حفتر يغازل مصراته بعد فشله في إطلاق "ساعة الصفر"

14 ديسمبر 2019
خطة حفتر تفشل رغم التهليل (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
بعد إعلان اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، مساء الخميس بدء "ساعة الصفر" للهجوم على العاصمة الليبية طرابلس، وفي ظل الهجوم العكسي الذي نفذته قوات الجيش بقيادة الحكومة على عدة مواقع وتمركزات لقواته، خرج الأخير ببيان يغازل فيه مصراته، المدينة التي يشكل مقاتلوها العمود الفقري لقوات الجيش التي أفشلت سعيه للسيطرة على طرابلس على مدى تسعة أشهر.


وطالب حفتر، في بيان نشرته قيادة قواته هذا الصباح، بـ"عدم الزج بمدينة مصراته التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لليبيا بأتون معركة الكرامة"، مطالبا أهلها بتأييده وعدم قبول ما أسماه "تخزين الذخائر قرب أحيائه السكنية". وأبدى حرصا على سلامة وحياة المدنيين وصل إلى حد مطالبته لـ"قادة الجماعات المسلحة بإخراج هذه الذخائر الخطرة بعيداً عن تواجد السكان المدنيين المسالمين"، رغم اعتراف قائد طائرة حربية تابعة لقواته أسقطت جنوب مدينة الزاوية، السبت الماضي، بمسؤولية طيران حفتر عن قصف أحياء مدنية في طرابلس، ومن بينها "استهداف منزل بمنطقة الفرناج راح ضحيته ثلاث شقيقات"، بحسب الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب" على "فيسبوك" التي نشرت، ليل البارحة اعترافات الطيار الأسير.
وفيما تبدو محاولة لتبرير فشله في إطلاق "ساعة الصفر" اتهم حفتر تركيا بـ"شحن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمدرعات والمعدات العسكرية المتنوعة من عدة منافذ تركية بحرية وجوية إلى المنافذ البحرية والجوية التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق".

وأضاف أن "هذا الدعم التركي جاء تنفيذاً لالتزام تركيا في الاتفاق المبرم في السابع والعشرين من شهر نوفمبر الماضي، بتقديم دعم عسكري كبير ونوعي لتشكيلات حكومة الوفاق، مقابل شرط توقيعها على اتفاقية الحدود البحرية التي تنازلت بموجبها حكومة الوفاق عن مصالح الشعب الليبي ومصالح دول منطقة شرق البحر المتوسط".
وفيما لا تزال وسائل إعلام حفتر تعلن عن التقدم في كافة المحاور باتجاه قلب العاصمة طرابلس، إلا أنها لم تستطع تحديد المواقع التي تقدمت فيها باستثناء السيطرة على الطريق الرئيسي بمنطقة الساعدية وأحياء من منطقة التوغار، وكلاهما يفصلهما عن قلب العاصمة أكثر من 30 كم. إلا أنها لم ترد كعادتها على بيانات عملية "بركان الغضب"، التي أكدت أنها سيطرت على منطقة الطويشة، واستعادت الأجزاء التي تقدمت فيها مليشيات حفتر بمنطقة الساعدية، وتدك مدفعيتها مواقع حفتر في قصر بن غشير وسوق السبت، وهي مواقع تقع أقصى جنوب العاصمة.
ويعلق الخبير الأمني الليبي، الصيد عبد الحفيظ، على هذه التطورات بالقول إن "التقدم في طريق داخل الساعدية والسيطرة على بعض البيوت في التوغار لا يستلزم ساعة صفر وخروجا إعلاميا مدويا تغطيه وسائل إعلام دولية ومحلية بهذا الشكل"، مؤكدا أن "حفتر كانت لديه خطط تتعلق بانتفاضة خلايا نائمة مسلحة موالية له من داخل العاصمة، لكنها فشلت كما فشلت كل محاولاته".
وفي وقت سابق، أكد مصدر أمني من طرابلس، لـ"العربي الجديد"، ورود معلومات عن خطط تعتزم قيادة قوات حفتر العمل عليها ضمن هجوم مسلح جديد يعتمد على تحريك خلايا نائمة داخل العاصمة تظهر وجود انتفاضة داخلية بطرابلس.

كما كشف برلماني مقرب من قيادة حفتر، مفضلًا عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عزم الأخير على تنفيذ خطط من شأنها تأليب خلايا نائمة بالمدن التي تسيطر عليها الحكومة، مشيراً إلى أن حفتر يريد إيهام الرأي العام بأن عمليته العسكرية وصلت إلى مراحلها الأخيرة.
وقال البرلماني إن "حفتر في وضع عسكري وسياسي حرج ولا يمكنه التراجع"، مؤكداً أنه "ينفذ عملية انتحارية، فإما أن ينتصر ويسيطر على طرابلس، أو أن ينتهي سياسياً وعسكرياً".
وهو التوصيف ذاته الذي ورد على لسان قادة حكومة الوفاق، ومن بينهم رئيسها فايز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا، اللذان أكدا أن إقدام حفتر على أي تقدم هو "عملية انتحارية".
وفيما يرى الخبير الأمني، الصيد عبد الحفيظ، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "حفتر انتهى عسكريا"، يعتقد أن بيانه الجديد حول مصراته هو محاولة منه لمغازلتها، و"اعتراف ضمني بأنها القوة الأكبر التي تمكنت من إيقاظه من أحلامه الواهمة".
وأضاف أن "قوات الجيش نجحت في إثبات قوتها ويعترف بهذا أي عارف بشؤون الميدان، فأن تحقق تقدمات في وقت كانت فيه قوات العدو في أعلى جهوزيتها بإعلان ساعة صفر هو مؤشر واضح على ضعف العدو وقوة من يقابله"، مؤكدا أن قوات حفتر "فقدت عامل المبادرة على الأرض، ويحاول نقل المتابع واهتمام الرأي العام إلى مناطق أخرى كمصراته والصراخ والعويل والتحذير من خطر السلاح التركي".
وحول هذه المزاعم الأخيرة، يقول الباحث الليبي في الشؤون الدولية، مصطفى البرق، إن تركيا وحكومة الوفاق ليستا بحاجة لتهريب السلاح، في وقت يمتلكان اتفاقا موقعا بشكل قانوني ومعلن أمام الرأي العام الدولي والمحلي، معتقدا بأن "بيان حفتر هو للتغطية على فضيحته السياسية والعسكرية أمام الجميع".
ويقول البرق لـ"العربي الجديد إن "الحراك الدولي يشير إلى تجاوز حفتر بشكل واضح، فحتى فرنسا التي كانت تقدم له الدعم العسكري والسياسي أعلنت في بيان مشترك أمس مع ألمانيا وإيطاليا عزمها إنجاح قمة برلين، ما يعني قبولها بالذهاب إلى حل سياسي للأزمة في ليبيا"، مضيفا أن "حفتر فقد حلفاءه الرئيسيين، فرنسا التي لا تستطيع الخروج عن إجماع أوروبي وشيك بشأن حل سياسي في ليبيا، وروسيا التي يبدو أن تركيا نجحت إلى حد كبير في تحييدها".

ويؤكد البرق أن "لجوء حفتر للتعويل على بضعة مسلحين داخل العاصمة لإثارة بلبلة لتمكين قواته من اقتحام العاصمة بل وخروجه شخصيا في محاولة لإعطاء الأمر ثقلا وتشجيعا لأولئك المسلحين، لا يدل على شيء إلا على فقدانه كل شيء سياسيا وعسكريا، وأن قواته تعيش آخر أيامها جنوب طرابلس".