عقب ثلاثة أشهر من نشر تحقيق "العربي الجديد"، "إخفاقات الطب الشرعي الفلسطيني...الفساد الإداري يصل حتى إلى الجثامين"، أحالت هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، ملف التجاوزات في دائرة الطب الشرعي مع الأسماء التي أثيرت الشبهات حولها في التحقيق الصحافي على نيابة جرائم الفساد لإجراء التحقيقات مع المخالفين.
وأكد مصدر مطلع في هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية (فضل عدم الكشف عن اسمه)، أن الهيئة بدأت التحقيقات مع الشخصيات التي أثيرت الشبهات حولها في التحقيق الصحافي، واتخذت المقتضى القانوني لذلك، عقب توصلها إلى وجود شبهات فساد، استناداً إلى استدلالات قوية على ذلك، وبالتالي قررت إحالة الملف على النيابة.
وكشف المحامي المكلَّف بمتابعة الملف لدى هيئة مكافحة الفساد، عيسى العاروري، أن هذه المخالفات وشبهات الفساد كانت السبب الرئيسي لاستقالة ثلاثة من الأطباء الشرعيين من دائرة الطب الشرعي في يوليو/ تموز عام 2019، مؤكداً أن ملف التجاوزات في دائرة الطب الشرعي أصبح أمام نيابة جرائم الفساد، واعتبر أن هذه الخطوة الهامة من قبل هيئة مكافحة الفساد تؤكد وجود شبهات فساد قوية في الملف.
وذكر مصدر من داخل وزارة العدل لـ"العربي الجديد" أنه استُدعي موظفون من الوزارة ودائرة الطب الشرعي أخيراً للشهادة في القضية رقم (2019/57) الخاصة بالتجاوزات في دائرة الطب الشرعي، ومن أبرز المسائل التي أثيرت خلال التحقيق، أسباب استقالة الأطباء الشرعيين الثلاثة والتجاوزات التي دفعتهم إلى ذلك.
وأكد المصدر أن الموظفين الذين استدعوا للشهادة استجوبوا أيضاً في موضوع الوثائق التي وردت في تحقيق "العربي الجديد"، والتي تشير إلى تهاون وظيفي وشبهات فساد من قبل وكيل وزارة العدل الفلسطينية محمد أبو السندس، والمدير الإداري لدائرة الطب الشرعي في الوزارة يسري عليوي، والمدير الطبي للدائرة ريان العلي.
ويشير تحريك القضية جزائياً من قبل النيابة إلى وجود متهمين في القضية، خاصة أن مهمة هيئة مكافحة الفساد، الاستدلال على وجود شبهات فساد، وعندما تستدل على ذلك من خلال دائرتها القانونية، يُحوِّل الملف إلى النيابة، كما يوضح العاروري خلال حديثه لـ"العربي الجديد".
من جهته، يرى الخبير القانوني عصام عابدين، أن مهمة هيئة مكافحة الفساد هي الاستدلال بشكل أولي على وجود شبهات فساد، وعندما تأتي المخرجات بأن هناك شبهات فساد بالفعل يُحوَّل الملف إلى النيابة، مؤكداً أن الأمور بخواتيمها وبالعدالة الناجزة، ولا يمكن تقييم خطوة بحد ذاتها وعزلها عن النتيجة النهائية للقضية.
وكان تحقيق "العربي الجديد" قد كشف عن بعض المناصب والمسميات الوهمية غير الموجودة في الهيكلية التنظيمية لدائرة الطب الشرعي، من بينها منصب المدير الإداري الذي يشغله يسري عليوي، بالإضافة إلى ارتكاب المدير الطبي للدائرة ريان العلي مخالفة ازدواجية الوظيفة، مع العلم أن ذلك كان يجري تحت إشراف وكيل وزارة العدل محمد أبو السندس، ووثق التحقيق وجود تلاعب بعيّنات الجثث، وانتحال شخصية الأطباء الشرعيين المختصين من قبل عاملين آخرين في الدائرة.