جمعية الرازي الثقافية... ضحيّة جديدة للترهيب الإسرائيلي ضدّ المقدسيين

04 يناير 2017
مدرسة تعرضت للحرق على يد صهاينة بالقدس(أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر مطلعة، أمس الثلاثاء، عن تهديدات بالفصل من الوظيفة لعدد من الفلسطينيين، منهم مدراء ومديرات مدارس تابعة إلى بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، وكذلك إلى وزارة المعارف الإسرائيلية في القدس، على خلفية تحريض إسرائيلي ضدهم. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه التهديدات ستنفذ، في حال واصل الموظفون السماح بتنظيم فعاليات وأنشطة ثقافية تنفذها جمعية الرازي الثقافية، بعد اتهامات أن هذه الأنشطة ذات الطابع الوطني التوعوي، "تحرض على الإرهاب وتناصب العداء لجهود بلدية الاحتلال ووزارة المعارف الإسرائيلية" الهادفة إلى محاولة فرض المنهاج الإسرائيلي في هذه المدارس.

ورغم محاولات بعض هؤلاء المدراء نفي تلقيهم تهديدات من هذا القبيل، تخوفاً من فقدانهم وظائفهم أو تعرضهم إلى المساءلة والاعتقال، إلا أن المصادر ذاتها أكدت عقد هؤلاء المدراء اجتماعاً، قبل أكثر من أسبوع، تباحثوا خلاله في التحذيرات والتهديدات التي وجهت لهم بالفصل من وظائفهم على خلفية تنظيم هذه النشاطات، والتي تشمل مسابقات ثقافية ورياضية واجتماعية وغيرها، تنظمها جمعية الرازي الفلسطينية، ومقرها بلدة الرام شمالي القدس المحتلة.

هذا التخوف من المدراء، تعزز بعد أن طالب نائب وزير الأمن الإسرائيلي، الحاخام إيلي بن دهان، بوقف مدراء المدارس، الذين يشاركون في نشاطات لا منهجية تعزز الهوية الفلسطينية، عن العمل فوراً. ونقلت القناة العاشرة الإسرائيلية عن بن دهان: "من غير المعقول أن يقوم مدراء مدارس تابعة للبلدية والحكومة الإسرائيلية في القدس الشرقية بتعليم الطلاب التحريض والإرهاب ضد الدولة". وأضاف "من غير المقبول أن تثق البلدية والمدارس الحكومية بمدراء على علاقة بعناصر تدعم الإرهاب وتعمل ضد إسرائيل". وأشار إلى أنه سيتم فحص ما تم التوصل إليه ضد المدراء والمعلمين المشاركين في هذه النشاطات وسيخضعون للتحقيق، وكذلك الجمعية التي تمول النشاطات الفلسطينية في القدس الشرقية. وكانت القناة الإسرائيلية، عرضت في تقريرها التحريضي على تلك المدارس وعلى جمعية "الرازي"، صوراً ولقطات ومادة مصورة لبعض النشاطات الطلابية، التي تمثل المعاناة التي يعيشها الطلاب خلال اجتيازهم المعبر العسكري (معبر قلنديا شمالي القدس) يومياً، ومبارزة شعرية تتغنى بالوطن والحفاظ على القدس والمسجد الأقصى. كما عرضت شريط فيديو لعملية تكريم بعض المدرسين ومدراء المدارس نظمتها جمعية الرازي للثقافة، شارك فيها، القيادي في حركة فتح، حاتم عبدالقادر، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، الشيخ عكرمة صبري.

ونقلت القناة الإسرائيلية، في تقرير بثته، الأسبوع الماضي، عن بن دهان "اتهامه" جمعية الرازي بتلقي الأموال من دولة قطر لتعزيز الهوية الفلسطينية بين صفوف الطلاب الفلسطينيين في القدس. وأظهرت ذلك من خلال منشورات الجمعية على صفحتها الإلكترونية. وجاء في التقرير التلفزيوني، إن "الجمعية التي تعتبر غير حكومية في القدس تتلقى الدعم القطري، لمحاربة إسرائيل في خطتها لفرض التعليم الرسمي في مدارس البلدية والمعارف الإسرائيلية، بهدف الحفاظ على هوية القدس الفلسطينية"، معتبرة ذلك "تحريضاً وإرهاباً". وذكرت القناة، في حملة التحريض التي تمارسها، أن "هذه المدارس التي تتلقى ميزانياتها من البلدية والحكومة الإسرائيلية في القدس الشرقية تقيم نشاطات لا منهجية معادية لإسرائيل، بخلاف التوجه الرسمي لفرض المناهج والمدنيات الإسرائيلية". وأضافت "النشاط الرئيس في تكريم المدرسين والمدراء تشرف عليه شخصيات من حركة فتح، مثل حاتم عبدالقادر والشيخ عكرمة صبري المعروف بتوجهاته الإسلامية المعادية، وسبق أن تم التحقيق معه".



