الاجتماعات حول اليمن تعود لمسقط: حل خلافات الانقلابيين أولوية

07 نوفمبر 2016
ولد الشيخ سيلتقي هادي في الرياض(فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -


"نرفض ما يسمى خارطة ولد الشيخ، رفضناها لأنها انطلقت من منطلقات خاطئة فكان مضمونها ونتائجها خاطئة ومنحرفة، رفضناها لأنها نسيت أو تناست جذر المشكلة وأساسها وهو الانقلاب وما ترتب عليه، رفضناها لأنها تتعارض تماماً مع المرجعيات التي أجمع عليها شعبنا اليمني وتجاوزت استحقاقات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، رفضناها لأنها تكافئ الانقلاب والانقلابيين، رفضناها لأنها تؤسس لحروب مستدامة".

كانت هذه العبارات جانباً من حديث الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، الذي أعلن بأعلى صوت وأوضح العبارات أمام لقاء موسع هو الأول من نوعه في الرياض، الرفض المطلق لمبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، بعد أسبوعين من قيام الأخير بتسليم نسخة منها لوفد شريكي الانقلاب، اللذين بدورهما باتا في افتراق واضح، إذ غادر وفد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) منفرداً إلى العاصمة العُمانية مسقط، فيما بقي وفد "حزب المؤتمر"، الذي يترأسه علي عبدالله صالح، في صنعاء، ليبدو أن مبادرة ولد الشيخ في طريق شبه مسدود، في ظل وضع شديد التعقيد.

في تتمّة حديثه أكد الرئيس اليمني، الذي تحدث بأشد عبارات الرفض والتفنيد للمبادرة على "الرفض المطلق" لما وصفها بأنها "خارطة الالتفاف على المرجعيات وإنهائها" و"خارطة تلغيم المستقبل وتأسيس حروب لا نهاية لها" و"خارطة تمزيق اليمن واستهداف الجوار"، وأتبع حديثه بالتعهد لشعبه، وللتظاهرات التي خرجت رفضاً للخطة، "ألا نحيد عن غايتكم وألا نقبل الالتفاف على تضحياتكم". بما يعني أن الشرعية حسمت أمرها ليس بالتمسك برفض الخارطة فحسب؛ بل والتصعيد ضدها، كما هو واضح في السياق.

وكشفت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد" أن تصعيد الشرعية وتجديد موقفها الرافض بأعلى صوت ممكن جاء ليعكس الإجماع داخل صفوفها في الإطار الحكومي والقوى السياسية استباقاً لزيارة المبعوث الأممي المقررة إلى الرياض، حيث سيلتقي بالرئيس هادي وممثلين عن الحكومة الشرعية لنقل نتائج اجتماعاته في صنعاء ومحاولة إقناع الجانب الحكومي بالقبول بالخارطة، في حين أن الشرعية لا تزال ترفض بصورة "قاطعة" التعامل مع الخارطة.

كما جاء الموقف الحكومي بالترافق مع تسريبات عن سحب بريطانيا لمشروع القرار الدولي الذي تقدمت به إلى مجلس الأمن حول اليمن ويعتبر بمثابة ورقة ضغط على الجانب الحكومي بوجه خاص ويمثل التصعيد ضد الخارطة بعد أسبوعين من طرحها مؤشراً هو الآخر على أنها تمضي باتجاه طريق "شبه مسدود"، الأمر الذي تتعزز مؤشراته مع أنباء عن تقدم الحوثيين وحلفائهم بشروط إضافية، أو تعديلات مقترحة على "الخطة"، بما يجعل منها مرفوضة أكثر من جانب الشرعية.

من جانب آخر، جاء الموقف الحكومي الرافض للخارطة بالتزامن مع اختتام المبعوث الأممي زيارته لصنعاء، والتي تعد الأطول خلال الفترة الأخيرة، إذ استمرت من الخميس إلى الاثنين، وبقيت اللقاءات خلالها محاطة بـ"السرية"، وقالت مصادر قريبة من مفاوضين عن الانقلابيين لـ"العربي الجديد" إن الاجتماعات ناقشت بدرجة أساسية الملاحظات المقدمة من الطرفين على المقترحات الأممية، وقضايا تفصيلية متعلقة بالمخاوف المطروحة من قبل كل طرف على حدة.

وأعلن ولد الشيخ، خلال مؤتمر صحافي لدى مغادرته صنعاء، أن الأطراف لا تزال تتمسك بموقفها تجاه بعض النقاط التي تحتاج إلى مرونة حقيقية"، وشدد على أن تقدم الأطراف اليمنية بعض التنازلات، "لا من أجل نفسها؛ بل من أجل الشعب اليمني"، وهو ما يعكس تصلب الطرفين تجاه الخارطة، إذ يقول الانقلابيون إنها مناسبة كـ"أرضية نقاش"، لكنهم يقدمون ملاحظات جوهرية عليها، في المقابل تعارض الحكومة الشرعية أي نقاش حولها وترفضها دون تردد.

وأفادت مصادر في العاصمة اليمنية لـ"العربي الجديد" أن زيارة ولد الشيخ، التي استمرت خمسة أيام، لم تقف فقط أمام تحديات الملاحظات المشتركة من طرفي الانقلاب، بقدر ما كانت الاختلافات والتباينات الواضحة بين الحوثيين وحزب صالح، عاملاً إضافياً بتعقيد المحادثات.

وكانت خلافات الانقلابيين قد تجلت، أكثر من أي وقت مضى، بمغادرة وفد الحوثيين للعاصمة صنعاء، أمس الأحد، باتجاه العاصمة العُمانية مسقط، وهو ما يعني افتراقاً واضحاً خلال اللقاءات بالمبعوث الأممي بصنعاء، الذي لم يكن أمامه في اليوم الأخير سوى الممثلين عن صالح. ومن جانب آخر، تعكس مغادرة وفد الحوثي منفرداً إلى مسقط، بأن الطرفين لم يعودا يتحدثان إلى المجتمع الدولي بوفد مشترك، بل أصبح لدى كل فريق أجندته واتصالاته الخاصة.

وفي الوقت الذي أكد فيه ناطق الحوثيين، ورئيس وفد الجماعة المفاوض، محمد عبدالسلام، أن الزيارة إلى مسقط لعقد لقاءات مع مسؤولين ومع المجتمع الدولي، رجح مراقبون أن تعقد هناك لقاءات مع الجانب الأميركي، بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يتعزز بقيام الجماعة بإطلاق سراح أميركي كان معتقلاً في سجونها، نُقل على متن الطائرة العُمانية التي أقلت الوفد نفسه من صنعاء إلى مسقط.

ووسط هذه التطورات، يبدو أن "خارطة الطريق" للمبعوث الأممي تتجه نحو طريق مسدود، ما لم يحدث تطور مفاجئ يُغير من مسارها الحالي، الذي من الواضح أنه يتجه يوماً بعد يوم نحو مزيد من التعقيد.