ضغوط مصرية على إثيوبيا حول سد النهضة

08 اغسطس 2019
تواصل إثيوبيا عملها لإنهاء السد (الأناضول)
+ الخط -
تنتظر كل من مصر والسودان رد الحكومة الإثيوبية بشأن مجموعة من المطالب التي سلّمها وزير الري المصري محمد عبد العاطي مكتوبة في زيارة رسمية أخيراً إلى أديس أبابا أعقبت زيارة مماثلة من قِبل الوزير المصري إلى السودان، التقى خلالها القائم بأعمال وزير المياه والطاقة هناك. وجاءت ورقة المطالب المصرية بعد ضغوط مارستها على المجلس العسكري السوداني للتعجيل بعقد الاجتماع السداسي بشأن سد النهضة الإثيوبي والذي تتهرب منه أديس أبابا، بدعوى عدم استعداد السودان للمشاركة نظراً للظروف السياسية في الخرطوم، إذ تمكّنت القيادة السياسية المصرية من التوصل إلى اتفاق مع السودان خلال زيارة نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى القاهرة أخيراً والحصول على موافقة كتابية من الخرطوم لعقد اللقاء واستعدادها الكامل لمواصلة المفاوضات.

وبحسب مصادر مصرية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، ما زالت إثيوبيا تماطل في تحديد موعد لعقد الاجتماع السداسي على مستوى وزراء الري والخارجية في البلدان الثلاثة، والتعليق على الرؤية المصرية الخاصة بتشغيل السد.
وقام عبد العاطي ووفد فني مرافق له من الوزارة بجولة مطلع الشهر الحالي لتفعيل مجموعة من الاتصالات والاتفاقات التي توصلت إليها القيادة السياسية أخيراً بشأن ملف المياه وسد النهضة الإثيوبي وتأثيراته السلبية على حصة مصر المائية من نهر النيل والمقدرة وفقا لاتفاقية 1959 بـ55 مليار متر مكعب. واستهلّ جولته في السودان حيث التقى بصلاح أحمد محمد إبراهيم، المكلف بإدارة وزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية في الخرطوم. وعقد الطرفان اجتماعاً مطوّلاً تناول العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين في المجالات ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن مواصلة واستكمال التشاور بخصوص مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، ودعوة إثيوبيا لمعاودة الاجتماعات الفنية الخاصة بالسد لحسم الأمر بشأن التقارير الفنية التي تثبت التأثيرات السلبية للسد على دولتي المصب.

وبحسب مصادر حكومية مصرية، فإن وزير الري المصري ذهب إلى السودان لتفعيل توصية جرى التوافق بشأنها بين القيادة السياسية المصرية وقيادة المجلس العسكري السوداني، بشأن تقدّم الخرطوم بطلب لأديس أبابا تدعم فيه القاهرة لمعاودة الاجتماعات الفنية وتعلن من خلاله جاهزيتها لذلك، وعدم تأثرها بالظروف السياسية التي تشهدها.
وأشارت المصادر إلى أن مصر شددت على الجانب السوداني ضمن حزمة اتفاقات تعاون بين البلدين على ضرورة الشروع في خطوة طلب عقد الاجتماعات مجدداً وبشكل سريع، وذلك بعد معلومات وتقارير مصرية بشأن بدء أديس أبابا في عمليات تخزين تجريبية واسعة في السد، أثرت سلباً على حصة مصر أخيراً.


وعقب ذلك توجّه عبد العاطي إلى أديس أبابا للقاء نظيره الإثيوبي، وسلّمه رسالة تضمّنت وجهة النظر المصرية بشأن ملء السد وتشغيله، كما سلمه رسالة أخرى موجهة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتضمن طلباً رسمياً بمعاودة الاجتماعات التنسيقية الخاصة بالسد، مدعوماً ومشفوعاً بالمطلب السوداني الجديد.
وبحسب مصادر مصرية حكومية، فإن الرؤية المصرية تضمّنت تمسكاً مصرياً بضرورة وجود خبراء مصريين، أو بعثة فنية دولية كمراقبين، ضمن إدارة وتشغيل السد بعد الانتهاء من عمليات التشغيل، مضيفة أن وجهة النظر المصرية شملت مقترحاً مصرياً بملء خزان السد على مدار 7 سنوات، وهي الفترة التي يرى فيها الخبراء المصريون والمتخصصون أنها كافية للوصول بالتأثيرات السلبية على الحصة المائية المصرية إلى أقل مستوى.

