صفعة "بالقانون" في لبنان

19 فبراير 2018
من الاحتجاجات أمام شركة كهرباء لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -
لا يزال وقع الصفعة التي وجهها عميد في قوى الأمن الداخل لعامل تصليحات في مؤسسة كهرباء لبنان ترنّ في أُذن المواطنين، بعد أن تفاعل التسجيل الذي كشف ما جرى خلال اعتصام العُمال للمطالبة بدفع رواتبهم المُتأخرة. كل ما في المشهد يكشف فوقية ابن النظام اللبناني، وابن مؤسسة عسكرية، ضد عامل يقبض أجره بشكل يومي.
يخطو العميد، الذي يحمل جهاز خليوي يفوق ثمنه ألف دولار أميركي ويعلو رأسه فوق النجوم، بخطوات سريعة نحو المياوم المُعتصم على باب المؤسسة ويلكمه ويصفعه أمام عدسات وسائل الإعلام الحاضرة، وأمام عشرات الموجودين عند المدخل. يتفرج الجميع دون أدنى قدرة على التدخل. اعتدنا الصفع ربما، وربما ندفع ثمن انكفاء الربيع العربي وانتصار الأنظمة.

وكما كان مُتوقعاً خرجت قوى الأمن الداخلي ببيان رديء بصيغة: "صفع خده يدي"، وكادت أن تُطالب برد كرامة العميد. يُثبت البيان بشكل قاطع أن المُطالبة بإصلاح الأجهزة العسكرية اللبنانية وتحويل برامج الشرطة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان إلى واقع فعلي يتم تطبيقه داخل المقار الأمنية والعسكرية وخارجها، ليس ترفاً فكرياً.
وبعد أن تابع اللبنانيون انتهاك حقوق الإنسان إلى حد مقتل موقوفين لبنانيين وسوريين في المقار الأمنية بحجة "مكافحة الإرهاب"، باتت الانتهاكات تنسحب إلى الحياة اليومية في الاعتصامات المطلبية والحقوقية.
يُريد السياسيون من المواطنين أن يحمدوا الله أنهم "أحسن من سورية والعراق"، وأن ينسوا الصيغة اللبنانية للعيش الحر واحترام حرية التعبير. وهو منهج أسس له هؤلاء حتى قبل حجة "الإرهاب"، مع توالي الصفعات التي وجهها النظام اللبناني إلى مواطنيه منذ الاستقلال وحتى اليوم.

وما الواقع المُزري خدماتياً وسياسياً واجتماعياً وإنمائياً واقتصادياً إلا حصيلة نهج من الصفعات التي جردت المواطنين من كرامتهم أولاً، ثم من حقوقهم البدائية التي يُفترض بأي دولة أن تُقدمها. تجرأ العميد في قوى الأمن الداخلي على صفع المياوم، بعد أن تعودت خدود اللبنانيين وعقولهم على صفع السياسيين لمناصريهم في مُختلف المناسبات. فما الذي يمنع العميد من الانتقام لجواب بذيء يدّعي أن المياوم رد به؟ لا شيء.
ومن هو الحكَم؟ إنه الجلّاد نفسه.

دلالات
المساهمون