وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها في لندن وواشنطن، إن جونسون تحدث مع ترامب الأسبوع الماضي مباشرة بعد اتخاذه القرار بالعمل مع "هواوي"، والذي كان قد اتخذه رغم المعارضة الأميركية الشديدة للعمل مع الشركة الصينية على أسس تتعلق بالأمن القومي.
وبخلاف التصريحات العلنية، كانت النقاشات خلف الستار، كما تقول الصحيفة، "حادة جداً"، وتنقل عن مصادرها أن المكالمة بين جونسون وترامب "كانت صعبة جداً، وكان فيها ترامب شديد الغضب على جونسون". وأكدت "فايننشال تايمز" أن الجانب البريطاني أكد صدمته من حدة اللهجة التي استخدمها ترامب مع جونسون.
وعلى الرغم من أن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس كان قد قال إن الولايات المتحدة قد أعربت عن موقفها "بوضوح شديد لبريطانيا"، إلا أن مدى غضب ترامب لم يكشف حتى ليلة أمس.
وكان الجانب البريطاني قد عبر عن أسفه لعدم قدرة الولايات المتحدة على توفير بديل لمعدات الجيل الخامس، وهو ما أعرب عنه بيان لرئاسة الوزراء، حيث قال الثلاثاء الماضي: "يؤكد رئيس الوزراء على الدول ذات التفكير المتماثل ضرورة تنويع السوق وكسر احتكار وهيمنة أعداد قليلة من الشركات". وكان الموقف العلني بعد ذلك تعاون لندن وواشنطن حول التخفيض من الاعتماد على "هواوي" في بريطانيا.
وكان وليام بار، المدعي العام الأميركي، قد دعا الخميس الولايات المتحدة إلى شراء حصة سيادية في "إركسون" أو "نوكيا" لبناء منافس دولي لـ"هواوي". وأضاف: "نستطيع بكل بساطة الطلب من أصدقائنا وحلفائنا عدم العمل مع "هواوي"، ولكن لمن تعود البنية التحتية التي يقدمونها؟".
ويضيف الخلاف حول "هواوي" بعداً آخر للتوتر بين ضفتي الأطلسي، فترامب يعارض ضريبة الخدمات الرقمية التي تتجه بريطانيا لفرضها على عمالقة التكنولوجيا الأميركية، بينما يهدد عدد من مسؤولي إدارة ترامب بإجراءات عقابية، كما تعد الصفقة النووية الإيرانية نقطة خلافية أخرى.
وكان المسؤولون الأميركيون قد حاولوا دفع لندن للعدول عن رأيها فيما يتعلق بـ"هواوي".
وتنقل "فايننشال تايمز" عن محللين قولهم إن رأي ترامب في المسألة لم يكن واضحاً حتى المكالمة التي دارت بينه وبين جونسون.
وكان ترامب قد وصف "هواوي" سابقاً بأنها "خطيرة جداً" رغم أن واشنطن كانت أقرت التعامل مع الشركة في إطار محدود في وقت متأخر من العام الماضي.
ونقلت الصحيفة عن توماس رايت، الخبير في العلاقات الأوروبية الأميركية في معهد بروكينغز، قوله إن "فورة غضب ترامب تعبر عن اعتباره قرار جونسون إهانة شخصية"، وأن العلاقة بين البلدين "أكثر اضطراباً مما يظهر على العلن".
وأضاف رايت، أن أهمية المكالمة بالنسبة لي أنها تكشف غضب ترامب الشديد، وأنه لن ينسى ذلك، وسيكون لذلك تبعات، إن لم تكن على "مجموعة العيون الخمس" (في إشارة إلى تحالف مخابراتي يشمل كلا من الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كندا، أستراليا ونيوزيلندا)، ستكون على المحادثات التجارية"، كما أن المكالمة تكشف عن حجم الصعوبات التي سيواجهها جونسون في مسعاه لإبرام اتفاق تجاري مع واشنطن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من أشدّ المعارضين للتعاقد مع "هواوي"، حيث وصفها بذراع للحزب الشيوعي الصيني.
وطالب بومبيو جونسون سابقاً بإعادة النظر في العلاقة بالعملاق الصيني، واتهم المحافظين بـ"التخلي عن إرث مارغرت ثاتشر". ولكن بعد زيارته للندن نهاية الأسبوع الماضي بعيد المكالمة بين جونسون وترامب، كان بومبيو حريصاً على الإيحاء بضرورة المضي قدماً. وقال حينها "إني واثق من قدرتنا على تطبيق هذا القرار والعمل سوية على صوابه"، مشددا على أن القرار يتعلق بالسيادة البريطانية، ولكنه أقر بأن الولايات المتحدة تعارضه وتريد ضمان أمن بياناتها. وأضاف "الأصدقاء الحميمون لا يتفقون دائماً على كل شيء".