ويغلب على حديث سكان سيناء في هذه الأيام التظاهرات في محافظات القاهرة ودمياط والسويس والإسكندرية والمحلة وغيرها، التي بدأت مساء يوم الجمعة الماضي، واستمرت السبت على أن تصل إلى "المليونية" الجمعة المقبل، بعد دعوات وجهها الفنان ورجل الأعمال محمد علي عبر عدة فيديوهات نشرها على مدار الأيام الماضية. وتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي مع الدعوات، بما فيها نشطاء من مدن محافظة شمال سيناء. وعلى الرغم من أن القبضة الأمنية الحديدية التي تحيط بسكان المحافظة تحول دون المشاركة الفعلية على أرض الواقع، في ظل الانتشار الأمني من خلال الكمائن والارتكازات العسكرية والأمنية في شوارع وميادين مدن محافظة شمال سيناء، فإن الرغبة بالمشاركة في الاحتجاجات تسيطر على غالبية سكان المحافظة.
وفي تفاصيل المشهد، يقول الناشط السياسي من مدينة العريش زهدي جواد، لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي سيناء يتأملون الكثير من هذه النهضة لدى جموع الشعب المصري، على أن تكون مخرجاً حقيقياً من الأزمة التي يعيشونها بفعل السياسات الحكومية والأمنية في التعامل مع المحافظة منذ 2013". ولفت إلى "تعرض أهالي سيناء لأكبر حملة ظلم وضغط في تاريخ حياتهم خلال السنوات الست الماضية التي حكم فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تطالب التظاهرات الحالية برحيله عن سدة الحكم، وتغيير النظام القائم على مصالح فئة معينة على حساب بقية الشعب المصري". ويضيف أن "أهالي سيناء، لو أتيحت لهم الفرصة للمشاركة بهذه الاحتجاجات، لما تأخروا لحظة، فهم كانوا السبّاقين للمشاركة في تظاهرات ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وقدموا الشهداء والجرحى والمعتقلين على طريق الحرية من نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك".
ويشير جواد إلى أن "ملف التظاهرات بات يتصدر كل المجالس واللقاءات ومواقع التواصل الاجتماعي في سيناء، على الرغم من انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت في المحافظة لساعات طويلة بشكل شبه يومي، وحالة الاستنفار الأمني والعسكري التي تشهدها من قبل قوات الجيش والشرطة، وعدم وجود فرصة للمشاركة، على الأقل في الوقت الحالي، مع إمكانية المشاركة في حال توسع رقعة الاحتجاجات، ودخولها مرحلة اللاعودة في بقية المحافظات المصرية". ويشير إلى أن "المواطنين يتخوفون من حالة الطوارئ المفروضة في سيناء منذ الانقلاب، وانعكاسها على تعامل قوى الأمن مع أي حراك شعبي في المحافظة، وإمكانية ارتكاب مجازر بحق المواطنين ووضعهم ضمن خانة مكافحة الإرهاب، كما حصل مسبقاً من قتل عشرات المواطنين خلال السنوات الماضية، واعتبارهم إرهابيين من دون أي دليل على ذلك، في ظل عدم وجود محاسبة لأي عسكري يتجاوز القانون في سيناء".
