دعا تكتل "مواطنة"، وهو تكتل سياسي ومدني في الجزائر عناصر قوات الأمن والشرطة الجزائرية إلى عدم تنفيذ أي أوامر لقمع الحراك الاحتجاجي المقرر في العاصمة الجزائرية وجميع الولايات ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 إبريل/ نيسان القادم، وألا يكونوا في خدمة من وصفهم "بعصبة مافياوية".
ووجه بيان "مواطنة" نداءً إلى "ضمائر الجزائريين من موظفي أسلاك الأمن، الذين يلزمهم القانون حماية الدولة ومؤسساتها، أن لا يكونوا تحت خدمة عصبة مافيوية استولت عنوة على سلطة الشعب"، واعتبرت أنهم (الأمنيين)، "في الوقت نفسه من أبناء هذا الشعب ويشاركونه في مشاكله وآماله، لا يجب في كل الأحوال تحريضهم ولا مواجهتهم".
ويأتي هذا الموقف تزامناً مع دعوة حركة "مواطنة" جميع "المناضلين والمواطنين وكل من يرجو موَاطنة كريمة وجديرة بالاحترام إلى الالتقاء يوم 24 فبراير (شباط) 2019 في ساحة أودان، وسط العاصمة الجزائرية، للتعبير عن رفضهم للعهدة الخامسة وللنظام السياسي الحالي، والمطالبة بدولة القانون الموعودة منذ ميثاق اندلاع ثورة التحرير في نوفمبر (تشرين الثاني) 1954".
ويضم تكتل "مواطنة" المعارض أحزابا وشخصيات معارضة، بينها حزب "جيل جديد" و"الاتحاد من أجل التغيير" و"الاتحاد الديمقراطي"، وحزب "الوطن"، ورئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، ورئيس رابطة حقوق الإنسان صالح دبوز، ومجموعة من الناشطين والصحافيين المستقلين.
وفي السياق، دعت الحركة المواطنين القاطنين "في كل أرجاء الوطن إلى التجمع والوقوف أمام مقرات الولايات، في اليوم نفسه"، وطالبت بالتزام السلمية، واعتبرت أنه يتعين على "كل المتظاهرين التحلي بالهدوء، واحترام الممتلكات العمومية والخاصة، والوقوف في وجه كل انحراف قد يكون".
وأعلنت حركة "مواطنة" عن مساندتها لكل التظاهرات الشعبية المتقطعة التي شهدتها وتشهدها مدن جزائرية، ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، كانت أبرزها تلك التي شهدتها مدينة خراطة بولاية بجاية، السبت الماضي، وخنشلة، أمس الثلاثاء، وتزامنا مع دعوات للتظاهر بعد غد الجمعة، بعد الصلاة، في العاصمة، ومجموع المدن للسبب نفسه.
وفي وقت سابق، كان "العربي الجديد" قد نشر مضمون تعليمات وجهت إلى القيادات الأمنية الميدانية، لضبط النفس وعدم استعمال القوة ضد المتظاهرين وتلافي أي استفزاز لهم، عدا ما يتعلق بحماية الممتلكات من التخريب.
وبخلاف المظاهرات المعترضة على ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة في إبريل 2014، تحاول السلطات الجزائرية هذه المرة تجنب الصدام والمواجهة مع المحتجين، بسبب ضعف الموقف السياسي للسلطة إزاء ترشح الرئيس بوتفليقة برغم وضعه الصحي الصعب وعدم قدرته على إدارة الشأن العام.
ويظهر ذلك بوضوح من خلال عدم تدخل القوى الأمنية حتى الآن في سلسلة المظاهرات التي شهدتها عدة مدن جزائرية ضد ترشح بوتفليقة، وكذا مسارعتها إلى إقالة مسؤول محلي تعمد استفزاز السكان بموالاته لبوتفليقة.
ومع تنامي الاحتقان الشعبي بشأن ما يصفه الناشطون بإهانة الشعب بترشيح رئيس مريض وغائب عن المشهد السياسي ودعوات التظاهر، تتزايد المخاوف من وقوع انحراف وصدام في الشارع، بين المحتجين والقوى الأمنية من جهة، والمحتجين والمؤيدين لبوتفليقة من جهة ثانية، في ظل دعوة الحزب الحاكم إلى عقد تجمعات لمناضليه في الولايات، يومي الجمعة والسبت المقبلين.
وإزاء جملة التطورات هذه، تصاعدت على مواقع التواصل الاجتماعي الدعوات إلى التعقل وتغليب الحكمة والحفاظ على مكاسب الأمن والاستقرار في البلاد، حيث رفضت أحزاب سياسية معارضة خيار الشارع، كـ"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، و"جبهة القوى الاشتراكية"، التي قررت مقاطعة انتخابات الرئاسة، أو حركة "مجتمع السلم" و"طلائع الحريات" اللتين قررتا تقديم مرشحين للرئاسة، عبد الرزاق مقري وعلي بن فليس، على التوالي.