هربت عاملتا الخدمة التنزانيتان فرح ساليمو (22 عاما)، وصوفيا أوغا (27 عاما) من منزل مخدومتهما الواقع في منطقة السيدية وسط بغداد، وتوجهتا إلى مبنى السفارة الأميركية في بغداد باستخدام تطبيق GPS، بعد أيام من وصولهما إلى بغداد بواسطة مهربين، نقلوهما من كردستان العراق.
ساعد عاملون في السفارة الفتاتين، عبر مؤسسة حرية المرأة (منظمة غير حكومية متخصصة في الدفاع عن حقوق المرأة بالعراق) وفق رواية صوفيا لـ"العربي الجديد"، والتي ذكرت أن تعرضهما للتعنيف والضرب المبرح وزيادة ساعات العمل وتخفيض الراتب من 400 دولار شهريا إلى 200 دولار، جعلتهما يحسمان أمرهما للهروب.
اقــرأ أيضاً
التهريب من كردستان إلى بغداد
وثق معد التحقيق على مدار شهرين، 8 قصص لعاملات من تنزانيا وبنغلاديش وكينيا، تم تهريبهن إلى بغداد من إقليم كردستان بواسطة شركات عمالة وهمية غير مسجلة، وهو ما حصل مع صوفيا وفرح، اللتين هُربتا من السليمانية ونقلتا للعمل بشكل غير شرعي في بغداد، بالمخالفة لنص المادة 30 من قانون العمل العراقي النافذ رقم 37 لسنة 2015 والتي "تحظر على الإدارات وأصحاب العمل تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلا على إجازة العمل التي تصدرها الوزارة". وتوجد في محافظات (إربيل، دهوك، والسليمانية) 40 شركة مجازة رسمياً، تمارس عملها باستقدام العمالة الأجنبية، وفقاً لشروط وضوابط وضعتها الوزارة حسبما كشفه المدير العام في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إقليم كردستان، عارف حيتو لـ"العربي الجديد".
وتشترط الوزارة تقديم الشركة المعنية طلباً يتضمن أسماء وأعمار العمالة التي يراد استقدامها، ويجري ذلك وفق عقد موقع بين الشركة والعامل الأجنبي مدته عامان، بالإضافة إلى خضوع العامل لفحوصات طبية تؤكد سلامته من أية أمراض انتقالية في بلده، ومن ثم يفحص في الإقليم قبل التحاقه بالعمل كما يقول حيتو، مشيراً إلى أن الشركة المستقدمة تتكفل بالعامل منذ وصوله وحتى عودته إلى بلده، وتتعهد بعدم خروجه من الحدود الإدارية للإقليم. لكن كيف وصلت فرح وصوفيا إلى محافظة السليمانية ومن ثم إلى بغداد؟ تجيب صوفيا، أن الاتفاق الذي جرى بين مكتب تشغيل العمالة التنزانية في العاصمة دودوما، والمهرب مصطفى، قضى بأن ندخل إلى محافظة السليمانية كسائحتين قادمتين من تنزانيا في الرابع من يناير/كانون الثاني 2018، ثم تم تهريبنا إلى بغداد بعد يومين من وصولنا إلى السليمانية مع ست عاملات أخريات، بواسطة حافلة المهرب، في رحلة استمرت عشر ساعات، انتهت بتسليمهن لشخص في بغداد يدعى يوسف مقابل الحصول على 500 دولار عن كلِّ عاملة، ليقوم الأخير بتسليم الفتيات لأرباب عملهن باعتبارهن عاملات خدمة وفق ما روته صوفيا.
ويعترف حيتو بوجود ظاهرة تهريب العمالة الأجنبية من كردستان إلى بغداد، متهما شركات غير مسجلة بالوقوف وراء عمليات التهريب، لكنه يقول: "نحن نراقب عن كثب تطورات الأوضاع وتهريب العمالة لفرض إجراءات عقابية صارمة ضد المتورطين".
