المغاربيون في ألمانيا..تخفي اللاجئين خوفاً من شبح الترحيل

08 يونيو 2016
مظاهرات معارضة لسياسة ميركل تجاه اللاجئين (Getty)
+ الخط -
يعتقد العشريني التونسي أمين، بأن سوء الطالع الذي رافقه في بلده الأم، ما زال يلاحقه في ألمانيا التي وصل لها بداية العام الجاري، إذ تلقى خبر رفض طلب لجوئه نتيجة تصنيف بلده ضمن الدول الآمنة من قبل الحكومة الألمانية، غير أنه يربط بين أحداث التحرش في رأس السنة في كولن وبين اعتماد هذا التصنيف. ويقول "لا بد من أن التحرش كان دافعا لهذا القرار".

تضييق امتد للحالات الاستثنائية

بحسب إحصائية موثقة حصلت عليها "العربي الجديد"، عبر وزارة الداخلية الألمانية، فقد وصل خلال العام 2015 إلى البلاد 26000 لاجئ تقريبا من بلدان المغرب العربي، من بينهم 2000 لاجئ من تونس و14 ألفا من الجزائر و10 آلاف من المغرب، كما سجل هذا العام وصول 3356 مغاربيا خلال شهر يناير/كانون الثاني، وتراجع العدد في شهر فبراير/شباط إلى 599 وفي شهر مارس وصل 480 لاجئا وفقا للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين.

وبلغ عدد المطلوب منهم المغادرة حتى نهاية العام الماضي 6100 لاجئ من دول المغرب العربي، بينما تم ترحيل 135 شخصا منهم فقط، وحتى نهاية يناير/كانون الثاني من العام الجاري بات مطلوبا من 2631 جزائريا و2391 مغربية و1264 تونسيا المغادرة إلى بلدانهم.

وتكشف الإحصائيات أن نسبة من تم قبول طلبات لجوئهم العام الماضي من بين إجمالي الواصلين إلى ألمانيا من دول المغرب العربي، هي 0,2 % للتونسيين و3,7% للمغاربة و1,7% للجزائريين، في حين اختفى 130 ألف لاجئ من مختلف دول العالم خلال العام الماضي ومن بينهم مغاربة مطلوبون للترحيل.
ووفقا لإحصائيات وزارة الداخلية الألمانية، فإنه من بين كل 4 لاجئين سوريين يوجد واحد من مواطني دول المغرب العربي، يدعي كونه سوريا. ويقول الناشط الاجتماعي محسن الحضري والذي يرافق العديد من اللاجئين إلى مكاتب المحاماة والدوائر الرسمية في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد":"عندما يتبين عدم وجود ملاحقة سياسية أو إنزال عقوبة غير إنسانية أو معاملة مهينة للاجئين من دولة ما يتم اعتبارها دولة آمنة، واللجوء بالنسبة لمواطني دول المغرب العربي في ألمانيا بات صعبا جدا، نظرا لعدم توفر الشروط المطلوبة في حالاتهم، وبالتالي لا أفق لهم بالبقاء في ألمانيا، وهو ما أدى إلى ترحيل 24 تونسيا كدفعة اولى وذلك عملا بالاتفاق بين ألمانيا وتونس".

وعن المخارج القانونية لتفادي عملية الترحيل، يلفت الحضري إلى إنه وعلى الرغم من وجود بعض الثغرات القانونية والاستثناءات، إلا أن التضييق طاول حتى الحالات الاستثنائية مثل من يعانون من الأمراض المزمنة، موضحا أن حجج المنادين بالترحيل لمواطني تلك الدول، ان هذه الإجراءات قد تكون بمثابة تحذير لكل من يريد القدوم، من أنه سيعاد ترحيله، وبالتالي عليه ألا يقدم على الخطوة من الأساس".

وتمر مراحل التحقق من صحّة الأوراق الثبوتية لراغبي اللجوء في ألمانيا، باجراءات صعبة وقد تستغرق عاما كاملا على غرار ما سبق وحصل مع مواطني دول البلقان، إلا أن السلطات الألمانية تبذل جهودا لتسريع الأمور ويتم تحديد مواعيد محاكمة سريعة لمن ستتم إعادتهم إلى دول المغرب العربي و"لكن في حال رفض من سيتم ترحيله، يمكنه استئناف الحكم خلال فترة اسبوع فقط" بحسب الناشط الاجتماعي الحضري.


رهان على الوقت لإبعاد الترحيل

بحسب ما وثقه معد التحقيق عبر لقاءات مع شباب دول المغرب العربي فإنهم يعمدون إلى التخفي وانتظار تحسن الظروف مراهنين على عامل الوقت، "كما يلجأ عدد منهم إلى الحصول على تقارير طبية تفيد بحاجتهم للعلاج" كما يوضح الباحث الاكاديمي أيهم الزيني.

