لا تترك القيادة الروسية مجالاً كبيراً للتخمينات حيال سياستها إزاء الملف السوري. فكلما ظهر مؤشر إلى احتمال حصول تغيير ما في الموقف الروسي لناحية التقليل من مستوى الدعم المطلق لنظام بشار الأسد، وقتل الشعب السوري، تعود موسكو لتقطع الشك باليقين، ولتؤكد للمرة المليون ربما، تبنيها المطلق لنظام بشار الأسد واعتبارها كل من يعارضه إرهابياً. هكذا، حسمت روسيا، يوم الثلاثاء، في سادس أيام مؤتمر جنيف، تبنيها الكامل للعرقلة التي يمارسها وفد النظام في سويسرا، عبر الإصرار على إدخال بند مكافحة الإرهاب "كأولوية" في صلب جدول الأعمال، المحدد أصلاً بموجب بند الانتقال السياسي وفق ما أوضحه القرار 2254 والورقة التي سلمها المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، إلى الوفود المشاركة في محادثات جنيف. أكثر من ذلك، لم تجد موسكو حرجاً في الدفاع عن قتل السوريين من قبل النظام بالسلاح الكيماوي، فقررت والصين استخدام حق النقض(الفيتو) ضد مشروع قرار بريطاني ــ أميركي ــ فرنسي، طُرح مساء الثلاثاء، في نيويورك على التصويت، وكان ينص، لولا العرقلة الروسية، على إنزال عقوبات بحق رموز من النظام السوري ممن تورطوا في جريمة القتل بالسلاح الكيماوي.
اقــرأ أيضاً
وحين لا تكون العرقلة من قبل النظام والروس كافية، يتدخل دي ميستورا للمساعدة في محاولة تحسين أوضاع النظام، الرافض علناً لمناقشة أي انتقال سياسي، عبر البدعة الجديدة لدي ميستورا التي باتت معروفة بتسمية "السلال الثلاث" (الحكومة وإعداد دستور جديد وتنظيم انتخابات جديدة). وقد تنبه وفد قوى الثورة والمعارضة سريعاً إلى أن هذه "السلال" لا تعدو كونها خدعة كبيرة، لأنها تعطي النظام صلاحية تنفيذ هذه الانتخابات وهذا الدستور الجديد المأمولين، بدل أن تكون الهيئة الانتقالية هي من ينفذ مراحل الانتقال السياسي بموجب القرار 2254 وبقية القرارات والمواثيق الدولية التي ركزت على الحلّ السياسي انطلاقاً من مرحلة انتقالية. وبالدعوة الروسية إلى أن يكون بند مكافحة الإرهاب في صدارة جدول الأعمال، يكون سبب انعقاد اجتماعات جنيف قد ضُرب في صميمه، لأن الهدف منه كان إنجاز محادثات حول الانتقال السياسي، مقابل حصر العناوين الأمنية بمسار احتماعات أستانة، وهو ما ترغب روسيا بضربه وقد جاهرت بذلك مراراً، وعلى لسان الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، في الدعوة إلى نقل العناوين السياسية إلى اجتماعات أستانة أيضاً.
ودعا نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، يوم الثلاثاء، في جنيف، الى وضع "مكافحة الإرهاب" كأولوية على جدول أعمال مفاوضات جنيف، إثر لقاء جمعه بوفد النظام. وقال غاتيلوف للصحافيين في مقر الأمم المتحدة في جنيف التي يزورها لحضور مجلس حقوق الإنسان، إن "الإرهاب أولوية. ومحاربة الإرهاب أولوية، ويجب أن يكون على جدول الأعمال إلى جانب مواضيع أخرى تم اقتراحها ويتضمنها القرار 2254". وأضاف "أعتقد أنه لا يجب تجاهل قضية الإرهاب في مسار المفاوضات". وقال مصدر في الوفد الحكومي السوري بعد لقاء غاتيلوف لوكالة "فرانس برس"، إن هناك "اتفاقاً في وجهات النظر حول أن مكافحة الاٍرهاب يجب أن تكون من ضمن أولويات أي محادثات لحل الأزمة السورية". وكان من المقرر أن يلتقي غاتيلوف، يوم الأربعاء، وفود المعارضة السورية، إلا إذا قرر وفد قوى الثورة والمعارضة إلغاء الموعد بعدما جددت موسكو مجاهرتها بالمساهمة في قتل الشعب السوري.