اتجار بالبشر
يتقاضى المهربون مبلغاً يتراوح بين 500 دولار و1000 دولار عن كل عامل/ة يتم تهريبه/ا وإدخاله/ا إلى بغداد، وفق تأكيد المتحدث الرسمي باسم المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر أحمد هادي، فيما يتقاضى أصحاب مكاتب العمل مبلغا يتراوح بين 3500 دولار و5000 دولار حسب جنسية ومهاراة العاملة، كما يتعهد من يذهبون للعمل في بيته بدفع أجر للعامل أو العاملة، وفق ما أوضحه لـ"العربي الجديد" مصطفى هذال الذي يدير أحد مكاتب العمالة الأجنبية في حي البياع غربي بغداد، لافتا إلى أن الأسعار واحدة لكن اجراءات توظيف العامل الأجنبي لا تتم وفق عقد رسمي لعدم امتلاك من يتم تهريبهم من كردستان وثائق رسمية وموافقات حكومية.
وتندرج العملية السابقة من تهريب وتوظيف بعقود وهمية ضمن حالات الاتجار بالبشر، بحسب تأكيد الخبير القانوني علي التميمي والذي قال لـ"العربي الجديد" إن ما يحدث من تهريب هو بيع وشراء للعمالة الأجنببية خارج إطار القانون"، لافتاً إلى أن المتورطين يخضعون لعقوبة تحددها الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012، التي تنص على أنه "يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار عراقي، (توازي 4201 دولار أميركي)، ولا تزيد على عشرة ملايين دينار (توازي 8402 دولار)، كل من ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 1 من هذا القانون والتي تضمنت: "يقصد بالاتجار بالبشر لأغراض هذا القانون، تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بوساطة التهديد بالقوة، أو استعمالها، أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر (..)".
وتنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على أن "تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد عن 15 سنة، وبغرامة لا تزيد عن 10 ملاين دينار عراقي كل من ارتكب جريمة الاتجار باستخدام احدى الوسائل الآتية: (أ) استخدام أي شكل من أشكال الإكراه، كالابتزاز أو التهديد، أو حجز وثائق السفر أو المستمسكات الرسمية، (ب) استخدام أساليب احتيالية لخداع الضحايا أو التغرير بهم وإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو منافع للحصول على موافقة من له السلطة أو الولاية عليهم". لكن التميمي، يعتقد أن القضاء يواجه صعوبة في تطبيق القانون في مثل هذه الظواهر، لأن القصد الجنائي لا يمكن إثباته في الجريمة بشكل سهل، مطالبا في الوقت نفسه السلطات القضائية بالتشديد من إجراءاتها لوقف الظاهرة.
إقرار حكومي بالظاهرة
تؤكد عضو اللجنة المركزية العليا لمكافحة الاتجار بالبشر فاتن الحلفي لـ"العربي الجديد" أن الفرق الرصدية في مكتب مفوضية حقوق الإنسان وثقت خلال المدة من ديسمبر/كانون الأول 2018 وحتى مارس/آذار الماضي، 47 انتهاكا متنوعا بحق عدد من أفراد العمالة الأجنبية جميعها تتنافى ومبادئ حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن هذا العدد قليل قياساً بأعداد العمالة الأجنبية الموجودة في العراق، كون أغلبهم لا يخبرون عن وقوع الانتهاكات خشية ترحيلهم، لافتة إلى وجود 250 ألف عامل أجنبي في العراق دخلوا إلى البلاد بطريقة غير شرعية، مشيرة إلى أن السلطات العراقية تفتقر للسيطرة بشكل مطلق على المنافذ الداخلية والخارجية للحدِّ من ظاهرة الاتجار بالعمالة بسبب وجود المفسدين والمتنفذين الذين يسهلون دخول العمال الأجانب بالاتفاق مع سماسرة تهريب، فضلاً عن أن جزءاً كبيراً من هؤلاء يدخلون إلى البلاد عبر تأشيرات سياحية.
وتتطابق إفادة الحلفي مع المعلومات التي تضمنها تقرير المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر الصادر في يناير/كانون الثاني 2018، والذي وثق عمليات تهريب العمالة الأجنبية والاتجار بها، عبر شبكتين للاتجار بالبشر تعملان في إدخال العمالة الأجنبية (ذكورا وإناثا) من أوغندا وتنزانيا والهند وبنغلاديش إلى إقليم كردستان، ومن ثم تهريبهم إلى بغداد بطرق غير شرعية.
