مواعيد سياسية حاسمة تنتظر المعارضة السورية

17 اغسطس 2017
ضغوط كبيرة على المعارضة لتغيير مسارها (زو جينكوان/فرانس برس)
+ الخط -
تستعد المعارضة السورية لاستحقاقات سياسية في إطار حراك إقليمي ودولي يستهدف تمهيد الطريق أمام حلول سياسية للقضية السورية، في ظل مؤشرات على وجود ضغوط كبيرة على المعارضة من أجل تغيير مسارها السياسي المتمسك بثوابت الثورة، وفي مقدمتها تحقيق انتقال سياسي سلمي من دون رئيس النظام بشار الأسد، وأركان سلطته.
وأمام الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة العديد من المحطات السياسية الهامة خلال الشهر الحالي، أبرزها لقاء من المزمع عقده مع منصة القاهرة في الرياض لتقريب وجهات النظر بينهما، إضافة إلى لقاءات "تقنية" من المقرر عقدها في جنيف أو لوزان بين الهيئة العليا، ومنصتي القاهرة وموسكو دعا إليها الاتحاد الأوروبي منذ أيام لمناقشة قضايا الحكم والدستور والانتخابات في إطار الحل النهائي.

وأكدت مصادر مطلعة في الهيئة العليا للمفاوضات، لـ"العربي الجديد"، أن منصة القاهرة وافقت على حضور "لقاء حواري" مع الهيئة في مقر الأخيرة في الرياض "لبحث إمكانية توحيد وفد المعارضة الذي يتولى مهمة التفاوض مع وفد النظام تحت رعاية أممية في مدينة جنيف السويسرية". وكشفت المصادر عن أن الهيئة العليا شكّلت في الخامس من الشهر الحالي "لجنة للحوار مع منصتي القاهرة وموسكو"، موضحة أن اللجنة تضم كلاً من: جورج صبرا، أحمد العسراوي، رياض نعسان آغا، حسن إبراهيم، محمد عبد القادر مصطفى، عبد الحكيم بشار، أحمد حجازي، على أن "تتعاون" مع أمين سر الهيئة العليا للمفاوضات صفوان عكاش. وكانت الهيئة العليا للمفاوضات قد دعت منصتي القاهرة وموسكو إلى اجتماع حواري منتصف الشهر الحالي، إلا أن منصة موسكو اشترطت نقل مكان الحوار إلى جنيف، فيما طلبت منصة القاهرة التريّث، فوافقت أخيراً على الحوار مع الهيئة العليا للمفاوضات، وذلك قبيل يومين فقط من لقاءات "تقنية" تُعقد في جنيف أو لوزان دعا إليها الاتحاد الأوروبي تضم الهيئة العليا، مع منصتي القاهرة، وموسكو. وكانت منصة القاهرة تأسّست في العاصمة المصرية في منتصف عام 2015، خلال مؤتمر المعارضة السورية الثاني الذي دعت إليه وزارة الخارجية المصرية تحت عنوان "من أجل الحل السياسي في سورية"، في محاولة من القاهرة للحضور في المشهد السوري.

وضمّت المنصة في بدايات تشكيلها العديد من الشخصيات المعروفة في المعارضة السورية، إلا أن موقف المنصة "المتردد" من مؤتمر المعارضة الموسع في الرياض أواخر عام 2015، ومخرجاته، خصوصاً بيان المؤتمر المعروف بـ"بيان الرياض"، دفع عدداً من مؤسسي المنصة للانسحاب منها، أو تجميد عضويتهم فيها، وهو ما أفقدها الكثير من زخمها السياسي والإعلامي الذي بدأت به.
كما أدى اعتزال رئيس المنصة جهاد مقدسي، العمل السياسي أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي "لأسباب تتعلق بظروف العمل، والحياة التي لطالما حكمت الظروف الشخصية"، دوراً في تراجع دور منصة القاهرة التي أشار إليها مجلس الأمن الدولي مع منصة موسكو في قراره الشهير 2254، الذي حدد ملامح الحل السياسي في سورية. وترى الهيئة العليا للمفاوضات أن هناك العديد من "المشتركات" التي تجمعها مع منصة القاهرة أكثر من منصة موسكو، التي يتزعمها قدري جميل، إذ تتهم الأخيرة بالتماهي تماماً مع الرؤية الروسية للحل القائمة على إعادة إنتاج النظام، بل يذهب البعض للقول إن منصة موسكو صنيعة الروس من أجل تمرير ما يريدون في التسوية النهائية للقضية السورية.