ولم يشعر غاتيلوف بالحرج وهو يكشف أن مندوب بلاده في مجلس الأمن الدولي، مساعد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف، خليفة "سفير الفيتو" الراحل فيتالي تشوركين، سيستخدم حق النقض ضد القرار، مدعياً أن القرار لو مرّ "كان سيكون له أثر سلبي على محادثات السلام" في جنيف "وسيكون له أثر عكسي. المناخ سيكون سلبيا، ليس لأننا سنستخدم الفيتو، ولكن لطرح هذا المشروع". ومشروع القرار الفرنسي البريطاني الأميركي يحظر إمداد الحكومة السورية بطائرات الهليكوبتر ويضع قادة عسكريين سوريين على القائمة السوداء. وربما لم يكن كلام غاتيلوف كافياً، فتدخل بوتين ليجزم بأن موسكو تعارض فرض أي عقوبات جديدة على النظام السوري "لأنها ستقوض جهود السلام"، على حد تعبيره. وقال بوتين من قرغيزستان التي يزورها: "بشأن العقوبات ضد القيادة السورية، أعتقد أنها غير مناسبة مطلقاً الآن ولن تساعد عملية التفاوض، بل ستضر بالثقة أو ستقوضها". واستبقت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، جلسة التصويت يوم الثلاثاء، بالقول "حتى متى ستستمر روسيا في رعاية النظام السوري وإيجاد الأعذار له؟". وأتى مشروع القرار إثر تحقيق مشترك للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية كان خلص في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، إلى أن السلطات السورية نفذت على الأقل ثلاث هجمات كيميائية في 2014 و2015.
اقــرأ أيضاً
أما في جنيف، فكان دي ميستورا يحاول من خلال طرح السلات الثلاث (الحوكمة وإعداد دستور جديد وتنظيم انتخابات جديدة)، إلغاء مرحلة الانتقال السياسي، والتي من مهامها إحداث جسم يتولى الدعوة إلى جمعية وطنية يكون قادراً على إعداد الدستور وشكل والحكم، وبعد عرضه على الاستفتاء الشعبي يتم تحديد شكل الانتخابات، بمشاركة من جميع الأفراد وبمراقبة من الأمم المتحدة. وينبع توجس المعارضة السورية من أن النظام الحالي قد يكون هو مَن سيشرف على تطبيق هذه القضايا بعد إنجازها بالكامل وحصولها على مصادقة من مجلس الأمن، إضافة إلى أن المدة الزمنية قد تطول في حال بحث هذه القضايا، فضلاً عن احتمال فشل المفاوضات في نهاية المطاف. وأوضحت مصادر مطلعة أن دي ميستورا طلب من المعارضة السورية أن تقوم بتشكيل وفد تقني لمناقشة قضايا الدستور والانتخابات فقط، وينتظر جواباً منها.
وترى المعارضة السورية أن تشكيل وفد تقني سيعطل عمل الوفد المفاوض، ويميع مسألة بحث الانتقال السياسي الذي تركز عليه خلال المفاوضات الحالية، وذلك بحسب مصدر مطلع داخل المعارضة السورية. وأضاف في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن "الوسيط الدولي يتلاعب بتراتبية العملية السياسية، إذ إن القرار 2254 كان قد وضع 6 أشهر لبدء مرحلة التفاوض، ومن ثم 18 شهراً لتطبيق مرحلة الانتقال السياسي التي يقودها جسم جديد بالتوافق بين المعارضة والنظام". وبيّن أن "المعارضة ترى أن قضايا الدستور والانتخابات يجب ألا يشارك فيها النظام الحالي حسب وضعه القائم، لكن تعمل عليها هيئة الحكم الانتقالي، أي الحكم المؤقت للبلاد وليس نظام بشار الأسد". وتتكتم المعارضة السورية على ذكر هذه التفاصيل أمام الإعلام حتى هذه اللحظة للمحافظة على الإيجابية التي ظهرت بها منذ بداية جنيف4، ولكنها أرسلت، يوم الثلاثاء، رسائل تحذر فيها من مغبة بقاء التعاطي بهذه الطريقة. ونقل موقع الائتلاف الوطني السوري المعارض، يوم الثلاثاء، عن نائب الرئيس، عبد الأحد اسطيفو، أن جنيف3 "لم تحترم الفترة الزمنية الخاصة بمرحلة التفاوض ولا الـ18 شهراً التي كانت مخصصة للمرحلة الانتقالية".
وطالب اسطيفو، وهو أحد أعضاء الوفد المفاوض، الأمم المتحدة بـ"الالتزام بتواريخ الجدول الزمني التي حددتها القرارات الدولية الخاصة بعملية تطبيق الانتقال السياسي"، مضيفاً أن تكرار ما حدث في العام الماضي "سيضع مصداقية المجتمع الدولي على المحك، كما أن هدر هذا الوقت يدفع ثمنه الشعب السوري دماً". ونقلت مصادر من داخل المعارضة السورية حصول مشادة كلامية بين رئيس الوفد السوري بشار الجعفري، ومساعد دي ميستورا، الروسي فيتالي نعومكين، قبل يومين، بسبب رفض مندوب النظام بحث كل ما يمت بصلة إلى الانتقال السياسي. وظهر أن المواقف الأخيرة السلبية الصادرة عن كل من دي ميستورا والقيادة الروسية، دفعت بوفد المعارضة السورية إلى إعادة حساباته، فأعلن المسؤول الإعلامي في الائتلاف الوطني، أحمد رمضان، من جنيف، أنه "لم يتقرر حتى الآن أي لقاء جديد مع دي ميستورا في الأمم المتحدة"، فضلاً عن أن المواعيد المحددة مسبقاً للقاء مع الدبلوماسيين الروس في جنيف "لم يتم حسمها"، بحسب تعليق قيادي في وفد المعارضة.
وحين لا تكون العرقلة من قبل النظام والروس كافية، يتدخل دي ميستورا للمساعدة في محاولة تحسين أوضاع النظام، الرافض علناً لمناقشة أي انتقال سياسي، عبر البدعة الجديدة لدي ميستورا التي باتت معروفة بتسمية "السلال الثلاث" (الحكومة وإعداد دستور جديد وتنظيم انتخابات جديدة). وقد تنبه وفد قوى الثورة والمعارضة سريعاً إلى أن هذه "السلال" لا تعدو كونها خدعة كبيرة، لأنها تعطي النظام صلاحية تنفيذ هذه الانتخابات وهذا الدستور الجديد المأمولين، بدل أن تكون الهيئة الانتقالية هي من ينفذ مراحل الانتقال السياسي بموجب القرار 2254 وبقية القرارات والمواثيق الدولية التي ركزت على الحلّ السياسي انطلاقاً من مرحلة انتقالية. وبالدعوة الروسية إلى أن يكون بند مكافحة الإرهاب في صدارة جدول الأعمال، يكون سبب انعقاد اجتماعات جنيف قد ضُرب في صميمه، لأن الهدف منه كان إنجاز محادثات حول الانتقال السياسي، مقابل حصر العناوين الأمنية بمسار احتماعات أستانة، وهو ما ترغب روسيا بضربه وقد جاهرت بذلك مراراً، وعلى لسان الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، في الدعوة إلى نقل العناوين السياسية إلى اجتماعات أستانة أيضاً.
ولم يشعر غاتيلوف بالحرج وهو يكشف أن مندوب بلاده في مجلس الأمن الدولي، مساعد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف، خليفة "سفير الفيتو" الراحل فيتالي تشوركين، سيستخدم حق النقض ضد القرار، مدعياً أن القرار لو مرّ "كان سيكون له أثر سلبي على محادثات السلام" في جنيف "وسيكون له أثر عكسي. المناخ سيكون سلبيا، ليس لأننا سنستخدم الفيتو، ولكن لطرح هذا المشروع". ومشروع القرار الفرنسي البريطاني الأميركي يحظر إمداد الحكومة السورية بطائرات الهليكوبتر ويضع قادة عسكريين سوريين على القائمة السوداء. وربما لم يكن كلام غاتيلوف كافياً، فتدخل بوتين ليجزم بأن موسكو تعارض فرض أي عقوبات جديدة على النظام السوري "لأنها ستقوض جهود السلام"، على حد تعبيره. وقال بوتين من قرغيزستان التي يزورها: "بشأن العقوبات ضد القيادة السورية، أعتقد أنها غير مناسبة مطلقاً الآن ولن تساعد عملية التفاوض، بل ستضر بالثقة أو ستقوضها". واستبقت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، جلسة التصويت يوم الثلاثاء، بالقول "حتى متى ستستمر روسيا في رعاية النظام السوري وإيجاد الأعذار له؟". وأتى مشروع القرار إثر تحقيق مشترك للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية كان خلص في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، إلى أن السلطات السورية نفذت على الأقل ثلاث هجمات كيميائية في 2014 و2015.
أما في جنيف، فكان دي ميستورا يحاول من خلال طرح السلات الثلاث (الحوكمة وإعداد دستور جديد وتنظيم انتخابات جديدة)، إلغاء مرحلة الانتقال السياسي، والتي من مهامها إحداث جسم يتولى الدعوة إلى جمعية وطنية يكون قادراً على إعداد الدستور وشكل والحكم، وبعد عرضه على الاستفتاء الشعبي يتم تحديد شكل الانتخابات، بمشاركة من جميع الأفراد وبمراقبة من الأمم المتحدة. وينبع توجس المعارضة السورية من أن النظام الحالي قد يكون هو مَن سيشرف على تطبيق هذه القضايا بعد إنجازها بالكامل وحصولها على مصادقة من مجلس الأمن، إضافة إلى أن المدة الزمنية قد تطول في حال بحث هذه القضايا، فضلاً عن احتمال فشل المفاوضات في نهاية المطاف. وأوضحت مصادر مطلعة أن دي ميستورا طلب من المعارضة السورية أن تقوم بتشكيل وفد تقني لمناقشة قضايا الدستور والانتخابات فقط، وينتظر جواباً منها.
وطالب اسطيفو، وهو أحد أعضاء الوفد المفاوض، الأمم المتحدة بـ"الالتزام بتواريخ الجدول الزمني التي حددتها القرارات الدولية الخاصة بعملية تطبيق الانتقال السياسي"، مضيفاً أن تكرار ما حدث في العام الماضي "سيضع مصداقية المجتمع الدولي على المحك، كما أن هدر هذا الوقت يدفع ثمنه الشعب السوري دماً". ونقلت مصادر من داخل المعارضة السورية حصول مشادة كلامية بين رئيس الوفد السوري بشار الجعفري، ومساعد دي ميستورا، الروسي فيتالي نعومكين، قبل يومين، بسبب رفض مندوب النظام بحث كل ما يمت بصلة إلى الانتقال السياسي. وظهر أن المواقف الأخيرة السلبية الصادرة عن كل من دي ميستورا والقيادة الروسية، دفعت بوفد المعارضة السورية إلى إعادة حساباته، فأعلن المسؤول الإعلامي في الائتلاف الوطني، أحمد رمضان، من جنيف، أنه "لم يتقرر حتى الآن أي لقاء جديد مع دي ميستورا في الأمم المتحدة"، فضلاً عن أن المواعيد المحددة مسبقاً للقاء مع الدبلوماسيين الروس في جنيف "لم يتم حسمها"، بحسب تعليق قيادي في وفد المعارضة.