ونقلت القناة عن رئيس منظمة إسرائيلية تدعى "لك يا قدس" ميور سيمح: "لدينا مشكلة حقيقية وكبيرة في قضية السيطرة على برامج التعليم في مدارس القدس الشرقية، خصوصاً النشاطات والبرامج غير المنهجية"، مشيراً إلى أن المشكلة الأهم هي الكتب المدرسية الفلسطينية التي تدرس في المدارس الفلسطينية في القدس. وأضاف "المشكلة الأهم أن مدراء المدارس الرسمية الممولة من بلدية الاحتلال في القدس والمعارف الإسرائيلية يشاركون في هذه النشاطات"، مشيراً إلى نشاط في أكبر مدرسة مثل مدرسة عبدالله بن الحسين في الشيخ جراح بالقدس، وعرض مقاطع من مشاركة المديرة والمدرسين، معتبراً ذلك نوعاً من التحريض على محاربة إسرائيل. وفي تعليقه على هذه التهديدات، قال رئيس مجلس أمناء جمعية الرازي، حاتم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إن "القضية برمتها، أن هناك تحريضاً من بلدية الاحتلال ووزارة المعارف الإسرائيلية ضد المؤسسات الفلسطينية العاملة في مجال التربية والتعليم، وفي مقدمتها جمعية الرازي، التي تنفذ برامج توعوية وتثقيفية في نحو 62 مدرسة، بما فيها مدارس فلسطينية، لكن تشرف عليها إدارة بلدية الاحتلال ووزارة المعارف"، موضحاً أن البرامج تتضمن مسابقات علمية وأنشطة ثقافية ومسرحيات هادفة، من أجل تعزيز الوعي الوطني لدى الطلاب في كافة أنظمة التعليم في جميع مدارس القدس المحتلة.

وحذر عبدالقادر من مخطط إسرائيلي يستهدف قطاع التعليم الفلسطيني في المدينة ومحاولة تشويه الوعي الوطني للطلاب المقدسيين. وقال "يبدو أن هناك مخططاً لعزل المؤسسات الفلسطينية العاملة في مجال الثقافة عن مدارس البلدية ومنع نشاطاتها، والتهمة الرئيسية لهذه المؤسسات، خصوصاً الرازي، أنها تعمل على نشر الثقافة الوطنية الفلسطينية، وكأن المطلوب من هذه المؤسسات نشر الثقافة اليهودية". وأكد أن جمعية الرازي تحصل على مساعدات لبرامجها من اللجنة القطرية، وأن هذه البرامج توعوية ولا علاقة لها بالتحريض أو الإرهاب، وإذا اعتبروا ذلك تحريضاً فليكن، لكن من الواضح أن هناك تحريضاً ضد الجمعية، وحتى توجيه تهديدات إلى بعض مدراء المدارس من مغبة التعامل مع الرازي، من خلال ما بثته القناة العاشرة الإسرائيلية. ولفت إلى أن ما بثته القناة عبارة عن حملة مبيتة، تستهدف عزل المؤسسات الفلسطينية عن قطاع التعليم وبث الرعب في صفوف المدراء. وفي هذا السياق، أكد عبدالقادر، أن جمعية الرازي بصدد رفع دعوى قضائية ضد القناة العاشرة الإسرائيلية التي مارست التحريض ضد الجمعية، وجندت له مسؤولين وبعض الدوائر الإسرائيلية المعروفة بممارساتها ضد المقدسيين كما هو الحال بالنسبة إلى بلدية الاحتلال. وأضاف "نحن لن نستسلم، وسنقاوم هذا التحريض الذي تمارسه القناة الإسرائيلية وبعض صحافييها المرتبطين بأجهزة الشرطة والاستخبارات الإسرائيلية ويتلقون تعليماتهم من هذه الأجهزة".