بالفيديو.. 10 نهايات تراجيدية لسياسيين وجنرالات في المغرب

11 ديسمبر 2014
بنكيران ووزير الداخلية حصاد والجنرال عروب أثناء جنازة باها(الأناضول)
+ الخط -
تعددت الأسباب والموت واحد. لكن في حالة سياسيين وجنرالات مغاربة، كان لهم وقع في الحياة العامة، لا يبدو حِمَام الموت عاديا، فقد حمّ عليهم القضاء في ظروف جعلت قبورهم مفتوحة حتى بعد مضي عقود على ذلك الموت التراجيدي.

الأول

لعل أول ضحية لما بعد الاستقلال هو المقاوم المغربي عباس المساعدي، ابن الريف، الذي قيل إنه لقي مصرعه سنة 1956 بسبب الصراع الذي كان دائرا آنذاك بين فصائل المقاومة المغربية، حديثة العهد بالاستقلال.

موته جاء في سياق ملتبس، لم يحسم فيه تبادل التهم بين عدد من قيادات تلك الفترة، ومنهم المحجوبي أحرضان، ومحمد بن سعيد آيت ايدر.

التحقيق الذي فتح في عهد الملك محمد الخامس، أفضى إلى إغلاق الملف، لكن رجالات المقاومة، ظلت تتداول مسؤولية بعض الأطراف، وكان أن وجهت التهمة مباشرة إلى القيادي المهدي بنبركة، الوجه البارز في حركة التحرير الوطنية.

الثاني

ربما من سخرية الأقدار، أن المهدي بنبركة، سيتحول هو نفسه إلى رمز وشهيد، بعد سنوات قليلة من ذلك، ففي أكتوبر/تشرين الأول من سنة 1965سيجري اختطافه من أمام مقهى ليب في باريس، في وقت كان المغرب السياسي يغلي، مع ما سمي آنذاك بـ "الانتفاضة التلاميذية"، التي عمت البلاد، وبروز أولى الخلايا اليسارية المعارضة للنظام.

ومنذ تلك اللحظة التي حكى عنها عدد من أعوان نظام الحسن الثاني، وبالأخص المذكرات المثيرة للجدل، التي كتبها أحمد البخاري، العميل السابق في جهاز الاستخبارات المغربية، التي كانت تسمى بـ "الكاب1"، والتي أورد فيها، أنه جرى اختطاف المهدي بنبركة من أمام مطعم ليب في باريس، من طرف أجهزة المخابرات المغربية والفرنسية، ورحل إلى المغرب، حيث جرى استنطاقه في مقر الكاب في دار المقري في الرباط، وهناك توفي فجأة بسبب ضربة طائشة من قبل رجالات المخابرات أثناء استنطاقه.

يورد البخاري، أنه بعد وفاة المهدي بسبب التعذيب، جرت إذابة الجثة في الأسيد لمحو كل آثار الجريمة. ومنذ ذلك الحين لم يعثر على بنبركة، وظل قبره مفتوحا حتى الآن.

الثالث

الموت الغامض الثالث، هو للزعيم المغربي علال الفاسي، الذي توفي في رومانيا سنة 1974، حيث كان موجودا في بوخارست في مهمة دبلوماسية تتعلق بالقضية الوطنية "الصحراء المغربية"، وبالقضية الفلسطينية. وموته خارج البلاد فجأة ترك علامات استفهام حولها، وكان علال الفاسي، بعد اختطاف المهدي بنبركة، الوجه الأكثر ثقلا بالنسبة للحكم في البلاد.

الرابع

الموت الرابع، والذي يعتبر أيضا موتا مروعا، لم تعرف أسبابه، ولا منفذوه الحقيقيون، هو مقتل القيادي النقابي والسياسي الكبير عمر بنجلون، والذي كان وجها بارزا وسياسيا كبيرا، وقد اغتيل سنة 1975، أي عاما واحدا بعد وفاة الزعيم علال الفاسي، وذلك من طرف عناصر قيل إنها تابعة للشبيبة الإسلامية، التنظيم الراديكالي الذي أسسه عبدالكريم مطيع. وقتل بنجلون أمام بيته بسكين، حيث كان يهم بركوب سيارته في الدار البيضاء.

وكان سبق أن تعرض بنجلون ومحمد اليازغي القياديان آنذاك في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لمحاولة اغتيال، بطرد ملغوم، أفلت منها بنجلون، وتسبب الطرد في بتر أصابع يد اليازغي.
 
