ميركل- ترامب: لقاء الود المفقود

19 مارس 2017
ترامب حاول إحراج ميركل (بريندن سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -

خرج اللقاء الذي جمع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي في واشنطن، عن المألوف في اللقاءات بين قادة الدول الكبيرة، إذ وصف بـ"الفاتر"، وأراد من خلاله ترامب أن يثبت لميركل وأوروبا أنه ماض في سياساته، وأن شعار "أميركا أولا" مازال ساريا. 

وفي السياق، قال خبراء في الشأن الألماني إن "لغة جسد وتصرفات الرئيس ترامب فضحت ما يدور في خاطره، وأثبتت مرة جديدة غياب الود والدفء في العلاقة بين الزعيمين، على عكس ما كان قائما مع الرئيس السابق باراك أوباما"، مستحضرين ما قام به ترامب، إذ تجاهل وجود المستشارة إلى جانبه، وبقي محدقا أمامه، الأمر الذي أدهشها ووضعها في حيرة من أمرها بعدما لم يتجاوب مع طلب الصحفيين لمصافحة ضيفته أمام عدسات الكاميرات.

ووصفت صحيفة "بيلد" الألمانية ما جرى بـ"الموقف السخيف"، وكتبت أنه "للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، الملايين من الأميركيين يحبون رئيس الحكومة الألمانية، وبشكل واضح، أكثر من رئيسهم نفسه"، ونقلت أسئلة يطرحها كثيرون، من قبيل: "هل حاول ترامب أن يثبت أنه "كبير المقام" مثل ميركل، أم سعى إلى التقليل من قدرها، أم أنه الحسد والطموح فيما وصفت "دير شبيغل" المشهد بـ"الغريب".

 

إلى ذلك، لفت خبراء إلى ما حاول ترامب تمريره بخصوص موضوع "التنصت الذي يجمع الزعيمين"، في إشارة إلى ما راج عن تنصت وكالة الأمن القومي الأميركية، خلال ولاية الرئيس أوباما، على ميركل، قبل أن يتبعها بضحكة متقطعة، فيما بدت المستشارة الألمانية مرتبكة وتلملم أوراقها، بحيث لم تستطع التفاعل مع ترامب.

واعتبر الخبراء أن ميركل أبدت حنكتها ودبلوماسيتها المعهودة في مثل هذه المواقف، عندما قالت إن "الكثير من الأشخاص يدخلون عالم السياسة من دون تاريخ سياسي، وبطرق مختلفة، وهذا أمر جيد ويحقق التنوع"، معترفة أنه "في بعض الأحيان يكون من الصعب التفاهم"، لكنها اعتبرت أن ذلك "أمر طبيعي"

وشدد المحللون الألمان على أن الرئيس ترامب حاول إفهام المستشارة وفريقها أن الملفات الخلافية، وأهمها الالتزامات المالية لحلف شمال الأطلسي والتجارة الحرة، أساس لتصويب أي علاقة بين الجانبين، والدليل أن الرئيس الأميركي استعجل الأمر وغرد على "تويتر" قائلا إن "ألمانيا تدين لمنظمة حلف شمال الأطلسي بمبالغ كبيرة"، على الرغم من شكره لميركل التزام ألمانيا بزيادة مساهمتها في حلف الأطلسي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

إلى ذلك، رد السفير الأميركي السابق في حلف الأطلسي، إيفو دالدر، على "تويتر" قائلا: "عذرا سيدي الرئيس، بهذه الطريقة لا يمكن لحلف شمال الأطلسي أن يعمل. الولايات المتحدة تقرر لنفسها لأي مدى تساهم في حلف شمال الأطلسي. هذه ليست صفقة مالية حيث تدفع دول الحلف والولايات المتحدة للدفاع عنهم، بل هو جزء من التزام بمعاهدة".

وتساءل دالدر: "أي أموال ستدفع إلى الولايات المتحدة وهي تهدف إلى زيادة القدرات الدفاعية الشاملة لحلف الأطلسي بالنظر إلى التهديد الروسي المتزايد مضيفا أنه "على أوروبا أن تدفع أكثر على الدفاع ليس لصالح الولايات المتحدة، لكن لأمنها الذي يتطلب ذلك"

وكانت مطالبات ترامب ومسؤولين أميركيين آخرين محل انتقاد من رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، الذي اعتبر أن "تلك التصرفات تنفر أوروبا من الولايات المتحدة الأميركية"، في حين انتقدت زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب "الخضر"، كاترين غارينغ أكارد، في حديث لمجموعة "فونكه" الإعلامية، المستشارة ميركل لالتزامها لترامب بزيادة الإنفاق العسكري على حساب التعاون الدولي والعدالة الاجتماعية، مشددة على أن "هذه إشارة مقلقة"

ولفتت أكارد أيضا إلى أنه "ما يستعصي فهمه الحشد العسكري الأميركي في ألمانيا، إذ يتواجد 35 ألف عسكري حتى نهاية العام 2016، وفقا لأرقام وزارة الدفاع الأميركية، منذ ما يقارب الثلاثة عقود داخل قواعد جوية في رامشتاين وسبانغ داليم في ولاية راينلاند بفالز أو في المقر الأوروبي للجيش الأميركي في فيسبادن، عدا عن الموظفين المدنيين".

إلى ذلك، أكد معلقون ألمان أنه على "ألمانيا أن تترك حلف شمال الأطلسي، لأن لا الولايات المتحدة ولا تركيا شريكان جديران بالثقة"، فيما لفت مراقبون آخرون إلى أن "أداء ميركل في هذا الملف لم يكن مهنيا، لأن هذا النوع من التضامن يشجع على الحرب، ويجب استغلال المال لمساعدة الدول الفقيرة وحماية البيئة والتأمين الصحي".    






المساهمون