يتابع الزيني في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد ": "المئات يتخلصون من المستندات الشخصية لتأخير إجراءات الترحيل لأن سلطات بلادهم تعتبر أنها غير قادرة على التعرف على مواطنيها دون أوراق ثبوتية أصلية. وهو ما دعا السلطات الألمانية ضمن حزمة اللجوء الاخيرة، إلى تشديد الإجراءات المتعلقة بهؤلاء الاشخاص إذ لم تعد السلطات تقدم نفقة المعونة الاجتماعية الكاملة باستثاء الحد الادنى لمتطلبات الحياة اليومية.

ويلفت الباحث الأكاديمي المتخصص في قضايا الهجرة، إلى أن هذا الواقع كان محور المباحثات التي أجراها وزير الداخلية الالماني توماس دي مزيير مع المسؤولين في كل من المغرب والجزائر وتونس وتم التوافق على بدء ترحيل من دخلوا إلى البلاد في العام الماضي ورفضت طلبات لجوئهم على أن تتكفل ألمانيا بتكاليف رحلة العودة، ومن المتوقع أن تستكمل الاجراءات في مرحلة لاحقة بحق كل من يجب ترحيله وفقا لما يقوله الزيني.

وتشير مصادر في وزارة الداخلية الألمانية إلى أنه وضمن سياق تطبيق الاتفاق سيتم تكثيف التعاون بين الجانبين بحيث تقدم بصمات أصابع الأشخاص الخاضعين لإجراءات الترحيل إلى الأجهزة الرسمية ليتم تحديد هوياتهم.


رفض تصنيف الدول الآمنة

بدأت اجراءات الترحيل والتشدد مع طالبي اللجوء من بلدان المغرب العربي، بعد موافقة البرلمان على قانون تقدمت به الحكومة لتسهيل ترحيل اللاجئين من تلك الدول خلال الشهر الماضي، وهو ما رفضه برلمانيون من أحزاب الخضر وبعض النواب اليساريين ونواب من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الحكم.
وانتقد أندري هونكو من حزب اليسار المعارض التصويت على هذا القرار قائلا: "هذه جمعة سوداء للحق الأساسي في اللجوء في ألمانيا" وهو ما أيده مفوض الحكومة لحقوق الإنسان بيربل كوفلر والذي قال لرويترز إن هناك "انتهاكات مثبتة وموثقة لحقوق الإنسان" في الدول الثلاث. بينما يؤكد غونتر بوركهارت رئيس منظمة "بروأزول" الألمانية المهتمة بشؤون اللاجئين أن الدول التي تمارس فيها عمليات التعذيب لا يمكن تصنيفها بالآمنة.

ويلفت الباحث الأكاديمي الزيني، إلى أن القانون الألماني يعرف الفرد بالآمن عندما يتبين وبشكل صريح عدم وجود أي إشكالية أو عقوبة أو معاملة غير انسانية بحقه أو أي ملاحقة سياسية، وهذا ما لا يمكن تأكيده في العديد من البلدان العربية ومنها دول شمال أفريقيا.

ويوضح أن محكمة الدستور الاتحادية كانت قد أقرت بضرورة عدم ترحيل مواطنين قد يتعرضون للملاحقة السياسية والقانونية، غير أن الخروقات قد تحدث على هذا الصعيد كما يقول. وفي الآونة الأخيرة عقب قرار البرلمان الألماني داهمت الشرطة ومعها موظفون من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، 33 مركزا للاجئين ونقلت ما يقارب 470 مهاجرا مغاربيا إلى مخيمات على الحدود بهدف إعادتهم الى البلدان التي وصلوا منها، وفقا لتصريحات مصادر أمنية لـ"العربي الجديد".


ترحيل اللاجئين القصر

بحسب رئيس الجمعية المغربية الألمانية للتبادل الثقافي في هامبورغ دنيا القرشي، فإن 600 من الشباب اللاجئين المغاربيين الصادر بحقهم قرارات الطرد أغلبهم من القصرغير حاملي الهويات، ولفتت القرشي إلى معلومات حقوقية تؤكد على وجود عدد كبير منهم داخل سجن للشباب في مدينة هانوفر (شمال البلاد).

وتؤكد القرشي في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن مواطني دول شمال أفريقيا تحولوا بين ليلة وضحاها بعد أحداث كولن إلى أشخاص غير مرغوب في وجودهم في ألمانيا. وتتابع "من دخل إلى البلاد خلال الاشهر الماضية، لا امل له بالبقاء"، معبرة عن قلقها من استغلال هؤلاء الشباب من قبل منظمات اجرامية بعد اختفاءهم وحاجتهم للعمل.

وتشير مصادر في وزارة الداخلية إلى أن من وفدوا إلى ألمانيا بهويات مزورة أو قدموا طلبات لجوء في أكثر من بلد اوروبي، لا بد وأن يتم ترحيلهم. غير أن القرشي توضح أن سبب حصول هؤلاء الشباب على هويات مزورة يرجع إلى أنه على سبيل المثال في المغرب من هم دون سن الثامنة عشرة ليس لهم حق الحصول على هوية، وبالتالي فهم يلجأوون للحصول على هويات مزورة لمواطنين من بلدان أخرى كسورية والعراق لتحسين حظوظهم بالحصول على حق اللجوء.