من جهته، يقول إبراهيم المنيعي، أحد أبرز مشايخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي سيناء مع أي جهد أو حراك يمكن أن يشكل بارقة أمل لهم للخروج من أزمتهم الحالية التي أنتجتها الحرب الدائرة بين الدولة المصرية وتنظيم داعش منذ ست سنوات، إذ راح ضحية هذه الحرب مئات الأرواح من المدنيين، بخلاف المصابين والمعتقلين والأضرار المادية التي لحقت بالمنازل والمزارع والمصانع والمشاريع التي كان يعتاش منها عشرات آلاف المواطنين في محافظة شمال سيناء". ويضيف أن "لدى أهالي سيناء رغبة جامحة في مشاركة مواطني المحافظات الأخرى في هذه التظاهرات، للتخلص من الحالة السيئة التي وصلوا إليها نتيجة سياسات التعامل مع سيناء من قبل الأمن وكذلك الأجهزة الحكومية، باعتبار سيناء قطعة خارج مصر، وليست جزءاً منها كبقية المحافظات". ويشير إلى أن "بعض الشخصيات، التي تعتبر نفسها مشايخ في سيناء، أو الشخصيات المحسوبة على النظام المصري تحاول تصوير مشهد آخر لآراء أهالي سيناء، واعتبار أنفسهم متحدثين باسم الأهالي، وأنهم مع النظام المصري في مواجهة التظاهرات ورفض الحراك الشعبي القائم. إلا أن هذه الشخصيات والمشايخ يلفظها أهالي سيناء ولا يعتبرونها معبرة عنهم بأي شكل من الأشكال. والآتي من الأيام كفيل بالتعبير عن موقف الأهالي مما يجري، حيث إنهم يأملون أن تستكمل هذه التظاهرات طريقها في اتجاه الوصول للحرية التي ينشدها المصريون وأهالي سيناء خصوصاً، وإنهاء حالة الضغط التي يعيشونها منذ عقود وبلغت ذروتها في السنوات الست الأخيرة، وأدت لتحويل حياة المواطنين في سيناء إلى جحيم لا يطاق".
ويدعو الناشط السيناوي مسعد أبو فجر "أهالي سيناء، ومطروح، والنوبة، والأقباط الذين تتفجر كنائسهم بشكل يومي، للانحياز للثورة ضد السيسي، من أجل وقف عمليات التهجير، وكذا التفجيرات، وعدم سقوط مزيد من الضحايا". ويلفت إلى أن "أجهزة المخابرات أبلغت بعض النشطاء في سيناء بأن السلطات كانت قادرة على فض اعتصام رابعة العدوية بخراطيم المياه، إلا أن السيسي كان يبحث عن شرعية الدم". ويتهم أبو فجر "السيسي، ونجله محمود (ضابط في المخابرات العامة)، بالمسؤولية عن انتشار ظاهرة الإرهاب في سيناء، والوقوف وراء بعض الهجمات التي استهدفت قوات الجيش في شمال سيناء، بهدف استمرار عمليات التهجير القسري للأهالي هناك، إرضاءً لأصدقائهما في دولة الاحتلال الإسرائيلي". ويقول أبو فجر، في مقطع فيديو بثه على حسابه عبر موقع "تويتر"، أول من أمس الأحد، إن "ضابطاً في المخابرات الحربية كُلف من السيسي ونجله، بشن هجوم على معسكر الأمن المركزي في منطقة الأحراش برفح في عام 2017، وهو نفسه من يقف وراء هجوم رفح في 2012 بعهد الرئيس الراحل محمد مرسي، والذي راح ضحيته 16 من ضباط وجنود القوات المسلحة".
ويضيف أبو فجر، الذي كان ممثلاً لسيناء في لجنة إعداد دستور 2014، أن "السيسي يستهدف تدمير قيم الدولة بممارسات أقرب إلى أفعال العصابات المنحطة"، مشيراً إلى "وجود مقابر جماعية في مناطق متفرقة بسيناء، لدفن الأهالي الذين جرت تصفيتهم بواسطة قوات الجيش، وامتلاكه بيانات بأسماء وأماكن مجموعة من هذه المقابر". ويكشف أن "السيسي أباد 14 قرية كاملة في شمال سيناء، عن طريق استهدافها بالقصف الجوي لإجبار أهلها على الرحيل عنها، على الرغم من عدم ارتباط تلك القرى بالحدود"، مشيراً إلى أن "قوات الجيش قتلت 14 معتقلاً سيناوياً داخل السجون، والادعاء لاحقاً أنهم قتلوا في اشتباكات ومداهمات مزعومة". ويقول "نحن جميعاً ضحايا للسيسي، وولده محمود، والرئيس الحالي يعمل على محو هوية سيناء المصرية، من أجل عيون صديقيه (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، و(مستشار الرئيس الأميركي وصهره) جاريد كوشنر"، معتبراً أن "السيسي انتهى تماماً، في ظل السقوط الوشيك لنتنياهو، في ضوء نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة".