الرئيس التونسي يلتقي أمير قطر بقصر قرطاج: العلاقات الثنائية وأزمة ليبيا

24 فبراير 2020
الزيارة الثالثة لتونس في ثلاث سنوات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
وصل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الإثنين، إلى تونس في زيارة رسمية تتواصل على مدى يومين، بدعوة من الرئيس التونسي قيس سعيد.

واستقبل سعيد أمير قطر في مطار قرطاج الدولي، على أن يزور بعدها الجزائر، ثالث محطات جولته العربية التي بدأها، الأحد، بزيارة الأردن.

وعقد الجانبان مباحثات تطرقت إلى علاقات الأخوة والتعاون التي تجمع البلدين وآفاق دعمها وتطويرها، إلى جانب تبادل الرأي حول المسائل ذات الاهتمام المشترك عربياً ودولياً.

وأكدّ الرئيس التونسي قيس سعيد أنه تم التطرق إلى عدد من القضايا الدولية والداخلية، مبيناً أن القضية الليبية "كانت في طليعة المباحثات وتم التأكيد على أن الحل يجب أن يكون ليبياً ليبياً، وأن يتم جمع القبائل الليبية مجدداً لأن لديهم مشروعية، ما يمهد لشرعية انتخابية دون أي تدخل خارجي لتعود السيادة للشعب الليبي لكي يختار حكامه"، مضيفاً أن الحل "لن يكون من الخارج بل من الليبيين أنفسهم".

وبين سعيد أن "عدداً من زعماء القبائل عبروا عن استعدادهم للاجتماع مجدداً في تونس بعد أن كان اللقاء الأول منقوصاً"، مضيفاً أن "الحل حتى لو كان منقوصاً فإنه أفضل من الاقتتال والانقسام، وتونس من أكثر الدول تضرراً بالوضع في ليبيا وهناك تمسك بالشرعية الدولية ولكنها ليست أبدية إذ لا بد من شرعية ليبية".

وأضاف أن القضية الفلسطينية "ستظل في طليعة الاهتمامات وقائمة طالما أن الشعب الفلسطيني يتعرض إلى مظلمة لأكثر من قرنين"، مضيفاً أن فلسطين "ليست ضيعة أو بستاناً وستبقى أرض الفلسطينيين، وأنه رغم الاحتكام للمشروعية الدولية رغم محدوديتها إلا أن عاصمة فلسطين هي القدس الشريف".

وأفاد سعيد بأنه "تم التطرق إلى العلاقات الثنائية، وتونس دولة كل التونسيين ولا مجال للبحث عن تحالف دون آخر، فالتونسيون أشقاء مع قطر وأصدقاء مع كل من صادقهم وهناك ثبات على المبادئ"، مؤكداً أنه "لا مجال للبحث عن المتناقضات ومن يفعل ذلك فهو مخطئ في العنوان".

من جانبه، قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمة ألقاها بقصر قرطاج أنّه سعيد بتواجده في تونس وتباحث مع الرئيس التونسي والمسؤولين التونسيين حول كيفية تطوير العلاقات المتميزة بين البلدين، مضيفاً أن "هناك علاقات قوية في كل المجالات، وهناك توافق كبير مع الأشقاء في تونس فيما يخص العلاقات العربية وبقية القضايا".

وأضاف أمير قطر أنّ العلاقات الثنائية قوية وهناك تطور في العلاقات وسيتم التطلع لزيارة الرئيس التونسي لقطر.

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية والدبلوماسي السابق، أحمد ونيس في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن قطر "لديها سياسة خارجية متميزة وقدرات أثبتتها في العديد من المناسبات"، لافتاً إلى أن "قطر سبق وأن تعاونت مع تونس في العديد من المناسبات وفي ذاكرة التونسيين عديد الاتفاقيات الثنائية ومجالات للتعاون المثمر".

وأضاف "الملف الليبي يبقى من الأولويات في المنطقة خاصة وأن هناك مخاوف من تواصل الحرب في ليبيا أمام طول فترة الحرب"، مشيراً إلى أنه "يمكن لقطر التدخل على أساس مبادئ مشتركة والدفع نحو التفاهم الوطني في ليبيا من منطلق ليبي ليبي".

وأشار إلى أنه "توجد جالية تونسية هامة في قطر وتشتغل في عديد المجالات بعد أن وجدوا مناخاً رحباً، وهذا بفضل العلاقات التونسية القطرية المتميزة".


الزيارة الثالثة و"رسالة مهمة"

وكان سامي السعيدي، سفير تونس لدى دولة قطر، قد أكد أن الزيارة هي الثالثة لتونس في غضون ثلاث سنوات، وهي "رسالة مهمة تعكس وقوف دولة قطر الدائم إلى جانب تونس، ودعمها لها، كما تؤكد على أهمية العلاقات الثنائية، وحرص البلدين على توطيدها بشكل مستمر، وتعزيز كل مجالات التعاون، سواء على الجانب السياسي أو الاقتصادي".

وأوضح السعيدي، في مؤتمر صحافي، أن الزيارة "ستكون فرصة للتشاور والتباحث والتنسيق في العديد من القضايا الإقليمية، خاصة بالنظر للدور الهام الذي تضطلع به قطر على الساحتين الإقليمية والدولية، بفضل دبلوماسيتها الناعمة النشطة، وجهود الوساطة التي تبذلها في العديد من النزاعات، إلى جانب المسؤولية المناطة بعهدة تونس باعتبارها العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن الدولي، لذلك ينتظر أن يشهد نسق التشاور زخماً أكبر لخدمة القضايا العادلة، والسعي لإيجاد حلول للنزاعات الإقليمية التي تمزق كيان الأمة العربية".

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي منذر بالضيافي، لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق اليوم إن "الزيارة هامة لعدة أسباب، وخاصة أنها أول زيارة رسمية يؤديها أمير قطر إلى تونس في فترة الرئيس المنتخب قيس سعيد، وتعتبر ثاني زيارة بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان"، مضيفاً أنها "تأتي بدعوة من الرئيس التونسي، وفي إطار جولة عربية تعبر عن العلاقة المتينة بين البلدين، والدعم الكبير الذي ما فتئت تقدمه دولة قطر لتونس ما بعد الثورة، وهو دعم إيجابي، خاصة على المستوى الاقتصادي".

وذكر أنه "رغم سياسة المحاور التي برزت في المنطقة العربية، إلا أن تونس حافظت على علاقات متوازنة مع كل الدول، وخاصة مع قطر"، مشيراً إلى أنه يتوقع أن "تبحث الزيارة مسائل جيوستراتيجية، منها الملف الليبي، الذي يحظى باهتمام كبير من البلدين"، مؤكداً أنّ "الوفد المرافق لأمير قطر يضم شخصيات رفيعة المستوى، إلى جانب وزير الخارجية القطري، لمزيد من التنسيق الدولي على مستوى السياسة الخارجية، فضلاً عن البعد الاقتصادي، إذ يحضر وزير المالية القطري، حيث يتوقع أن تواصل قطر دعم تونس في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد التونسي، إما في شكل ودائع أو مشاريع مستقبلية".

كما اعتبر النائب مختار اللموشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق أن العلاقات بين تونس وقطر "ليست حديثة العهد، ولطالما تميزت بالتعاون". 

وذكر أن "قطر ساندت الثورة التونسية، عكس بعض الدول التي أرادت عرقلتها، وكثفت دعمها السياسي لها، إضافة إلى الدعم الاقتصادي".


وبين أن "قطر تُعد من المستثمرين الكبار في تونس، وشريكاً اقتصادياً متميزاً، علاوة على انفتاحها على مستوى المشاريع والاستثمارات الخارجية، وهو ما يمكن لتونس الاستفادة منه وتوجيهه نحو مشاريع في الداخل، وفي المناطق المحرومة"، مثمناً عدم تأثر العلاقة بين البلدين بمختلف التجاذبات. 

وشدد اللموشي على أهمية التعاون الثنائي بين البلدين، وأهمية زيارة أمير دولة قطر لتونس "في فترة تستعد فيها البلاد للانتقال الاقتصادي، وتخفيف الاحتقان الاجتماعي"، مشيراً إلى "تعدد الملفات المطروحة للنظر في هذا السياق، ومن بينها استقطاب قطر للكفاءات واليد العاملة المختصة".

وتضاعفت الصادرات القطرية إلى تونس خلال الفترة من 2011 إلى 2019 ست مرات، بينما تضاعفت الصادرات التونسية إلى قطر خلال الفترة نفسها 10 مرات.

وتعتبر قطر من أهم شركاء تونس الدوليين في المجال المالي والاستثماري، حيث بلغ حجم الاستثمار القطري في تونس في 2018 حوالي 4 مليارات ريال قطري، ويجمع بين البلدين حوالي 100 اتفاق تغطي مختلف المجالات.

ويبلغ عدد أفراد الجالية التونسية في قطر حالياً أكثر من 30 ألفاً، بعد أن كان الرقم لا يتجاوز 10 آلاف عام 2012.

المساهمون