وتصدرت بغداد جرائم الاتجار بالبشر في العراق بنسبة 50% وفقا لآخر إحصائية أصدرها مجلس القضاء الأعلى في 17 سبتمبر/أيلول 2017. وتكشف عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية النائبة يسرى رجب، عن وجود 90 مكتبا وهميا، يقوم ببيع وتشغيل العمالة الأجنبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي توصلوا إليها عبر مكاتب تابعة لوزارة حقوق الإنسان منتشرة في المحافظات ومن خلال التنسيق مع منظمات حقوقية عاملة في العراق. وتتابع رجب: "تلك المكاتب تديرها مافيات وعصابات منظمة، تقف وراء عمليات الاتجار بالعمالة الأجنبية"، موضحة أن الدوائر الأمنية تتعقب بشكل متواصل تلك المكاتب بهدف إغلاقها، وإلقاء القبض على من يديرونها، لكنها تطالب الحكومة العراقية بتكثيف إجراءاتها وتشكيل فرق جوالة مهمتها رصد الخروقات التي جعلت العراق أرضاً خصبة للاتجار بالبشر.
في المقابل، فإن عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية علي البياتي يرى أن هناك ضعفا في دور الأجهزة الأمنية في مكافحة مثل هذه الظواهر، ما تسبب في تناميها في ظل رفض العمال مغادرة البلاد بعد انتهاء مدة اقامتهم كما يقول لـ"العربي الجديد".
وفي الوقت الذي تقر وزارة الداخلية العراقية بالظاهرة، يؤكد العقيد في اللجنة المركزية العليا لمكافحة الاتجار بالبشر عبد المنعم الحسني لـ"العربي الجديد" أن عدد الذين أُلقى القبض عليهم بدعوى المتاجرة بالبشر منذ يونيو/حزيران 2018 إلى فبراير/ شباط 2019 بلغ 123 متهماً، بينهم 7 متهمين بتجارة العمالة الأجنبية بطريقة غير رسمية. لكن تهريب العمالة الأجنبية من كردستان إلى بغداد، ما زال مستمرا بحسب هادي، ويحصل عبر شبكات منظمة لديها اتفاقات مشبوهة مع جهات متنفذة في الدولة العراقية، وهو ما يؤكده عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية نايف الشمري، لـ"العربي الجديد"، قائلا: "توجد إمكانية لإدراج العراق أممياً على ما يعرف بالقائمة السوداء، إذا استمر بعدم الامتثال في تطبيق بنود قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي أقره مجلس النواب العراقي في العام 2012".
ساعد عاملون في السفارة الفتاتين، عبر مؤسسة حرية المرأة (منظمة غير حكومية متخصصة في الدفاع عن حقوق المرأة بالعراق) وفق رواية صوفيا لـ"العربي الجديد"، والتي ذكرت أن تعرضهما للتعنيف والضرب المبرح وزيادة ساعات العمل وتخفيض الراتب من 400 دولار شهريا إلى 200 دولار، جعلتهما يحسمان أمرهما للهروب.
التهريب من كردستان إلى بغداد
وثق معد التحقيق على مدار شهرين، 8 قصص لعاملات من تنزانيا وبنغلاديش وكينيا، تم تهريبهن إلى بغداد من إقليم كردستان بواسطة شركات عمالة وهمية غير مسجلة، وهو ما حصل مع صوفيا وفرح، اللتين هُربتا من السليمانية ونقلتا للعمل بشكل غير شرعي في بغداد، بالمخالفة لنص المادة 30 من قانون العمل العراقي النافذ رقم 37 لسنة 2015 والتي "تحظر على الإدارات وأصحاب العمل تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلا على إجازة العمل التي تصدرها الوزارة". وتوجد في محافظات (إربيل، دهوك، والسليمانية) 40 شركة مجازة رسمياً، تمارس عملها باستقدام العمالة الأجنبية، وفقاً لشروط وضوابط وضعتها الوزارة حسبما كشفه المدير العام في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إقليم كردستان، عارف حيتو لـ"العربي الجديد".
