توجه العشريني الأردني يزن الحميدات إلى مركز أمن (شرطة) المهاجرين، وسط العاصمة عمان، عصر يوم الجمعة 29 إبريل/نيسان الماضي ، للاطمئنان على خاله بعد الإبلاغ عن حادث سير تعرض له ولاذ المتسبب فيه بالفرار، غير أن الشرطي على بوابة المركز رفض دخول يزن بحجة عدم وجود سبب لدخوله المركز.
"بعد جدال لدقائق مع الشرطي ابتعدت عن البوابة" يروي يزن لـ العربي الجديد"، لكن لحظات الانتظار مقابل المركز رأى فيها الشرطي تحدياً لسلطته، فاستدعى يزن وأهانه وتوعده بالسجن في حال عدم المغادرة.
لم يغادر الشاب في انتظار السماح له بالدخول أو مغادرة خاله، وفي النهاية سمح له الشرطي بالدخول، ليجد يزن نفسه وسط جمع من الشرطة وقد "انهالوا عليه بالضرب والشتائم البذيئة"، على حد قوله.
اقــرأ أيضاً
الشبح وإهانة الأم
يذكر يزن أن رجال الشرطة أوقعوه أرضاً وراحوا يركلونه ويدوسونه بأرجلهم، قبل أن يصار إلى ضربه بمقعد معدني، يقول "ضربوني لفترة طويلة، شارك عدد كبير منهم في ضربي وشتمي"، يتابع "بعد ذلك قيدوني وسحبوني إلى الزنزانة، هناك تم شبحي وتناوبوا على ضربي، كما أجبروني على شتم أمي بألفاظ فاحشة (..) كانوا يطلبون مني شتمها وعندما أرفض يقومون بضربي بشكل عنيف حتى أنفذ أوامرهم".
بعد ساعات من تعرض يزن للتعذيب وتوقيفه داخل مركز الشرطة، علم خاله داود مطر بالأمر، فتوجه إلى المركز لمعرفة مصير ابن شقيقته، يقول داود "وصلنا الخبر أن يزن قد توفي".
طلب داود (38 عاماً) من الشرطي على بوابة المركز السماح له بالدخول، وبعد أن سأله الشرطي عن أسباب حضوره، أبلغة الشرطي "الشخص الذي تسأل عنه ليس عندنا" كما يروي داود لـ" العربي الجديد". ومع إصراره على الدخول قال له الشرطي "تعال حتى نعمل فيك مثل ابن أختك"، يقول داود "فور دخولي من الباب الرئيسي وبعد أن أبرز هويتي الشخصية وطلبت مشاهدة يزن حاول أفراد الشرطة الموجودون ضربي".
ويحمل داود الحزام الأسود 7 دان برياضة التايكوندو، وحصل خلال خدمته العسكرية التي تقاعد منها قبل قرابة العامين على الميدالية الفضية مرتين في بطولة التايكوندو للمنتخبات العسكرية على مستوى العالم، والعديد من البطولات المحلية والعربية والدولية.
يقول داود "عندما أيقنت أنهم ينوون ضربي، صرخت: أنتم ما بتعرفوني أنا عسكري متقاعد وبطل تايكوندو"، اعتقدت أن العبارة التي قلتها لمنع الاعتداء علي ستحميني لكنها أثارت غضب الشرطة،"لم يتمكنوا من لمسي في البداية، كنت أراوغهم، احتميت بأحدهم حتى لا يتمكنوا من ضربي وفي النهاية رشوني بالغاز".
يتابع داود "أفقدني الغاز تركيزي، سقطت وقاموا بتكبيلي، وبدأوا بضربي بشكل عنيف، ضربوني بالهراوات وبكرسي معدني وركلوني بأرجلهم وهم يصرخون (عرفنا مين أنت)"، بعد ضربه قاموا بتجريده من ملابسه وسكبوا عليه الماء "كنت أشعر بنار في عيني كلما رشقوني بالماء الذي يتفاعل مع الغاز" كما يقول.
انتهى الأمر بداود في نفس الزنزانة إلى جوار يزن، وهناك فقد الوعي، قبل أن ينقل إلى أحد المستشفيات الحكومية ليلاً ليتم التأكد أن إصابته ليست مميتة، دون أن يحصل على العلاج. في اليوم التالي للحادثة عرض يزن وداود على مدعي عام عمّان، ليواجها تهم الاعتداء على رجال الشرطة، ليقرر المدعي العام وبعد النظر إليهما إحالتهما إلى الطب الشرعي.
