محاكمة القذافي: الخلفيات والأبعاد الداخلية والدولية

12 نوفمبر 2019
شكوك حول مساعٍ روسية لاستعادة منظومة القذافي (فرانس برس)
+ الخط -
يُنتظر أن تعلن دائرة الاستئناف بـمحكمة الجنايات الدولية، اليوم الثلاثاء، عن موقفها إزاء الطلب المقدم من أعضاء فريق الدفاع عن سيف الإسلام القذافي بشأن عدم مشروعية تسليم موكلهم للمحكمة.

وكانت قد أصدرت دائرة الاستئناف في المحكمة أمراً قضائياً بعقد جلسة استماع، يومي 11 و12 من الشهر الجاري، للنظر في طلب الاستئناف المقدم من فريق دفاع سيف الإسلام القذافي.
ونشرت المحكمة، على موقعها الإلكتروني، الأمر القضائي، وبينت أن دائرة الاستئناف ستصدر توجيهات بشأن سير الإجراءات في قضية تسليم سيف الإسلام، بما فيها دعوة مجلس الأمن وليبيا إلى تقديم ملاحظاتهما.


القذافي وصراعات الدول الكبرى في ليبيا 
وبحسب الباحث الليبي في الشؤون السياسية، مروان ذويب، فإن عودة الحديث عن سيف الإسلام القذافي في هذا التوقيت لها علاقة بما يجري حاليا من صراعات بين دول كبرى في الملف الليبي.
ويقول ذويب، متحدثا لـ"العربي الجديد"، إن "علينا عدم التفاؤل كثيرا بشأن حياد المؤسسات الدولية، فمن دون شك أنها تتأثر بمواقف وسياسات دول كبرى"، لافتا إلى أن دولاً كبرى بدأت تركز حديثها في الآونة الأخيرة حول القذافي.

ويعتقد ذويب أن "تركيز الحديث حول القذافي له علاقة بموقف دول كبرى من الوجود الروسي المتزايد في ليبيا بما يمثله من طموح مستقبلي لروسيا في ليبيا"، مذكرا باعتقال سلطات حكومة الوفاق، مطلع يوليو/تموز الماضي، "روسيين اثنين بتهمة التأثير على الانتخابات المقبلة في ليبيا لصالح القذافي" والمشاركة في "تأمين لقاء مع المرشح المحتمل، سيف الإسلام القذافي بدعم من بعض المسؤولين في موسكو"، وفق رسالة لمكتب النائب العام في طرابلس التي نشرتها وكالة بلومبيرغ الأميركية وقتها.
وأشار إلى أن روسيا ترغب في إيجاد مكان ودور لمنظومة القذافي في ليبيا، لافتا إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف كان قد دعا إلى ضرورة أن يكون سيف الإسلام جزءا من العملية السياسية الليبية باعتباره يتمتع بدعم قبلي في ليبيا.

وجاء تصريح بوغدانوف هذا بعد أن تسلم رسالة رسمية من القذافي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأشار نائب الوزير ضمنا إلى تواصله مع سيف الإسلام، لافتا إلى أن بلاده تتواصل مع كل الأطراف الليبية.


وترى الصحافية الليبية نجاح الترهوني أن حديث المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بن سودة، أخيرا عن تحديد مكان سيف الإسلام، في الزنتان الليبية، مؤشر على استثمار الفوضى التي تعيشها المدينة لتسهيل استلامه ونقله إلى المحكمة.

من جهة أخرى، تحدثت وسائل إعلام ليبية عن خطاب سلمه وزير العدل بحكومة الوفاق، محمد لملوم، ومندوب ليبيا لدى محكمة الجنايات، أحمد الجهاني، للمحكمة في لاهاي أمس، يكشف بوضوح اهتمام حكومة الوفاق بمسألة نقل نجل القذافي للمحكمة.
واعتمد الخطاب إلى بطلان الأساس القانوني للإفراج عن سيف الإسلام، موضحا أن صدور قانون العفو العام من قبل مجلس النواب في سبتمبر 2015 جاء بعد صدور حكم المحكمة العليا في ليبيا، في يونيو 2014، القاضي ببطلان جلسات مجلس النواب في طبرق.

وكانت دائرة الاستئناف بمحكمة طرابلس قد أعلنت في يوليو 2015 عن الحكم غيابيا بالإعدام رميا بالرصاص بحق سيف الإسلام، إلا أن مسلحي الزنتان رفضوا تسليمه للقضاء.


توجسات حفتر من عودة القذافي
تقول الصحافية الليبية نجاح الترهوني إن حفتر يتوجس من مساعي استعادة القذافي للعب دور مستقبلي في ليبيا، مشيرة إلى أن حفتر يرى في سيف الإسلام منافسا له ولأنصاره الذين يفوق عددهم مؤيدي حفتر، كما أن عودته للمشهد مجددا ستهدد ولاء مقاتلي القبائل الموالية للنظام السابق لحفتر، لا سيما وأنهم لا يزالون يستذكرون مواقف حفتر من القذافي ووقوفه إلى جانب الثورة التي أطاحت بحكم القذافي. 

ولمّحت الترهوني إلى تواتر الأنباء خلال السنوات الماضية حول محاولة حفتر اغتيال سيف الإسلام، مشددة على أنه لا بد أن يكون القذافي تحت حماية جهة دولية، وبالأخص تحت الحماية الروسية التي تطمح لإعادته للمشهد السياسي.
بالمقابل، لا يرى الباحث الليبي مروان ذويب أي تأثير لبروز قضية نجل القذافي في هذا التوقيت، لافتا إلى أن محاولة إبرازه "مجرد فقاعة لن تدوم أكثر من أيام، فلا أنصاره ولا معارضوه، بحسب معطيات الواقع، يمكنهم استثمار ورقته للتأثير على المشهد حاليا".​

المساهمون