وكان لافتاً نقل الحويج رسالة من رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، فيما تتحدث مصادر سياسية مغربية عن مبادرة يتم التحضير لها لحل النزاع في ليبيا من خلال نسخة منقحة من اتفاق الصخيرات.
وقال الحويج، المحسوب على معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في مؤتمر صحافي عقب انتهاء مباحثاته مع بوريطة، إن "المغرب قادر على لعب دور طلائعي في حل الأزمة الليبية". وأوضح الحويج، أن "المغرب الذي يتمتع أيضا بتجربة واسعة في حل الأزمات ليس له مصلحة أخرى غير أمن واستقرار ليبيا"، مضيفاً: "نؤمن إيماناً عميقاً بتفوق الفضاء المغاربي في حل الأزمة الليبية".
واعتبر أن اجتماعه مع وزير الخارجية المغربي هو جزء من الجهود المبذولة لإيجاد حل دائم، وهو بحد ذاته رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها "نحن داعمون للسلام والحوار ونمد أيدينا لجميع أولئك الذين تحفزهم نفس الدوافع من أجل وضع حد للفوضى، في إطار من الوفاق الوطني، يدعمه التوزيع العادل للثروة". وأوضح أن المغرب "يستفيد من تجربة واسعة في مجال المصالحة من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة، التي تمكّنت من تسوية التزامات انتهاكات حقوق الإنسان السابقة"، وهي التجربة التي يود بلده أن يستلهمها، كاشفاً أن اللقاء الذي أجراه مع بوريطة قد ركز بشكل خاص على إنشاء منتدى اقتصادي مغربي ليبي.
وتأتي زيارة الحويج بعد يومين على تجديد المغرب، خلال الدورة الـ153 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، التي عُقدت الأربعاء بالقاهرة، استعداده لاستضافة الأطراف الليبية للتشاور والحوار في ما بينها، واقتراح ما تراه مناسباً لتجويد وإغناء اتفاق الصخيرات.
وقال المغرب، خلال الاجتماع، إن "المملكة المغربية، التي عايشت مخاضات الحوار الليبي منذ بدايته إلى الآن، تعتبر، بكل موضوعية وتجرد، أن الاتفاق السياسي الذي وقّع بالصخيرات في 2015، لا يزال يمثل مرجعية مرنة بما يكفي لإدراك الوقائع الجديدة، وإطاراً يمكن من استيعاب تجاذبات الفرقاء الليبيين، بما يساهم في استعادة أمن واستقرار هذا البلد الشقيق". واعتبر أن الخروج من هذه الأزمة "لا ينبغي أن يتم تصوره عبر حل عسكري، وإنما يتعين أن يكون من خلال حل سياسي شامل، تحت رعاية الأمم المتحدة، ترتضيه الأطراف الليبية وتتوافق على مضامينه، من أجل مصلحة بلدها وشعبها".
وشهدت الأسابيع الأخيرة عودة الدبلوماسية المغربية للعب دور الوساطة بين الأطراف الليبية المتصارعة، والتقريب بين وجهات نظرها، وهو ما تجلى في مباشرة بوريطة، في 7 فبراير/شباط الماضي، مباحثات رسمية وأخرى عبر الهاتف، مع طرفي النزاع الرئيسيين في ليبيا، حكومة الوفاق ومعسكر حفتر.
وتمكّن التحرك الدبلوماسي المغربي الأخير من تجاوز عثرة إقصاء الرباط من المشاركة في مؤتمر برلين ومحاولات تحجيم دورها إقليمياً، خصوصاً بعدما طالب الحويج، بعد انتهاء مباحثات رسمية جمعته ببوريطة، بـ"دورٍ مغربي" لحلّ الأزمة الليبية، "والاستمرار في رعاية دور مغاربي ومتوسطي وأفريقي".
ويعتبر المغرب اتفاق الصخيرات، الذي وُقّع في 2015 بإشراف المبعوث الأممي إلى ليبيا حينها مارتن كوبلر لإنهاء الحرب الليبية، إنجازاً تاريخياً مهماً، يحسب لدبلوماسيته ولقدرته على المحافظة على قنوات تواصل فاعلة مع كل أطراف الصراع الليبي. وترى الرباط أنها "لا تزال مرجعاً مرناً بما يكفي لإدراك الوقائع الجديدة"، وأن "تكاثر المبادرات حول الأزمة يؤدي إلى تنافر بينها".