تمويل الحرب والإرهاب

14 أكتوبر 2015
تعود نغمة إعادة تعويم الأسد بالطائرات الروسية(مأمون أبو عمر/الأناضول)
+ الخط -
يُفترض أن الحرب الأميركيّة على الإرهاب قد كلّفت، حتى اليوم، ما يزيد على أربعة مليارات دولار أميركي، وذلك استناداً إلى الكلفة اليومية لهذه الحرب والتي سبق لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن أعلنت أنها تصل إلى 9.2 ملايين دولار. لا يتضمّن هذا المبلغ التكاليف التي دُفعت لدعم جيوش حليفة لواشنطن في هذه الحرب، أو ما تسدده دولٌ أخرى مشاركة في هذه الحرب الجوية.

في مقابل هذه الأرقام، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عبر موقعها، عن الحاجة لمبلغ يصل إلى 4 مليارات ونصف المليار دولار أميركي، لتمويل أزمة اللاجئين السوريين خلال عام 2015. وقد تلقت منهم المفوضية والمؤسسات الإغاثية 1.84 مليار دولار، ليصل العجز السنوي إلى 2.64 مليار دولار أميركي. لا تختلف الحالة في الأعوام السابقة عنها في هذا العام. وقد نتج عن هذا العجز، تقصير كبير في الخدمات المقدمة للاجئين. هذا الشح في المساعدات، دفع جزءاً من اللاجئين إلى المخاطرة بحياتهم للوصول إلى أوروبا.

لغة الأرقام تشرح الكثير. في ألمانيا، أعدت منظمة "تبنى ثورة" استطلاعاً للرأي بين اللاجئين السوريين، فقال 77 في المائة من المستطلعين إن الخوف من نظام الأسد (الاعتقال والبراميل المتفجرة) دفعهم إلى مغادرة بلادهم، في حين حلّ داعش في المرتبة الثانية كمصدر للخطر بنسبة 42 في المائة. ربط أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم عودتهم إلى سورية برحيل بشار الأسد. لكن الرقم الأكثر تعبيراً كان إعلان 57.9 في المائة من المستطلعين أن إقامة مناطق حظر جوي، كانت ستُبقيهم في بلادهم (37 في المائة ربطوا ذلك بوقف مدّ المتقاتلين بالسلاح، و24.3 في المائة ربطوا ذلك بدعم إنساني أكبر).

لا يحتاج المرء للكثير من التحليل ليخرج بخلاصات من الأرقام المذكورة أعلاه. ما يُدفع لتمويل "الحرب على الإرهاب" أكبر مما يُصرف على إغاثة المنكوبين من هذه الحرب، أو لدعم المنتفضين على إرهاب نظام كان من الأسباب الأساسية لنشوء هذا الإرهاب. ليس جديداً أن يكون تمويل الحروب أكبر من تمويل العمليات الإنسانيّة، فلو حصل العكس لما استمرت الحروب، وهو ما كان ليُصيب شركات صناعة السلاح في مقتل. واليوم، تعود نغمة إعادة تعويم الأسد بالطائرات الروسية في سياق هذه الحرب. ما لا يُدركه، أو يُدركه بخبث، أصحاب القرار في الغرب أن هذه الحرب ستجعل من "الإرهاب" لغة عالمية، بحيث يبدو تنظيم "القاعدة" مجرد هاوٍ.
المساهمون