تعثرت عودة الحكومة اليمنية إلى مدينة عدن، جراء رفض المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً؛ في فشل جديد للسعودية التي تولت مقاليد الأمور العسكرية بالعاصمة المؤقتة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال مصدر حكومي، لـ"العربي الجديد"، إن الرياض فشلت في إقناع الانفصاليين الموالين للإمارات، بالسماح بعودة الحكومة الشرعية، التي كانت مقررة مساء اليوم الخميس.
وأشار المصدر إلى أن رئيس الحكومة معين عبد الملك، وعدد من أعضاء مجلس الوزراء، تمت إعادتهم من مطار الرياض إلى مقر إقامتهم المؤقت في العاصمة السعودية، بعد فشل كافة الجهود التي استمرت لأكثر من ساعتين لثني الانتقالي الجنوبي عن موقفه.
وفي أول تعليق رسمي لها على الحادثة، حمّلت الحكومة اليمنية الشرعية المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً مسؤولية عرقلة عودتها إلى عدن، ووصفت ذلك بأنه "تصرف يفتقر للمسؤولية" في التعامل مع جهود تطبيق اتفاق الرياض ومواجهة الآثار الكارثية للسيول.
وأكدت الحكومة، في بيان نشرته وكالة "سبأ" الرسمية، أن هذا التصرف يتجاهل الأوضاع الصعبة للمواطنين الذين يقاسون صنوف المعاناة وتدنى مستوى الخدمات منذ أحداث أغسطس/آب، والتي فاقمتها كارثة السيول غير المسبوقة في العاصمة المؤقتة عدن أخيراً.
وذكر البيان أن "آثار إعاقة عودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن لا تتوقف عند الإصرار على إفشال الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة والسعودية لتحقيق انفراج في تنفيذ اتفاق الرياض، ولا عند الاستمرار في تعطيل مؤسسات الدولة عن القيام بمسؤولياتها وواجباتها، بل تتجاوز ذلك إلى التسبب في مفاقمة الكارثة التي ضربت العاصمة المؤقتة عدن وحاصرت أبناءها، في وقت تحتاج فيه عدن وأبناؤها لتكاتف كل الجهود".
وأضاف البيان أن "الحكومة إذ تصدر هذا التوضيح للرأي العام المحلي والعالمي، فإنها تحمل المجلس الانتقالي مسؤولية هذا التصرف غير المسؤول وتبعاته أمام أبناء عدن والشعب اليمني عامة".
وعلى الجانب الآخر، شن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، هجوماً على الحكومة اليمنية في بيان معتبراً أنها "فاقدة للشرعية"، وطالب بتطبيق الشق السياسي من اتفاق الرياض ومنحه حقائب وزارية في حكومة مناصفة بين محافظات شمال اليمن وجنوبه.
وساق المجلس الانتقالي عدداً من المبررات التي جعلته يمنع الحكومة الشرعية من العودة إلى عدن للإشراف على أعمال الإغاثة نتيجة الفيضانات التي ضربتها الثلاثاء الماضي وأسفرت عن مصرع 10 أشخاص وتدمير نحو 100 منزل بشكلي كلي وجزئي.
وقال المجلس في بيانه إن "اتفاق الرياض ينص على عودة رئيس الحكومة فقط ولأهداف ومهام حددها الاتفاق بوضوح، وهو ما لم تلتزم به الشرعية، حيث عاد العديد من الوزراء ووكلاء الوزارات والمسؤولين المرتبطين بالتسبب في أحداث أغسطس 2019".
وربط المجلس الانتقالي الجنوبي، إمكانية السماح بعودة الحكومة إلى عدن بعودة القيادات الانفصالية من أعضاء هيئة الرئاسة التابعة له ومدير أمن عدن. واتهم المجلس الحكومات المتعاقبة بممارسة "سياسة العقاب الجماعي الممنهج ضد الجنوبيين طيلة السنوات الثلاث الماضية، وعلى رأسها التجويع والإقصاء، مع غياب كامل لبرامج الإغاثة والتنمية وإعادة الإعمار".
كما اتهم الانتقالي الشرعية بـ"نهب موارد البلاد والمال العام" وعدم توفير الخدمات وصرف المرتبات والأجور وبعدم الاكتراث بخصوص مواجهة وباء كورونا والتقصير بتوفير مركز حجر صحي أو معدات وأجهزة لمواجهة خطر الوباء، بالإضافة إلى "التخاذل الواضح" في التعامل مع الكارثة الطبيعية الأخيرة في عدن وتبعاتها، واستهتارها بحياة وكرامة المواطنين، بحسب المجلس.
ومع فشل المساعي السعودية مع قيادات الانتقالي المقيمة في أبوظبي، انتشرت قوات انفصالية في محيط مطار عدن الدولي، وهددت بعدم السماح لأي طائرة بالهبوط فيه.
وبالتزامن، أطلق نشاط انفصاليون حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، ترفض عودة ما وصفوها بـ"حكومة الفساد"، في إشارة إلى الحكومة الشرعية.
وزعمت الحملة أن رئيس الوزراء كان يريد اصطحاب وزراء وطاقم ينتمي إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، ومنهم المتحدث الرسمي باسم الحكومة، راجح بادي، ووزير الدولة لشؤون مخرجات الحوار الوطني، ياسر الرعيني، إلا أن المصدر الحكومي نفى لـ"العربي الجديد"، صحة تلك المزاعم.
وكان مصدر حكومي قد كشف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، فجر الخميس، أن رئيس الحكومة سيعود إلى عدن برفقة عدد محدود من الوزراء المقيمين في الرياض، وذلك بتوجيهات رئاسية، للوقوف عن قرب على كارثة الفيضانات التي أسفرت عن مصرع 10 أشخاص وجرف المئات من السيارات.
وغادر رئيس الحكومة الشرعية عدن في 12 فبراير/شباط الماضي، مع تصاعد حدة التوتر مع الانفصاليين جراء تعثر تنفيذ بنود اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الجانبين مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.