تقارير الطب الشرعي
في 2 مايو/أيار الماضي، تم عرض يزن وداود على الطب الشرعي وبينت التقارير التي حصلت عليها "العربي الجديد" آثار تعذيب في مواقع عديدة من جسديهما، نتيجة لتعرضهما للضرب بأدوات راضة وأجسام صلبة، وأوصى التقرير بعرضهما على عدد من الاختصاصين لمتابعة حالتهما، وهو ما لم يحدث.
بعد يومين من عرض يزن وداود على الطب الشرعي، قرر المدعي العام إخلاء سبيلهما بالكفالة، لكن الشرطة عرضتهما في ذات اليوم على محافظ العاصمة الذي قرر توقيفهما إدارياً في سجن الطفيلة (180 كيلومتراً جنوب غرب عمّان)، قبل أن يفرج عنهما بالكفالة في 19مايو/أيار.
وفقا للتقارير الحقوقية فإن حالة يزن وداود ليست فردية، إذ وثق تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن (حكومي) في عام 2014، تسجيل 87 شكوى ضد المراكز الأمنية تتعلق بالتعذيب ضمن رصده لحالة حقوق الإنسان في الأردن، ومن بين الشكاوي الموثقة تم حفظ 11 شكوى بناءً على طلب المشتكي و14 أغلقت لعدم ثبوت انتهاك و62 شكوى ما تزال قيد المتابعة ولم يعرف مصيرها منذ ذلك التاريخ. ولم يصدر المركز تقريره عن حالة حقوق الإنسان لعام 2015 حتى الآن، بينما لا تتوفر إحصائيات حديثة حول الشكاوى المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة في المراكز الأمنية لدى جهات حكومية أخرى.
وكانت عائلة يزن وداود قد سجلت شكوى لدى المركز الوطني أثناء توقيفهما، وهي الشكوى التي ما تزال قيد المتابعة، وتوضح مفوّض الحقوق والحريات في المركز الوطني لحقوق الإنسان المحامية نسرين زريقات، أن الإجراءات التي يقوم بها المركز في إطار التحقيق بادعاء التعذيب، "تبدأ بالتحقق من خلال الاستماع إلى رواية المشتكي أو الضحية ومن ثم الاستماع إلى وجهة نظر الجهة المشتكى عليها بموجب الادعاء، ومن ثم الالتقاء بالشهود من طرف المشتكي أو المشتكى عليه والحصول على التقارير الطبية أو أي بيانات لدى المشتكي أو الجهة المشتكى عليها".
وتشير زريقات إلى أن المركز يقوم بمخاطبة مديرية الأمن العام للتحقيق في الادعاءات واتخاذ الإجراءات القانونية، وتناط صلاحيات محاكمة الشرطة في قضايا التعذيب بمحكمة الشرطة، ووفقا لما وثقة معد التحقيق عبر تقارير المركز فإن عام 2014 لم يشهد إحالة إي قضية إلى المحكمة.
3 حالات وفاة
على الرغم من غياب إحصائيات رسمية لحالات التعذيب داخل المراكز الأمنية للعام 2015، فإن سجلات منظمات المجتمع المدني توثق لثلاث حالات وفاة تحت التعذيب وقعت العام الماضي، حالة واحدة منها أحيلت إلى محكمة الشرطة التي ما تزال تنظر في القضية.
ومع غياب إحصائيات أولية للعام الجاري، كشف المنسق الحكومي لحقوق الإنسان برئاسة الوزراء باسل الطراونة، في أبريل/نيسان الماضي عن إحالة ثلاثة قضايا تتعلق بتهمة التعذيب من قبل رجال الشرطة إلى محكمة الشرطة، دون أن يبين تاريخ الإحالة أو توقيت حدوث التعذيب.
الطراونة شدد خلال ندوة حوارية أقامتها وكالة الأنباء الرسمية الأردنية (بترا) على أن المنهجية القادمة في التعامل مع شكاوى التعذيب في المراكز الأمنية تقوم على عدم الإفلات من العقاب، والحرص على تحقيق العدالة ومراعاة تطبيق أفضل المعايير المتعلقة بحقوق الإنسان في مراكز التوقيف الاحتجاز.