الخامس

الموت الخامس، الغامض، كان من نصيب المناضلة المغربية الشابة، سعيدة المنبهي، التي كانت تنتمي إلى حركة "إلى الأمام"، وحلت أمس ذكرى وفاتها الـ 36، وكانت الراحلة التي تحولت إلى أيقونة للنضال الطلابي والشبابي في المغرب، وفي العالم العربي، قد تعرضت لتعذيب فظيع في المعتفل السري درب مولاي الشريف بالدار البيضاء، قبل أن تدخل في إضراب مفتوح عن الطعام، أودى بحياتها في ظروف غامضة من دون أن يقدم لها أي إسعاف، أو يجري الاستجابة لمطالب المعتقلين.

السادس

الموت السادس، الذي ما يزال قبر صاحبه مفتوحا، طال المناضل والمفكر المغربي بوجمعة هباز، الذي اختفى في سنة 1981، في تلك الأحداث التي عرفت بثورة الخبز، ولم يظهر له أثر حتى الآن.

السابع

الموت السابع الغامض، حصد المفكر والسياسي المغربي عبدالسلام المودن، الذي أمضى سنوات طويلة من عمره في سجون الحسن الثاني، قبل أن يفرج عنه، لكن السياسي المغربي الذي درس الماركسية اللينينية من مصادرها الألمانية مباشرة سيرحل بشكل فاجع في حادثة سير في طريق القنيطرة الرباط سنة 1992، وفتح تحقيق في النازلة، لكنه أغلق بسرعة، وجاء فيه، أن الراحل أصيب بنوبة جنون وخرج هائما على وجهه، فقتل بعد أن دهسته شاحنة كبيرة.

الثامن

الموت الثامن، المثير، والذي ما تزال وقائعه غامضة، هو اختطاف المناضل المغربي الحسين المانوزي، بتونس، بتعاون بين المخابرات المغربية ومخابرات بنعلي، ومنذ لك الحين لم يظهر له أثر.

التاسع والعاشر

الموتان المثيران التاسع والعاشر، هما رحيل القيادي في الاتحاد الاشتراكي أحمد الزايدي في بركة أثناء عبوره ممرا مائيا، وسط ذهول الجميع... والرحيل الذي اهتز له المغرب الأحد الماضي بعد مقتل وزير الدولة عبدالله باها، في المكان نفسه ببوزنيقة، بعد أن دهسه قطار سريع، وقيل إن الراحل كان في زيارة تفقدية للمكان الذي توفي فيه الاتحادي أحمد الزايدي، في ظروف وملابسات غريبة، ما تزال تطرح أسئلة محيرة، لدى الرأي العام المغربي، علما أن المكان نفسه شهد محاولة اغتيال المهدي بنبركة سنة 1962 أفلت منها بأعجوبة.

الموت الغامض لم يطل المعارضين وحدهم بل امتدت يده حتى إلى رجال الدولة وكبار شخصياتها. على رأسهم الجنرال محمد أوفقير "انتحر"، بعد فشل محاولته الانقلابية في  سنة 1972، فبعد أن علم بفشل الانقلاب على الحسن الثاني، استل مسدسه وانتحر بطلقتين في أحد أبهاء القصر وفق ما تم أعلن وقتها. حالة أخرى تتعلق بموت الجنرال أحمد الدليمي عام 1983 والذي يعد أحد أقوى رجلين في المغرب مع إدريس البصري وزير الداخلية وقتها، اشتهر اسمه خلال فترة حرب الصحراء الأولى كقائد ميداني للقوات المسلحة الملكية.

وفاة الدليمي التي أثارت حينها تساؤلات عديدة، جاءت في حادثة سير، في مراكش، بعد أن دهسته شاحنة لنقل الرمال.

هذه الحالات من الوفيات الغامضة، والمثيرة، والتي أدخلت بعضها الحركة الحقوقية في البلاد، ضمن ما يسمى بحالات الاختفاء القسري، وطالبت الدولة، وما تزال بالكشف عن مصير هؤلاء النشطاء، تشير إلى وضع عام كان سائدا في المغرب زمن الصراع السياسي، وتؤكد على أن الجريمة السياسية، يمكن أن تتخطى الحدود، كما هو الحال بالنسبة لاختطاف المهدي بنبركة من بلد الأنوار، فرنسا، أو اختطاف الحسين المانوزي من تونس، بالتعاون مع الشرطة السرية لزين العابدين بن علي، أومن خلال، ما حصل مع الشهيد عمر بنجلون، الذي اغتيل أمام بيته، أو كما جاء في حيثيات التحقيق في وفاة أحد مؤسسي حركة 23 مارس اليسارية، الشهيد عبدالسلام المودن، الذي قيل إن نوبة جنون انتابته، هو الماركسي اللينيني، جعلته يغادر بيته هائما على وجهه، إلى أن صادته شاحنة من الوزن الثقيل في طريق سريع.

الحوادث السابقة كلها تفضي إلى نتيجة واحدة، إذ تعددت سيوف المنايا في المغرب لكن الموت واحد!!