وتشترط الوزارة تقديم الشركة المعنية طلباً يتضمن أسماء وأعمار العمالة التي يراد استقدامها، ويجري ذلك وفق عقد موقع بين الشركة والعامل الأجنبي مدته عامان، بالإضافة إلى خضوع العامل لفحوصات طبية تؤكد سلامته من أية أمراض انتقالية في بلده، ومن ثم يفحص في الإقليم قبل التحاقه بالعمل كما يقول حيتو، مشيراً إلى أن الشركة المستقدمة تتكفل بالعامل منذ وصوله وحتى عودته إلى بلده، وتتعهد بعدم خروجه من الحدود الإدارية للإقليم. لكن كيف وصلت فرح وصوفيا إلى محافظة السليمانية ومن ثم إلى بغداد؟ تجيب صوفيا، أن الاتفاق الذي جرى بين مكتب تشغيل العمالة التنزانية في العاصمة دودوما، والمهرب مصطفى، قضى بأن ندخل إلى محافظة السليمانية كسائحتين قادمتين من تنزانيا في الرابع من يناير/كانون الثاني 2018، ثم تم تهريبنا إلى بغداد بعد يومين من وصولنا إلى السليمانية مع ست عاملات أخريات، بواسطة حافلة المهرب، في رحلة استمرت عشر ساعات، انتهت بتسليمهن لشخص في بغداد يدعى يوسف مقابل الحصول على 500 دولار عن كلِّ عاملة، ليقوم الأخير بتسليم الفتيات لأرباب عملهن باعتبارهن عاملات خدمة وفق ما روته صوفيا.
ويعترف حيتو بوجود ظاهرة تهريب العمالة الأجنبية من كردستان إلى بغداد، متهما شركات غير مسجلة بالوقوف وراء عمليات التهريب، لكنه يقول: "نحن نراقب عن كثب تطورات الأوضاع وتهريب العمالة لفرض إجراءات عقابية صارمة ضد المتورطين".
اتجار بالبشر
يتقاضى المهربون مبلغاً يتراوح بين 500 دولار و1000 دولار عن كل عامل/ة يتم تهريبه/ا وإدخاله/ا إلى بغداد، وفق تأكيد المتحدث الرسمي باسم المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر أحمد هادي، فيما يتقاضى أصحاب مكاتب العمل مبلغا يتراوح بين 3500 دولار و5000 دولار حسب جنسية ومهاراة العاملة، كما يتعهد من يذهبون للعمل في بيته بدفع أجر للعامل أو العاملة، وفق ما أوضحه لـ"العربي الجديد" مصطفى هذال الذي يدير أحد مكاتب العمالة الأجنبية في حي البياع غربي بغداد، لافتا إلى أن الأسعار واحدة لكن اجراءات توظيف العامل الأجنبي لا تتم وفق عقد رسمي لعدم امتلاك من يتم تهريبهم من كردستان وثائق رسمية وموافقات حكومية.
وتندرج العملية السابقة من تهريب وتوظيف بعقود وهمية ضمن حالات الاتجار بالبشر، بحسب تأكيد الخبير القانوني علي التميمي والذي قال لـ"العربي الجديد" إن ما يحدث من تهريب هو بيع وشراء للعمالة الأجنببية خارج إطار القانون"، لافتاً إلى أن المتورطين يخضعون لعقوبة تحددها الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012، التي تنص على أنه "يعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار عراقي، (توازي 4201 دولار أميركي)، ولا تزيد على عشرة ملايين دينار (توازي 8402 دولار)، كل من ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 1 من هذا القانون والتي تضمنت: "يقصد بالاتجار بالبشر لأغراض هذا القانون، تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بوساطة التهديد بالقوة، أو استعمالها، أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر (..)".
وتنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر على أن "تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد عن 15 سنة، وبغرامة لا تزيد عن 10 ملاين دينار عراقي كل من ارتكب جريمة الاتجار باستخدام احدى الوسائل الآتية: (أ) استخدام أي شكل من أشكال الإكراه، كالابتزاز أو التهديد، أو حجز وثائق السفر أو المستمسكات الرسمية، (ب) استخدام أساليب احتيالية لخداع الضحايا أو التغرير بهم وإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو منافع للحصول على موافقة من له السلطة أو الولاية عليهم". لكن التميمي، يعتقد أن القضاء يواجه صعوبة في تطبيق القانون في مثل هذه الظواهر، لأن القصد الجنائي لا يمكن إثباته في الجريمة بشكل سهل، مطالبا في الوقت نفسه السلطات القضائية بالتشديد من إجراءاتها لوقف الظاهرة.