غير أن رئيس الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان (أهلية) سليمان صويص، يعتقد بأن الإحصائيات الرسمية وإحصائيات مؤسسات المجتمع المدني لا تعكس حقيقة التعذيب في المراكز الأمنية "ليس كل ضحايا التعذيب يشتكون (..) غالبيتهم يخافون وبعضهم يسحب الشكوى نتيجة التهديدات" كما يقول لـ"العربي الجديد".
ضعف الالتزام باتفاقية مناهضة التعذيب
صادق الأردن على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة غير الإنسانية في عام 1991، وفي عام 2011 حظر الدستور الأردني عند تعديله التعذيب البدني والمعنوي.
وبعد ربع قرن من توقيع الأردن على الاتفاقية، كشفت التوصيات الختامية للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ضمن التقرير الدوري للأردن والذي قدم نهاية العام الماضي عن ضعف التزام المملكة بتطبيق الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ووفقاً للتوصيات فإن تعريف القانون الأردني للتعذيب لا يتناسب مع الاتفاقية الدولية، وفيما يرى التعريف الدولي في التعذيب جناية يرى التعريف الأردني أن التعذيب جنحة (أقل من الجناية). كما أوصت اللجنة بتغليظ العقوبة على مرتكب التعذيب، والتصدي لسياسة الإفلات من العقاب، والعمل على ضمان تعويض قضايا التعذيب.
ويشير صويص إلى أن الأردن ملزم حسب الاتفاقية بتقديم تقرير دوري كل خمس سنوات، غير أن المملكة انقطعت عن تقديم التقرير منذ عام 1995 وحتى 2010، ويرى في الانقطاع دليل عدم اهتمام السلطات بالقضية، خاصة أنها اعترفت في تقريرها لعام 2010 أنها خلال سنوات الانقطاع لم تعمل على تطبيق بنود الاتفاقية.
وخلال فترة الانقطاع زار في عام 2007 المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب مانفرد نوفاك الأردن، وخلص في تقريره إلى "وجود تعذيب ممنهج داخل السجون الأردنية" وهو الاتهام الذي رفضته السلطات الأمنية حينها، مقرّة بوجود انتهاكات فردية يعاقب مرتكبوها.
ويشير صويص الذي قدمت الجمعية التي يرأسها إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، ملفاً بثماني حالات تعذيب وقعت في السنوات الأربع الأخيرة كنموذج على واقع التعذيب في الأردن، إلى تطابق التوصيات الختامية التي قدمتها اللجنة على تقرير الأردن المقدم 2015 مع التوصيات على تقريره لعام 2010، يقول "وكأن اللجنة تقول للأردن من خلال توصياتها : أنتم لم تفعلوا شيئاً"، معبراً عن قناعته أن "المعركة في الأردن لوقف التعذيب ما تزال طويلة".
"بعد جدال لدقائق مع الشرطي ابتعدت عن البوابة" يروي يزن لـ العربي الجديد"، لكن لحظات الانتظار مقابل المركز رأى فيها الشرطي تحدياً لسلطته، فاستدعى يزن وأهانه وتوعده بالسجن في حال عدم المغادرة.
لم يغادر الشاب في انتظار السماح له بالدخول أو مغادرة خاله، وفي النهاية سمح له الشرطي بالدخول، ليجد يزن نفسه وسط جمع من الشرطة وقد "انهالوا عليه بالضرب والشتائم البذيئة"، على حد قوله.
الشبح وإهانة الأم
يذكر يزن أن رجال الشرطة أوقعوه أرضاً وراحوا يركلونه ويدوسونه بأرجلهم، قبل أن يصار إلى ضربه بمقعد معدني، يقول "ضربوني لفترة طويلة، شارك عدد كبير منهم في ضربي وشتمي"، يتابع "بعد ذلك قيدوني وسحبوني إلى الزنزانة، هناك تم شبحي وتناوبوا على ضربي، كما أجبروني على شتم أمي بألفاظ فاحشة (..) كانوا يطلبون مني شتمها وعندما أرفض يقومون بضربي بشكل عنيف حتى أنفذ أوامرهم".
