في هذه الأثناء، أعلن تحالف "البناء"، الذي يضم ائتلافي "دولة القانون" (بزعامة نوري المالكي) و"الفتح" (الذي يمثل الحشد الشعبي) أنه قدم مرشحه لمنصب رئيس الحكومة. وبعد اجتماع له أمس السبت دام ساعات عدة وضمّ قياداته البارزة، دعا التحالف رئيس الجمهورية إلى التزام المهلة الدستورية، وأن يكلف مرشح "الكتلة الأكبر" تشكيل الحكومة، مؤكداً أنه الممثل لهذه الكتلة، في إشارة إلى أحقيته في تسمية رئيسٍ للوزراء
ومن المقرر أن تنتهي المهلة الدستورية لاختيار رئيس للحكومة للعراق مع نهاية دوام العمل الرسمي في البلاد عند الساعة الثالثة عصراً اليوم الأحد. وإذا لم يحصل أي ترشيح رسمي من قبل رئاسة الجمهورية إلى البرلمان، فإن العراق قد يكون دخل فترة فراغ دستوري يختلف الخبراء القانونيون حتى الآن في تفسير تبعاته. ويعود السبب وراء هذا الاختلاف إلى ضبابية مواد الدستور، وإمكانية حمل الكثير من نصوصه ومصطلحاته أكثر من تفسير وتأويل، فيما يتضح أن أي عقوباتٍ لن تترتب على أي من أطراف الأزمة في إطار تبعات الفراغ.
وفيما يؤكد خبراء قانونيون حقّ الرئيس العراقي في تولي رئاسة الحكومة مؤقتاً بعد مرور 15 يوماً من انتهاء المهلة الدستورية، يتحدث آخرون عن أن المقصود بذلك إمكانية حدوثه في حال وفاة رئيس الوزراء أو مرضه أو اختفائه. أما في حال وجود الأخير، فتنتفي الحاجة لمثل إجراء كهذا. ويستمر عادل عبد المهدي برئاسة حكومة تصريف الأعمال، وهو سيناريو يعتبره مراقبون مطروحاً في حال فشل التوصل إلى اتفاق، بمعنى أن العراق سيبقى يُدار من حكومة تصريف الأعمال لغاية إنجاز قانون الانتخابات التشريعية، وتهيئة الظروف اللازمة لإجرائها، حتى لو كان ذلك سيتطلب عاماً كاملاً
ومن المنتظر أن تردّ المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأحد، على الاستفسار العاجل الذي قدمه برهم صالح حول "الكتلة الأكبر" في البرلمان، ودستورية تكليفه مرشحاً من خارجها، بالاعتماد على التخويل السابق الموقَّع من 174 نائباً للرئيس العراقي، ويتضمن منحه حرية تسمية مرشح مستقل من خارج إطار الكتل والأحزاب البرلمانية.
ووفقاً لمصادر عراقية رفيعة في قصر السلام، مقر إقامة الرئيس العراقي في المنطقة الخضراء وسط بغداد، فإن الأخير يتعرض لحملة ضغوطٍ إيرانية غير مسبوقة، لتمرير مرشح الكتل المنضوية ضمن تحالف "البناء"، قصي السهيل، لرئاسة الحكومة، الذي قدمه كلٌّ من العامري والمالكي، ويحظى بدعم قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. ونجح القيادي في "حزب الله" اللبناني، المكلف الملف العراقي، محمد كوثراني، خلال الساعات الماضية، بإقناع قوى سنية عدة، بالمضي في هذا الخيار، منها تحالف القوى الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان محمد الحلبوسيفي المقابل، وبحسب مسؤولٍ في ديوان الرئاسة العراقية تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن المرجعية الدينية في النجف تتحفظ على اسم السهيل، وكذلك "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، بالإضافة إلى الشارع المتظاهر، ما دفع صالح إلى رفض الخروج به للشارع كمرشحٍ من قبله. لكن المسؤول نفسه أقرّ بأن الضغوط، الإيرانية على وجه التحديد، قد تتمكن من تغيير المعادلة خلال الساعات الباقية
والسهيل هو أحد أعضاء ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، ويوصف بأنه كان ساعده الأيمن في حكومة الأخير الثانية بين العامين 2010 و2014، وشغل منصب وزير التعليم في الحكومة المستقيلة أخيراً ضمن حصة حزب "الدعوة".
وقال النائب عن تحالف "الفتح"، حنين قدو، لـ"العربي الجديد"، إن "مرشح رئاسة الوزراء ستطرحه القوى السياسية، فالأمور تجري بهذا الاتجاه، على أن يحصل الرئيس برهم صالح خلال الساعات المقبلة على الإجابة من المحكمة الاتحادية بشأن الكتلة الأكبر، وصلاحياته بقضية تكليف رئيس الوزراء".
من جهته، رأى رئيس كتلة "بيارق الخير" البرلمانية، النائب محمد الخالدي، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "رئيس الجمهورية، سيحسم (الأحد) اختياره شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة، إذ لا خيار آخر أمامه، فلا يمكنه خرق المهلة الدستورية"، متوقعاً أن يطرح الرئيس اسم محمد علاوي، الذي قدم ترشيحَه نوابٌ من كتل سياسية مختلفة، ونال تأييداً من أغلبية النواب"، بحسب قوله. ويعتبر الخالدي أن "ضغط الشارع سيكون أكبر وأقوى من الضغوط السياسية والخارجية، ولهذا سيمضي صالح بتكليف هذه الشخصية".
أما "التيار الصدري"، فرأى على لسان القيادي فيه، حاكم الزاملي، أنه "إلى الآن، لا يزال رئيس الجمهورية متردداً في قضية تكليف شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة، إذ إن الكتل السياسية تواصل تمسكها بالترشيحات الحزبية، التي يواصل الشارع العراقي رفضها". وأشار الزاملي في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "أغلب المرشحين الذين طرحت أسماؤهم تلاحقهم ملفات فساد، وقد يكونون أسوأ من رؤساء الحكومات السابقين، ما يعني أن طرح أي واحدٍ منهم سيواجَه بالرفض الشعبي القاطع، وبتصعيد وتيرة الاحتجاجات، وهو ما يفسر تردد رئاسة الجمهورية".
من جهته، لم يستبعد المحلل السياسي العراقي محمد التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "يحصل خرق المهلة الدستورية مجدداً اليوم، من قبل رئيس الجمهورية والقوى السياسية" على غرار ما كان يجري سابقاً في حالات عدة. واعتبر أنّ "ما يؤخر إعلان التكليف هو الاتفاق السياسي، الذي إن لم يتم، فلا تكليف حتى بعد انتهاء المهلة الدستورية". ورأى التميمي أن صالح قدم استفساره للمحكمة الاتحادية "من أجل تخفيف الضغوط عنه، ولذلك فقد مدّد المهلة، سعياً لإشراك لاعبٍ مؤثر معه لدى اتخاذه أيّ قرار، وهو المحكمة الاتحادية".