وفي هذا الصدد، أوضح عضو الهيئة العليا، والقيادي البارز في هيئة التنسيق الوطنية، أحمد العسراوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المشتركات مع منصة القاهرة كثيرة"، مضيفاً: "أهمها التوافق على التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل، وضرورة الانتقال السياسي، وهيئة الحكم الانتقالي التشاركية". وكانت منصة القاهرة قد رفضت الدخول في وفد الهيئة العليا للمفاوضات في جولتي جنيف السادسة والسابعة، إذ لم توافق الهيئة على طلب المنصة بـ"تمثيل متساوٍ"، وتولي أحد شخصيات المنصة منصب نائب رئيس الوفد المفاوض، وهو ما أدى إلى اتساع الفجوة بين الهيئة والمنصة، ولكن جهوداً بُذلت في الآونة الأخيرة أدت إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين.

ويبدو أن منصة القاهرة تعتبر حوار العشرين من الحالي خطوة مهمة باتجاه مؤتمر الرياض 2، للحصول على مكاسب تعزز وجودها في المشهد السوري المعارض الذي تكتنفه خلافات جوهرية حول سبل الحل السياسي في ظل تعنّت النظام وحلفائه، والتردد الأميركي في فرض حل ينهي الصراع على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" بين النظام والمعارضة. وتستعد الهيئة العليا للمفاوضات لعقد مؤتمر الرياض الثاني في أكتوبر/تشرين الأول المقبل "لإعادة هيكلة الهيئة، وتعزيز التمثيل، ومراعاة التطورات الميدانية في تمثيل القوى العسكرية"، وفق مصادر في الهيئة. وكانت المعارضة السورية قد عقدت في ديسمبر/كانون الأول من عام 2015 مؤتمراً جامعاً في الرياض تمخّض عنه تأسيس الهيئة العليا للمفاوضات، والتي ضمّت 32 عضواً، من بينهم 10 ممثلين عن الفصائل العسكرية، و9 ممثلين عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، و6 شخصيات مستقلة، و5 من هيئة التنسيق الوطني التي تمثّل معارضة الداخل السوري. كما شكّلت الهيئة وفد المعارضة المفاوض الذي خاض جولات تفاوضية عدة في مدينة جنيف مع وفد النظام برعاية أممية من دون تحقيق تقدّم مهم يمكن أن يمهد الطريق لحل سياسي. وكانت منصة القاهرة قد تحفظت على بعض بنود بيان الرياض الذي أعقب المؤتمر المذكور، مطالبة ببند واضح ينص على "مدنية" الدولة السورية.

في موازاة ذلك، أعلن "المجلس الوطني الكردي" اعتزامه حضور مؤتمر الرياض 2، بوفد منفصل عن الائتلاف الوطني السوري الذي يشكل المجلس أحد أهم مكوناته. وقال عضو الائتلاف الوطني عن "المجلس الوطني الكردي"، شلال كدو، في تصريحات صحافية، إن الحضور ضمن وفد الائتلاف يؤدي إلى "تقزيم التمثيل الكردي، ولا يتناسب مع ثقله ودوره في الحراك السوري"، معرباً عن اعتقاده بأن المجلس الوطني الكردي "تعرض للإجحاف" في مؤتمر الرياض 1، بسبب تجاهل الرؤية السياسية التي خرج بها المؤتمر، لرؤية المجلس حول مستقبل سورية، أو حل القضية الكردية، وفق قوله.

في غضون ذلك، من المقرر عقد لقاءات تُوصف بـ"التقنية" في لوزان أو جنيف في 22 الحالي، تجمع الهيئة العليا للمفاوضات ومنصتي القاهرة وموسكو، دعا إليها الاتحاد الأوروبي منذ أيام لمناقشة قضايا الحكم والدستور والانتخابات في إطار الحل النهائي. وتأتي هذه اللقاءات استكمالا للقاءات مماثلة جمعت الأطراف الثلاثة في مدينة لوزان السويسرية قبيل الجولة السابقة من جولة جنيف التفاوضية، وتم التوافق على بعض النقاط، وخصوصاً العملية الدستورية. وترى هذه الأطراف أن مسألة كتابة الدستور، خاصة بالشعب السوري، وترفض مسودة دستور روسي وضعه خبراء روس، عرضته موسكو على المعارضة في مسار أستانة، وحاولت فرضه بشتى السبل، ولكنها لم تنجح.