامته بفندق "هيلتون" وإعداد ظهوره على القناة بتاريخ 11 فبراير/شباط الحالي والاتفاق على محاور حديثه ليتضمن بعض الأكاذيب والشائعات عن مصر.

وكانت قوات الأمن قد حاصرت المقر الرئيسي لحزب "مصر القوية" بوسط القاهرة، مساء السبت الماضي، لكن الحزب نفى صدور أي قرار قضائي بالتحفظ على المقر أو أموال الحزب أو أموال أبو الفتوح على ذمة القضية المسجون على ذمتها 15 يوماً.