قتال الأمتار الأخيرة في الموصل: قلق من فرار مقاتلي "داعش"

22 يونيو 2017
قوات عراقية مشاركة في معركة تحرير الموصل(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
أوشكت معركة تحرير الموصل من تنظيم "داعش" أن تضع أوزارها بعد تسعة أشهر من القتال المتواصل في أكبر حملة عسكرية يشهدها العراق منذ احتلاله عام 2003، وبخسائر بشرية ومادية غير مسبوقة.
ويتجمع آلاف الجنود العراقيين تحت مظلة كبيرة لطائرات التحالف الدولي حول جامع النوري أو ما عرف بـ"جامع الخلافة" منذ أن أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي مشروع خلافته الإسلامية على العراق وسورية. وأكدت مصادر عسكرية عراقية في الموصل، في حديث مع "العربي الجديد"، أمس الأربعاء، اقتحام مناطق باب حديد ورأس الجادة والوصول إلى جامع النوري والمنارة الحدباء التي تمثل الرحم الذي ولد منه تنظيم "داعش". ويعني هذا الأمر أن القتال تحول من السيطرة على أحياء سكنية كاملة إلى قتال للسيطرة على شوارع وأزقة داخل آخر بقاع "داعش" في البلدة القديمة. وتبلغ مساحة سيطرة "داعش" حالياً نحو 4 كيلومترات مربعة فقط من أصل 187 كيلومتراً هي مساحة الموصل الكلية. 

وقال قائد الشرطة الاتحادية العراقية، الفريق رائد شاكر جودت، في حديث مع "العربي الجديد"، إن القوات المشتركة تحاصر جامع الخلافة، ومن المرجح بأي وقت إعلان اقتحامه. وأضاف "حالياً على نطاق أقل من 200 متر نحاصر المنارة الحدباء أيضا والتحرك يتم ببطء بين الأزقة والطرقات الضيقة".

ويقدر عدد عناصر تنظيم داعش ما بين 300 إلى 400 مقاتل غالبيتهم من جنسيات عربية وآسيوية محاصرون جميعاً في تلك المنطقة. وبات من السهل الإطباق على المنطقة لولا وجود عشرات الآلاف من المدنيين داخلها، جميعهم من سكان أحياء أخرى مجاورة خسرها التنظيم فأجبر السكان على الانسحاب منه إلى مربعه الأخير.

 

سقوط "المنطقة الخضراء" لـ"داعش"

وقال قائد محور جنوب غرب الموصل، العقيد فاضل محمد السلماني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن القتال اشتد منذ فجر الأربعاء وعناصر "داعش" محاصرون لذا لا يملكون سوى القتال". ولفت إلى أن "البعض يُسمي هذه المنطقة بأنها المنطقة الخضراء بالنسبة لداعش في الموصل، ففيها مقر قيادته ومنها بدأ احتلال المدينة". ووفقاً للسلماني، فإن القتال قد ينتهي في غضون يومين أو ثلاثة لكن ستبقى هناك جيوب كثيرة وخلايا عدة متفرقة تحتاج إلى جهد للقضاء عليها.

بدوره، توقع رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، في كلمة له خلال ندوة عقدت للعشائر العربية في نينوى أمس في أربيل، أن تحسم القوات العراقية خلال الأيام القليلة المقبلة عملية تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم "داعش". ولفت البرزاني إلى أن "طرد التنظيم من الموصل لا يعني القضاء عليه بشكل نهائي"، مشيراً إلى أنه "يوجد مخاوف من مرحلة ما بعد داعش ما لم يتم حسم المشاكل التي أدت إلى ظهور التنظيم".

في غضون ذلك، قالت مصادر عسكرية عراقية إن الخسائر البشرية في صفوف المدنيين زادت ثلاثة أضعاف عن الأسبوع الماضي. وسجل أمس الأربعاء مقتل 54 مدنياً وإصابة عشرات بسبب القصف الجوي والصاروخي وعمليات داعش الانتحارية التي أفرط بها في الساعات الماضية ضد أي تقدم للقوات العراقية بحسب المصادر نفسها، التي أكدت تسجيل خسائر كبيرة أيضاً في صفوف القوات المهاجمة.

40% من مقاتلي داعش قتلوا

وتزداد الأمور تعقيداً مع كشف مسؤول عراقي في بغداد أن تقريراً استخبارياً للقوات العراقية أكد مقتل 40 في المائة من عناصر التنظيم فقط منذ بدء الحملة العسكرية على الموصل، وهو ما يعني وجود نحو 3 آلاف و750 مقاتلا تمكنوا من الانسحاب من الموصل، إذا ما اعتبر أن عدد عناصر "داعش" في المدينة قبل الهجوم يبلغ 6 آلاف مقاتل.

ولفت المسؤول نفسه إلى أنه من الواضح أنهم خططوا للانسحاب مع النازحين أو بدونهم عبر الأنفاق، والسؤال هو أين ذهبوا وما خطوتهم المقبلة بعد خسارتهم الموصل"، على حد وصفه.

المليشيات تستولي على أملاك "داعش"

في موازاة ذلك، بدأت فصائل مليشيات الحشد الشعبي بتقاسم إرث التنظيم في المناطق الحدودية مع سورية، حيث عشرات الأطنان من الأسلحة والذخيرة التي تركها خلفه. وفي السياق، قال الزعيم القبلي، الشيخ حميد عودة الشمري، إن مليشيات الحشد استولت على عشرات الأطنان من الأسلحة والذخيرة والمتفجرات وجدتها في مناطق حدودية بين العراق وسورية بعد انسحاب "داعش" منها. وأوضح الشمري، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه من المرجح أن ينتقل جزء منها إلى قوات الأسد ومقاتلي حزب العمال الكردستاني. ووصف ما يجري بـ"العبث والفوضى"، وبما يؤكد عدم صحة تصريحات الإدارة الأميركية الحالية حول وقف التمدد الإيراني في العراق وسورية.

وأكد الشمري، في اتصال هاتفي معه، أن أشبه ما يكون بعملية تقسيم نفوذ على الحدود وطرد للعوائل العربية السنية من قبائل شمرة وعنزة وعبيد وعكيدات ودليم وشعيطات وغيرهم يتم على يد تلك المليشيات التي أعدمت من رجال القبائل المئات، وسط غياب تغطية لتلك الجرائم بسبب بُعد المناطق عن وسائل الإعلام.