غليان في السويداء بسبب ضغط "داعش" وابتزاز النظام

04 أكتوبر 2018
لم ينتهِ ملف الجنوب السوري بعد (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

عادت محافظة السويداء في الجنوب السوري إلى الواجهة من جديد، مع إعدام تنظيم "داعش" الإرهابي سيدة من مختطفات السويداء  الـ27، رمياً بالرصاص، معيدين السبب بحسب زعمهم إلى "فشل المفاوضات"، ومطالبين بإطلاق سراح جميع نساء التنظيم الموقوفات لدى النظام، خلال فترة 3 أيام، وإلا فسيقوم التنظيم بإعدام جميع المخطوفات، الأمر الذي وتَّر الأجواء داخل المحافظة.

وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، مقطع مصور ظهر به مسلحون ملثمون وأمامهم ثروت أبو عمار، وقال أحدهم "بعد مفاوضات دامت شهرين أو أكثر بشأن الدرزيات الأسيرات لدى الدولة الإسلامية، فقد تبين كذب وزيف ومماطلة المفاوضين الدروز. وبعد تدخل أكثر من جهة لم يتم تحقيق أي مطلب من مطالب الدولة الإسلامية، ونقول لكم إن لم يتم إيقاف الحملة العسكرية على إخواننا في منطقة الصفا، وإخراج كل النساء المسلمات، خلال ثلاثة أيام، فسيكون مصير النساء الدرزيات كمصير هذه الدرزية...الإثنين 10/1/ 2018"، ومن ثم أطلق المسلح النار من مسدسه على رأس السيدة مباشرة بعيارين ناريين.

مصدر مطلع في السويداء، ذكر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز شكّلت لجنة خاصة لمتابعة ملف المخطوفين، في 20 أغسطس/آب الماضي، إلا أن السلطة رفضت التعاون أو التواصل معها بأي شكل، جراء توصيفها أن غالبية أعضائها من المعارضة، وثم اتهامها بأن عدداً منهم كذلك زار القامشلي وشجع الفيدرالية ونقل التجربة إلى السويداء. الأمر الذي أنكره أعضاء اللجنة، ما دفعها إلى تقديم اعتذارها عن متابعة عملها يوم الثلاثاء الماضي".

ولفت إلى أن "أهالي السويداء استبشروا خيراً يوم الأحد الماضي بعد أن تمت عملية إطلاق رجال الكرامة لعدد من ذوي مقاتلي تنظيم داعش، الذين ينتمون إلى البدو المقيمين في الريف الشرقي للمحافظة، وبوساطة روسية، مع وعد الضباط الروس المشاركين بأن عملية إطلاق سراح مخطوفي السويداء أصبحت قريبة جداً، إلا أن مشهد إعدام أبو عمار بدد كل ذلك".

وأعرب عن اعتقاده بأن "ملف مخطوفي السويداء ملف مخابراتي إقليمي بغض النظر عن الأدوات، إذ تبيّن أن مصدر الفيديوهات والتواصل مع الجهة الخاطفة هو شخص مقيم في فلسطين المحتلة، إضافة إلى شخص آخر مقيم في تركيا، في حين أن الجهة الخاطفة لا تمتلك هوية التنظيم الاعلامية، ولم تتقدم بأي طلبات سابقاً، وحتى طلب إطلاق جميع النساء في الفيديو الأخير، يبدو أنه لم يُقدَّم ليُحقَّق، بل لضرب استقرار السويداء وقد يكون عبر خلق اقتتال داخلي مع البدو وفتح باب الأقليات من جديد، وهنا المستفيد الأكبر منه الأميركيون والإسرائيليون".



وشرحت اللجنة أسباب اعتذارها، ذاكرة في بيان أنه "عملنا جاهدين للوصول إلى النتائج المرجوّة، التي كنا نتمنى أن تُكلل بإطلاق سراح المخطوفين، ولكن للأسف لم نصل الى هذه النتيجة، وذلك لأسباب عدة أهمها عدم إرسال الجهة الارهابية الخاطفة أية مطالب ليتم عرضها أو مناقشتها. وعملت اللجنة على إيصال صوت المخطوفين وذويهم إلى كل المنابر الداخلية والخارجية التي استطاعت الوصول إليها، ولكن المعوقات التي واجهتها اللجنة عديدة، ولا مجال لذكرها الآن". وأضافت أنه "لهذا نعلن اعتذارنا عن الاستمرار بعملنا"، معتبرة أن "قضية المخطوفين من النساء والأطفال هي شأن وطني وإنساني وأخلاقي، يهم كل الشرفاء، وليست شأناً عائلياً أو محلياً".

من جانبها أفادت مصادر محلية متابعة، لـ"العربي الجديد"، أن "السويداء تتعرض لضغط وتهديد كبيرين من قبل السلطة، مع امتناع رئيس النظام عن استقبال مشايخ عقل الطائفة يوسف جربوع وحمود الحناوي، المعروفين بمواقفهما الداعمة للأهالي والمنتقدين لأداء النظام في السويداء. كما تحيد كل أجهزة الدولة من أمن داخلي وأجهزة أمن نفسها عن القيام بمهامها في حفظ أمن الأهالي، وتطلق العنان لعصابات الخطف والسرقة والاتجار بالمخدرات والسلاح، وهم في الغالب مرتبطون أمنياً بالنظام".

وتابعت "كما بدأ النظام يضغط بشكل أكبر على أهالي السويداء عبر إرسال رسائل اتهامية تشكك بتوجهاتهم"، لافتين إلى أن "لديهم عشرات الآلاف من الشباب الممتنعين عن الخدمة العسكرية، حتى أن شخصية أمنية رفيعة قالت لإحدى المرجعيات: (ادفعوا بأبنائكم للالتحاق بالجيش وكل مشاكل السويداء ستحل)، بالتزامن مع التهديد بالاعتقال والملاحقة لمن ينتقد النظام ويحمله المسؤولية".

وأعربت عن استغرابها من "هذه السياسة التي تكيل بمكيالين، كون النظام لا يسأل نفسه عن سبب تمنّع الشباب عن الخدمة والعائد بالدرجة الأولى إلى قناعتهم بأن هذه الحرب لا تمت لهم بصلة، إضافة إلى الفساد المستشري وسوء الوضع الاقتصادي، مما أضاف اليوم الشعور بالخطر المحدق بهم".

يشار إلى أن عشرات المسلحين من أهالي المحافظة شوهدوا في مدن وبلدات عدة من المحافظة عقب انتشار فيديو إعدام أبو عمار، بهدف خطف عدد من البدو، كونه هناك اتهامات بأن عدداً من أبنائهم يقاتلون أو يتعاملون مع التنظيم، وهم من سهل ارتكاب المجزرة في القرى الشرقية من قبل التنظيم.