اتفاق أستانة 6: رابحون وخاسرون

19 سبتمبر 2017
أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع سورية(براك ملي/الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن اتفاق أستانة بين الدول الضامنة الثلاث قد يتحول في حال تنفيذه إلى نقطة تحول كبيرة في الصراع الدائر في سورية منذ ست سنوات. وإلى جانب مساهمته في منح أنقرة يداً طولى في الشمال السوري، إلا أنه حقق لها العديد من المكاسب على مختلف الصعد، خصوصاً ضد حزب الاتحاد الديمقراطي.

يجنّب الاتفاق، في حال تم تطبيقه، تركيا الصدام مع الولايات المتحدة في ما يخص قوات الاتحاد الديمقراطي في الشمال السوري، لأنه سيتيح للنظام، التفرغ بشكل كامل وبدعم تركي روسي إيراني لاستعادة السيطرة على محافظة دير الزور ومن ثم مواجهة الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني). كما أن إعلان محافظة إدلب منطقة خفض تصعيد سيقطع الطريق على أي محاولة من قبل الاتحاد الديمقراطي بالتوجه إلى المحافظة بحجة مكافحة الإرهاب بدعم أميركي والسعي للوصول إلى البحر.

من جهة أخرى، سيحقق وجود قوات المعارضة السورية في إدلب شرعية مكافحة الإرهاب، بما يشكله ذلك من نقاط قوة في أي مفاوضات مستقبلية على الحل السياسي.

يمكن القول إن روسيا نجحت خلال ستة أشهر من بدء الإعلان عن فكرة مناطق خفض التصعيد من تحقيق الكثير من المصالح للنظام السوري، ويأتي على رأسها إنهاء الحرب بين النظام والمعارضة إلى حد بعيد، بل والقضاء على فكرة إمكانية إسقاط النظام وتحويل الحرب إلى حرب على الإرهاب، ممثلاً بـ"داعش" وجبهة النصرة وربما يضاف إليه الاتحاد الديمقراطي. وهي الحرب التي سيخوضها النظام وحده ويوسع رقعة أراضيه، كما حصل في المساحات الواسعة التي سيطر عليها في البادية السورية ومحافظة دير الزور، بينما يحاصر النظام المعارضة في جزر مغلقة، أنهت اتفاقيات خفض التصعيد إمكانية تمدد أي من الطرفين على حساب الآخر.

وعلمت "العربي الجديد" من مصدر تركي مطلع، أن تركيا تخلت عن رغبتها بدخول منطقة عفرين، مقابل ضمانها حصار المنطقة ومنع أي إمكانية لتمدد الاتحاد الديمقراطي، وتقوية يد النظام في التعامل مع الاتحاد الديمقراطي. وبحسب المصدر فإنه "بعد محادثات مطولة تخلت أنقرة عن فكرة الدخول إلى منطقة عفرين أو ريفها، خوفاً من موجة هجرة المدنيين الكبيرة التي ستصاحب المعركة، وتم الاتفاق على نشر روسيا قواتها في ريف حلب الشمالي تمهيداً لعودة المدنيين إليه في وقت لاحق، مقابل موافقة كل من روسيا وإيران والنظام السوري على دخول تركيا إلى غرب إدلب ونشر قواتها فيها، ما منح أنقرة إمكانية حصار الاتحاد الديمقراطي في عفرين من الجهات الأربع تقريباً، باستثناء منفذ مع النظام السوري، سيستخدمه لإخضاع الاتحاد الديمقراطي، كما تم قطع الطريق أمامه باتجاه إدلب". ووفقاً للمصدر نفسه "لن تنسحب القوات التركية بعد إتمام العملية، بل ستبقى وستنشئ لها قواعد عسكرية كما في مناطق درع الفرات، مما سيمنح قوات المعارضة السورية مزيداً من الحماية من إمكانية شن النظام السوري أي هجمات مستقبلية، الأمر الذي تم التوافق عليه مقابل منح إيران وجودا عسكريا في جنوب دمشق".

واستدرك المصدر بالقول "لقد تم الاتفاق على الأمر بالخطوط العريضة. أما التفاصيل فمن المنتظر أن يتم حسمها خلال محادثات أستانة سبعة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل". وأضاف "المهم الآن بالنسبة لنا قطع طريق الاتحاد الديمقراطي ووقف الدم والمعارك في إدلب والسماح للنظام بالتوجه شرق الفرات". ولفت إلى أنه "يوجد العديد من الخطط المطروحة على الطاولة لم يتم حسمها بعد، منها أن تتقدم القوات التركية من حدود ولاية هاتاي باتجاه الغرب، مقابل منح النظام السيطرة على مزيد من الأراضي حول مدينة حلب وفي ريف حماة الشمالي، ليتم محاصرة هيئة تحرير الشام (تحالف تقوده النصرة) في القطاع الأوسط بين الجانبين ويتم منحها أحد الخيارين إما الاستسلام أو القتال، الذي سيتم بالتفاهم بين المعارضة والنظام المدعوم بقوات إيرانية تركية لحين القضاء عليها، على أن تشكل القوات الروسية منطقة عازلة بين النظام والمعارضة بعد الانتهاء من هيئة تحرير الشام، لكن لم يتم التوافق على الخرائط الدقيقة بعد بشكل نهائي".

واستبعد المصدر إمكانية تحقيق خروقات كبيرة في مفاوضات جنيف المقبلة قبيل الانتهاء من كل الترتيبات العسكرية في الأراضي السورية التي تتم على محورين. الأول هو محادثات أستانة، والثاني هو المفاوضات الروسية الأميركية. واعتبر أن "تفاؤل المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، مبالغ فيه، ولن يتم التوصل إلى أي اتفاق قبل التوصل إلى اتفاق على الأرض". وأضاف "في النهاية يجب أن تعلم المعارضة أن الهدف بات الحفاظ على نظام مركزي قوي يتشارك السلطة مع المعارضة المقبولة من دول المنطقة جميعاً مقابل منح بعض الصلاحيات الإضافية للإدارات المحلية بشرط ألا تتعلق بالأمن أو الشرطة أو الثروات التي ستبقى تدار من قبل المركز".

وفي ما يخص نشر المراقبين، أكد المصدر أنه "بعد الانتهاء من كل هذه التفاصيل، سينتشر العساكر الأتراك على الحدود في مناطق المعارضة، بينما سينتشر العسكريون الإيرانيون والروس من جهة النظام على طول خط الجبهة بين الطرفين".

المساهمون