الدمار السوري يسيل لعاب حلفاء النظام

23 مايو 2016
دمار هائل في سورية (كرم المصري/ فرانس برس)
+ الخط -
لا يمكن للأرقام الفلكية، التي يجري الحديث عنها في ما يتعلق بتكلفة إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي في سورية، إلا أن تسيل لعاب الكثير من الدول وتدفعها إلى التنافس على الكعكة السورية حتى قبل انتهاء الحرب. يتحدث المركز السوري لبحوث السياسات عن خسائر اقتصادية إجمالية تقدر بنحو 255 مليار دولار أميركي. وبصورة قريبة، يقدر تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بعنوان "سورية: خمس سنوات في خضم الحرب" الخسائر الإجمالية بنحو 260 مليار دولار. لكن تقرير منظمة "وورلد فيجين" يذهب بعيداً جداً ويقدر تكلفة التعافي بنحو 700 مليار دولار. رقم مذهل يتجاوز عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السوري قبل اندلاع الثورة، و25 ضعف الناتج المحلي الإجمالي حالياً، والمقدر بحسب تقرير الإسكوا بنحو 27 مليار دولار.
تلك الخسائر الهائلة تتحول إلى أرباح طائلة بالنسبة إلى الشركات والدول التي ستتولى ملف إعادة الإعمار، وهو ما يدفع النظام وحلفاءه إلى استباق نتائج المحادثات السياسية ووضع اليد على ملف إعادة الإعمار. ففي حديث لصحيفة حكومية، أكد مدير "الشركة العامة للبناء والتعمير"، عامر هلال، العمل لتجهيز مصنع حكومي لإنشاء المنازل مسبقة الصنع، وذلك من أجل تلبية متطلبات مرحلة إعادة البناء والإعمار، مشيراً إلى أن هناك التعاون مع عدد من الشركات الروسية في هذا المجال.

إعادة الإعمار
وكان بشار الأسد قد مهد الطريق لمشاركة شركات أجنبية من الدول الحليفة لنظامه، في عملية إعادة الإعمار، عندما أصدر مطلع العام الحالي قانوناً يدعم "التشاركية بين القطاعين العام والخاص" وتحديداً في مجال ترميم وإعادة تأهيل وتطوير وتوسيع البنى التحتية والمشاريع الحيوية.

لكن الباحث الاقتصادي، سما مهنا، لا يعلق أهمية كبيرة على خطوات الحكومة السورية في هذا المجال، ويقول لـ "العربي الجديد": "الجزء الأكبر من حديث الحكومة عن إعادة الإعمار يأتي لأسباب سياسية دعائية ولا يندرج ضمن أي مخطط اقتصادي جاد". وتدعم مجموعة من الحقائق ما ذهب إليه مهنا، إذ لم تتحدث "المؤسسة العامة للإسكان" عن عدد المساكن التي ستقوم ببنائها هذا العام 2016 وإنما اكتفت بالإشارة إلى عدد المساكن، التي باشرت العمل عليها وتبلغ نحو 36 ألف مسكن موزعة على المحافظات. ويعتبر هذا الرقم غير ذي قيمة إذا ما قورن مع حقيقة أن نحو 3 ملايين منزل على امتداد المحافظات السورية قد تضرر جزئياً أو كلياً من الحرب، وخصوصاً من الهجمات الجوية العشوائية التي ينفذها نظام الأسد بالبراميل المتفجرة.

كما يعتقد المركز السوري لبحوث السياسات أن الاستثمار في إعادة تأهيل أو بناء مساكن جديدة يتطلب الاستقرار من الناحية الأمنية، إضافة إلى التحسن في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي لم يشهده عام 2015.
ويعتقد الباحث، عادل الفاضل، "أن كعكة إعادة الإعمار يجري اقتسامها عادة بعد انتهاء الحرب، فمع هذا القدر الكبير من الدمار لا يمكن للدولة السورية أن تدفع تكلفة إعادة الإعمار، وبالتالي لا يمكنها أن تحدد الشركات التي ستتولى تلك العملية، ومن سيقوم بذلك بدرجة كبيرة هي الدول المانحة التي غالباً ما تُحدد أيضاً أوجه استخدام مساهماتها المالية". ويقول: "إن حجم الدمار الهائل يتراءى للدول الغربية وشركاتها كأرباح بكل تأكيد، ولا بد من أنها تضع الخطط من الآن، وخصوصاً مع انطلاق محادثات السلام، لكي يكون لها نصيب ما في هذا الملف".
ويقدر تقرير منظمة الإسكوا الأخير الخسائر التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية بنحو 90 مليار دولار، وهو استثمار ضخم جدا ومغرٍ للعديد من دول العالم إذ يفوق الناتج المحلي الإجمالي لكل من لبنان والأردن. ويضاف إلى ذلك خسائر قطاع الصناعة التحويلة التي بلغت حتى عام ،2015 بحسب المركز السوري لبحوث السياسات، نحو 3.51 مرة الناتج المحلي الإجمالي للقطاع في عام 2010.
يقول مهنا: "يحاول النظام السوري إغراء حلفائه ودفعهم إلى مواصلة دعمه سياسياً وعسكرياً، عن طريق السماح لشركات البلدين بالعمل في بعض القطاعات، وخصوصاً قطاع الكهرباء والمياه والصناعة، وحديثاً في قطاع البناء، وقد أتى قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص في هذا السياق".
وكان تقرير جديد للبنك الدولي قد دعا إلى وضع "استراتيجية شاملة" لإعادة الإعمار في سورية قبل انتهاء الحرب، ذلك أن السلام وإعادة الإعمار هما وجهان لعملة واحدة، ووجود استراتيجية لإعادة الإعمار سوف يساعد على تعزيز فرص السلام الدائم. كما دعا التقرير ألا يقتصر الاهتمام على مشروعات البنية التحتية، بل أن يجري الاهتمام أيضاً بالتباين الملحوظ بين المناطق، والتوزيع غير العادل للموارد، وهو ما يمثل ضرورة لإعادة بناء الثقة والتخفيف من آثار التوترات الاجتماعية.
المساهمون