وأعلن العراق رسمياً افتتاح معبر القائم في الثلاثين من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، ليكون أول معبر بري بين العراق وسورية منذ عام 2014، بعد إغلاق المعابر الثلاثة (القائم والوليد وربيعة) بشكل متتابع، بعد اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من مناطق شمال وغربي العراق.
ويربط سورية بالعراق ثلاثة معابر حدودية رئيسية تحمل تسميات مختلفة على الجانبين. وهي: القائم من الجانب العراقي، الذي يقابله البوكمال من الجانب السوري. والوليد من جانب العراق، ويقابله التنف على الجانب السوري. ومعبر ربيعة من الجانب العراقي، والذي يقابله اليعربية في سورية. وقد أغلقت المعابر الثلاثة بعد أن بسط تنظيم "داعش" الإرهابي سيطرته عليها ما بين عام 2013 وعام 2014. حيث كان قبل إغلاقه يستقبل المسافرين القادمين والمغادرين بمركباتهم الخاصة أو بوسائط النقل العمومية، إضافة إلى الشاحنات القادمة والمغادرة من وإلى سورية.
وبحسب مدير المنافذ الحدودية العراقية، كاظم العقابي، خلال كلمة افتتاح المعبر حينها، فإن "المعبر له أهمية كبيرة فيما يتعلق بالتبادل التجاري وإنعاش المنطقة اقتصادياً. وسيسهم في توفير فرص عمل لسكان منطقتي القائم من الجانب العراقي والبوكمال من الجانب السوري"، معتبراً أن وجود تحسّن أمني على الحدود العراقية السورية ساهم في افتتاح المعبر.
إلا أن مسؤولين عراقيين، أحدهما مراقب أمن داخل المعبر الحدودي، تحدثا لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسميهما، أكدا أن المعبر لم يستقبل منذ افتتاحه أي قافلة أو شحنة تجارية، أسوة بمنافذ العراق الأخرى مع الأردن وتركيا وإيران والكويت.
وأكد أحدهما أن المعبر يسجل خروج مسافرين، لكن ليس عائلات أو أسرا، كما كان قبل عام 2014، بل يعبره شبان تتراوح أعمارهم بين العشرين والخامسة والأربعين، يرجح أن غالبيتهم من عناصر الفصائل التي تقاتل في سورية. كما سجل دخول قوافل بين أسبوع وآخر تضم زوارا إيرانيين متجهين إلى دمشق، كما سجل دخول مسافرين لبنانيي الجنسية من سورية إلى العراق.
فيما كشف الآخر عن أن المعبر فعلياً يخضع لنفوذ كتائب "حزب الله" و"سيد الشهداء" و"النجباء"، مشيراً إلى أن عمليات عبور شاحنات وسيارات تتبع للمليشيات الثلاثة تتم من دون أن تمر بأجهزة السونار أو حتى يتم تفتيشها أو التأشير على جوازات السائقين فيها، مبيناً أن سيطرة قوات نظام الأسد في الجانب الثاني تبدو أفضل من الجانب العراقي، حيث يخشى الضابط استفزاز عناصر المليشيات بالجانب العراقي.
ورغم إدراج شركات السفر والسياحة في بغداد رحلات برية إلى دمشق بقيمة 100 دولار في سيارات GMC رباعية الدفع، وفي الحافلات ذات الأربعة والأربعين راكباً بقيمة 50 ألف دينار (نحو 50 دولارا) بينما إلى بيروت فتكون بقيمة (220 دولارا) براً أيضاً عبر سورية، إلا أن مدير شركة "نسيم الشرق" للسياحة والسفر نصيف العبيدي يؤكد عدم تسيير أي حافلة حتى الآن.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، "كنّا نقبط (نملأ) كل يوم سيارتين من المسافرين قبل 2014، لكن حتى الآن منذ الإعلان عن تسيير الرحلات البرية إلى دمشق لم يسجل إلا تسعة مسافرين، ولا يمكن للسيارة أن تخرج بعدد ناقص، فنخسر البنزين".
وتابع "لا علم لي بالشركات الأخرى، لكن أعتقد أنهم ليسوا بأفضل حالا منا"، معتبراً أن "الهاجس الأمني يمنعهم من الإقدام على السفر براً، كما أن قيمة تذكرة الطائرة تبلغ 50 بالمائة من قيمة السفر براً، والناس تدفع من أجل أمنها وراحتها".
مسؤول في ديوان محافظة الأنبار أجاب على سؤال حول مدى نشاط المعبر بالقول إنه "ميت"، مبيناً أن "المحافظة يجب أن يكون لها نصف وارادات المعابر مع الأردن والسعودية وسورية، لكن بالنسبة لمعبر القائم فقد فتح تواً، ورغم ذلك لم تسجل فيه حركة، وأصحاب العربات والحمالون وسائقو الأجرة يؤكدون أنه ميت، وأن الحركة للمسافرين فقط. وأعتقد أنه لا يوجد غير الفصائل المسلحة تستخدمه حالياً". وأعرب عن أمله في تحسّن حال المعبر بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة.
من جهته، اعتبر عضو البرلمان، النائب سلام الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن افتتاح المعبر كان ببعد "سياسي ودعائي"، مشيراً إلى أن "المنفذ حتى الآن لم يعمل كما كان مأمولا منه، فلا يخفى على الجميع الوضع الأمني في سورية، وحتى الآن لم تسجل أي أنشطة تجارية مع سورية من خلاله".
في المقابل، أكد عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار، رياض التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المنفذ سيتحسن وضعه بشكل متناسب مع تحسّن الوضع الأمني"، داعياً إلى "ألا يكون على حساب الإنتاج العراقي والصناعة العراقية".
ويصف إبراهيم العيساوي، وهو عضو سابق في قوات الصحوة، وهي إحدى التشكيلات العشائرية المناهضة لتنظيم القاعدة تأسست عام 2006، وحُلت من قبل رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي بعد انسحاب الأميركيين من العراق؛ المعبر بأنه لـ"خدمة المسلحين لا المدنيين".
وكشف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القوات الأميركية والتحالف الدولي ككل كانت تبلغ الحكومة العراقية برصد عمليات تنقّل غير شرعية بين العراق وسورية من قبل مسلحي الفصائل العراقية، وتعتبر أن الحكومة تتحمل مسؤولية ذلك"، مرجحاً أن "يكون المعبر أحد هذه الحلول، فدخول العناصر عبر المعبر الرسمي حيلة لا أكثر".
وبيّن أن "الطريق غير آمن، لا للتجارة ولا للمدنيين، ولا يمكن اعتبار معبر القائم إلا ممرا لخدمات خاصة بين العراق وسورية".