بعد ساعات من تعرض يزن للتعذيب وتوقيفه داخل مركز الشرطة، علم خاله داود مطر بالأمر، فتوجه إلى المركز لمعرفة مصير ابن شقيقته، يقول داود "وصلنا الخبر أن يزن قد توفي".
طلب داود (38 عاماً) من الشرطي على بوابة المركز السماح له بالدخول، وبعد أن سأله الشرطي عن أسباب حضوره، أبلغة الشرطي "الشخص الذي تسأل عنه ليس عندنا" كما يروي داود لـ" العربي الجديد". ومع إصراره على الدخول قال له الشرطي "تعال حتى نعمل فيك مثل ابن أختك"، يقول داود "فور دخولي من الباب الرئيسي وبعد أن أبرز هويتي الشخصية وطلبت مشاهدة يزن حاول أفراد الشرطة الموجودون ضربي".
يقول داود "عندما أيقنت أنهم ينوون ضربي، صرخت: أنتم ما بتعرفوني أنا عسكري متقاعد وبطل تايكوندو"، اعتقدت أن العبارة التي قلتها لمنع الاعتداء علي ستحميني لكنها أثارت غضب الشرطة،"لم يتمكنوا من لمسي في البداية، كنت أراوغهم، احتميت بأحدهم حتى لا يتمكنوا من ضربي وفي النهاية رشوني بالغاز".
يتابع داود "أفقدني الغاز تركيزي، سقطت وقاموا بتكبيلي، وبدأوا بضربي بشكل عنيف، ضربوني بالهراوات وبكرسي معدني وركلوني بأرجلهم وهم يصرخون (عرفنا مين أنت)"، بعد ضربه قاموا بتجريده من ملابسه وسكبوا عليه الماء "كنت أشعر بنار في عيني كلما رشقوني بالماء الذي يتفاعل مع الغاز" كما يقول.
انتهى الأمر بداود في نفس الزنزانة إلى جوار يزن، وهناك فقد الوعي، قبل أن ينقل إلى أحد المستشفيات الحكومية ليلاً ليتم التأكد أن إصابته ليست مميتة، دون أن يحصل على العلاج. في اليوم التالي للحادثة عرض يزن وداود على مدعي عام عمّان، ليواجها تهم الاعتداء على رجال الشرطة، ليقرر المدعي العام وبعد النظر إليهما إحالتهما إلى الطب الشرعي.
تقارير الطب الشرعي
في 2 مايو/أيار الماضي، تم عرض يزن وداود على الطب الشرعي وبينت التقارير التي حصلت عليها "العربي الجديد" آثار تعذيب في مواقع عديدة من جسديهما، نتيجة لتعرضهما للضرب بأدوات راضة وأجسام صلبة، وأوصى التقرير بعرضهما على عدد من الاختصاصين لمتابعة حالتهما، وهو ما لم يحدث.
بعد يومين من عرض يزن وداود على الطب الشرعي، قرر المدعي العام إخلاء سبيلهما بالكفالة، لكن الشرطة عرضتهما في ذات اليوم على محافظ العاصمة الذي قرر توقيفهما إدارياً في سجن الطفيلة (180 كيلومتراً جنوب غرب عمّان)، قبل أن يفرج عنهما بالكفالة في 19مايو/أيار.
وفقا للتقارير الحقوقية فإن حالة يزن وداود ليست فردية، إذ وثق تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن (حكومي) في عام 2014، تسجيل 87 شكوى ضد المراكز الأمنية تتعلق بالتعذيب ضمن رصده لحالة حقوق الإنسان في الأردن، ومن بين الشكاوي الموثقة تم حفظ 11 شكوى بناءً على طلب المشتكي و14 أغلقت لعدم ثبوت انتهاك و62 شكوى ما تزال قيد المتابعة ولم يعرف مصيرها منذ ذلك التاريخ. ولم يصدر المركز تقريره عن حالة حقوق الإنسان لعام 2015 حتى الآن، بينما لا تتوفر إحصائيات حديثة حول الشكاوى المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة في المراكز الأمنية لدى جهات حكومية أخرى.