وأضافت المصادر "على الرغم من فترة السبع سنوات لملء الخزان، إلا أن تلك الفترة أيضاً تتضمن تحمل مصر تأثيرات سلبية ليست بالقليلة"، متابعة أن "القاهرة قدّمت تفصيلاً بشأن التكلفة التي ستتحملها جراء عمليات تخزين المياه خلف السد، والتي تتمسك أديس أبابا بألا تزيد عن ثلاث سنوات"، لافتة إلى أن "القاهرة ضمّنت الملف الذي سلّمه وزير الري المصري للجانب الإثيوبي بنوداً مفصلة بشأن نحو 70 مليار جنيه مصري (نحو 4 مليارات و220 مليون دولار) ستتحملها لإنشاء محطات تحلية لمياه البحر على مدار تسع سنوات لتعويض مدة العجز الذي ستخلّفه عملية ملء الخزان على الحصة المصرية من النيل، كما تضمّنت الإجراءات التي اتخذتها القاهرة تخفيض مساحات شاسعة من المحاصيل كثيفة الاستهلاك في المياه مثل الأرز، وحجم الخسائر المالية التي تحملتها مصر في هذا السياق، وكيف تحولت من دولة مصدرة للمحصول إلى دولة مستوردة، وحجم تحمل خزينة الدولة لتلك الخطوة".
وبحسب المصادر، فإن القاهرة متمسكة بالاحتكام إلى تقارير المكاتب الفنية بعد تيقنها من أن تلك التقارير تثبت حجم الأضرار التي يخلّفها السد على دولتي المصب، بخلاف التأثيرات السلبية على الحصة المائية، نظراً للتهديدات التي يسبّبها بسبب عمليات ترسيب الطمي، وعناصر الأمان، إذ قد يتسبب بغرق المنطقة في حال التعرض لزلازل قوية.

وتوقعت وزارة الري المصرية أخيراً انخفاض كميات مياه الفيضان المتوقع وصولها حتى نهاية العام المائي الحالي إلى حوالي 5 مليارات متر مكعب عن العام الماضي، وذلك خلال استعراض فيضان النيل والإجراءات التي يتخذها قطاع مياه النيل ومركز التنبؤ بقطاع التخطيط في الوزارة من رصد وتحليل وتقييم لحالة الفيضان، على مدار الأعوام المختلفة من خلال النماذج الرياضية واستخلاص التنبؤات بفيضان النيل كمورد رئيسي للمياه في مصر.

إلى ذلك، قال مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي، كيفلي هورو، في تصريحات رسمية صادرة عنه، إن شركة سينوهيدرو الصينية ستبدأ تركيب 11 وحدة لتوليد الكهرباء في السد خلال الشهر المقبل. وشدد هورو على أن العمل في سد النهضة يسير وفقاً للمعدلات الموضوعة، مشيراً إلى أنه سيتم الانتهاء من أعمال البناء عام 2023 ليصبح أكبر سد كهرباء في أفريقيا بقدرة 6450 ميغاوات.

وتأتي تلك التصريحات في وقت قال فيه السيسي إن بلاده استعدت جيداً لقضية سد النهضة، خصوصاً في مراحل التفاوض مع الجانب الإثيوبي. وأشار خلال كلمة له في جلسة محاكاة الدولة المصرية، في مؤتمر الشباب الذي اختتم فعالياته في العاصمة الإدارية، إلى أن هناك دراسات أجرتها مصر لتقدر حجم المياه الذي سيتم حجزه عن مصر مع بداية تشغيل سد النهضة. وأضاف: "لا بدَّ من الاتفاق مع الأشقاء في إثيوبيا على فترة ملء خزان السد، بالشكل الذي نستطيع معه تحمل الأضرار، ويجب أن نقدّر حجم المياه التي نستطيع تحمل فقدانها، التي من الممكن أن نتوافق عليها".