إقرار حكومي بالظاهرة
تؤكد عضو اللجنة المركزية العليا لمكافحة الاتجار بالبشر فاتن الحلفي لـ"العربي الجديد" أن الفرق الرصدية في مكتب مفوضية حقوق الإنسان وثقت خلال المدة من ديسمبر/كانون الأول 2018 وحتى مارس/آذار الماضي، 47 انتهاكا متنوعا بحق عدد من أفراد العمالة الأجنبية جميعها تتنافى ومبادئ حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن هذا العدد قليل قياساً بأعداد العمالة الأجنبية الموجودة في العراق، كون أغلبهم لا يخبرون عن وقوع الانتهاكات خشية ترحيلهم، لافتة إلى وجود 250 ألف عامل أجنبي في العراق دخلوا إلى البلاد بطريقة غير شرعية، مشيرة إلى أن السلطات العراقية تفتقر للسيطرة بشكل مطلق على المنافذ الداخلية والخارجية للحدِّ من ظاهرة الاتجار بالعمالة بسبب وجود المفسدين والمتنفذين الذين يسهلون دخول العمال الأجانب بالاتفاق مع سماسرة تهريب، فضلاً عن أن جزءاً كبيراً من هؤلاء يدخلون إلى البلاد عبر تأشيرات سياحية.
وتتطابق إفادة الحلفي مع المعلومات التي تضمنها تقرير المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر الصادر في يناير/كانون الثاني 2018، والذي وثق عمليات تهريب العمالة الأجنبية والاتجار بها، عبر شبكتين للاتجار بالبشر تعملان في إدخال العمالة الأجنبية (ذكورا وإناثا) من أوغندا وتنزانيا والهند وبنغلاديش إلى إقليم كردستان، ومن ثم تهريبهم إلى بغداد بطرق غير شرعية.
وتصدرت بغداد جرائم الاتجار بالبشر في العراق بنسبة 50% وفقا لآخر إحصائية أصدرها مجلس القضاء الأعلى في 17 سبتمبر/أيلول 2017. وتكشف عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية النائبة يسرى رجب، عن وجود 90 مكتبا وهميا، يقوم ببيع وتشغيل العمالة الأجنبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي توصلوا إليها عبر مكاتب تابعة لوزارة حقوق الإنسان منتشرة في المحافظات ومن خلال التنسيق مع منظمات حقوقية عاملة في العراق. وتتابع رجب: "تلك المكاتب تديرها مافيات وعصابات منظمة، تقف وراء عمليات الاتجار بالعمالة الأجنبية"، موضحة أن الدوائر الأمنية تتعقب بشكل متواصل تلك المكاتب بهدف إغلاقها، وإلقاء القبض على من يديرونها، لكنها تطالب الحكومة العراقية بتكثيف إجراءاتها وتشكيل فرق جوالة مهمتها رصد الخروقات التي جعلت العراق أرضاً خصبة للاتجار بالبشر.
في المقابل، فإن عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية علي البياتي يرى أن هناك ضعفا في دور الأجهزة الأمنية في مكافحة مثل هذه الظواهر، ما تسبب في تناميها في ظل رفض العمال مغادرة البلاد بعد انتهاء مدة اقامتهم كما يقول لـ"العربي الجديد".
وفي الوقت الذي تقر وزارة الداخلية العراقية بالظاهرة، يؤكد العقيد في اللجنة المركزية العليا لمكافحة الاتجار بالبشر عبد المنعم الحسني لـ"العربي الجديد" أن عدد الذين أُلقى القبض عليهم بدعوى المتاجرة بالبشر منذ يونيو/حزيران 2018 إلى فبراير/ شباط 2019 بلغ 123 متهماً، بينهم 7 متهمين بتجارة العمالة الأجنبية بطريقة غير رسمية. لكن تهريب العمالة الأجنبية من كردستان إلى بغداد، ما زال مستمرا بحسب هادي، ويحصل عبر شبكات منظمة لديها اتفاقات مشبوهة مع جهات متنفذة في الدولة العراقية، وهو ما يؤكده عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية نايف الشمري، لـ"العربي الجديد"، قائلا: "توجد إمكانية لإدراج العراق أممياً على ما يعرف بالقائمة السوداء، إذا استمر بعدم الامتثال في تطبيق بنود قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي أقره مجلس النواب العراقي في العام 2012".