وتشير زريقات إلى أن المركز يقوم بمخاطبة مديرية الأمن العام للتحقيق في الادعاءات واتخاذ الإجراءات القانونية، وتناط صلاحيات محاكمة الشرطة في قضايا التعذيب بمحكمة الشرطة، ووفقا لما وثقة معد التحقيق عبر تقارير المركز فإن عام 2014 لم يشهد إحالة إي قضية إلى المحكمة.
3 حالات وفاة
على الرغم من غياب إحصائيات رسمية لحالات التعذيب داخل المراكز الأمنية للعام 2015، فإن سجلات منظمات المجتمع المدني توثق لثلاث حالات وفاة تحت التعذيب وقعت العام الماضي، حالة واحدة منها أحيلت إلى محكمة الشرطة التي ما تزال تنظر في القضية.
ومع غياب إحصائيات أولية للعام الجاري، كشف المنسق الحكومي لحقوق الإنسان برئاسة الوزراء باسل الطراونة، في أبريل/نيسان الماضي عن إحالة ثلاثة قضايا تتعلق بتهمة التعذيب من قبل رجال الشرطة إلى محكمة الشرطة، دون أن يبين تاريخ الإحالة أو توقيت حدوث التعذيب.
الطراونة شدد خلال ندوة حوارية أقامتها وكالة الأنباء الرسمية الأردنية (بترا) على أن المنهجية القادمة في التعامل مع شكاوى التعذيب في المراكز الأمنية تقوم على عدم الإفلات من العقاب، والحرص على تحقيق العدالة ومراعاة تطبيق أفضل المعايير المتعلقة بحقوق الإنسان في مراكز التوقيف الاحتجاز.
غير أن رئيس الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان (أهلية) سليمان صويص، يعتقد بأن الإحصائيات الرسمية وإحصائيات مؤسسات المجتمع المدني لا تعكس حقيقة التعذيب في المراكز الأمنية "ليس كل ضحايا التعذيب يشتكون (..) غالبيتهم يخافون وبعضهم يسحب الشكوى نتيجة التهديدات" كما يقول لـ"العربي الجديد".
ضعف الالتزام باتفاقية مناهضة التعذيب
صادق الأردن على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة غير الإنسانية في عام 1991، وفي عام 2011 حظر الدستور الأردني عند تعديله التعذيب البدني والمعنوي.
وبعد ربع قرن من توقيع الأردن على الاتفاقية، كشفت التوصيات الختامية للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ضمن التقرير الدوري للأردن والذي قدم نهاية العام الماضي عن ضعف التزام المملكة بتطبيق الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ووفقاً للتوصيات فإن تعريف القانون الأردني للتعذيب لا يتناسب مع الاتفاقية الدولية، وفيما يرى التعريف الدولي في التعذيب جناية يرى التعريف الأردني أن التعذيب جنحة (أقل من الجناية). كما أوصت اللجنة بتغليظ العقوبة على مرتكب التعذيب، والتصدي لسياسة الإفلات من العقاب، والعمل على ضمان تعويض قضايا التعذيب.
ويشير صويص إلى أن الأردن ملزم حسب الاتفاقية بتقديم تقرير دوري كل خمس سنوات، غير أن المملكة انقطعت عن تقديم التقرير منذ عام 1995 وحتى 2010، ويرى في الانقطاع دليل عدم اهتمام السلطات بالقضية، خاصة أنها اعترفت في تقريرها لعام 2010 أنها خلال سنوات الانقطاع لم تعمل على تطبيق بنود الاتفاقية.
وخلال فترة الانقطاع زار في عام 2007 المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب مانفرد نوفاك الأردن، وخلص في تقريره إلى "وجود تعذيب ممنهج داخل السجون الأردنية" وهو الاتهام الذي رفضته السلطات الأمنية حينها، مقرّة بوجود انتهاكات فردية يعاقب مرتكبوها.
ويشير صويص الذي قدمت الجمعية التي يرأسها إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، ملفاً بثماني حالات تعذيب وقعت في السنوات الأربع الأخيرة كنموذج على واقع التعذيب في الأردن، إلى تطابق التوصيات الختامية التي قدمتها اللجنة على تقرير الأردن المقدم 2015 مع التوصيات على تقريره لعام 2010، يقول "وكأن اللجنة تقول للأردن من خلال توصياتها : أنتم لم تفعلوا شيئاً"، معبراً عن قناعته أن "المعركة في الأردن لوقف التعذيب ما تزال طويلة".